سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شرودر دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى التطبيق الفوري للمرحلة الأولى من خطة ميتشل . شيراك يطلب من شارون العدول عن اضعاف عرفات وتحديد منظور سياسي للخروج من الأزمة الحالية
استقبل الرئيس الفرنسي جاك شيراك في باريس أمس رئيس الحكومة الإسرائيلية ارييل شارون وأجرى معه محادثات أبلغه خلالها بضرورة العدول عما من شأنه أن يضعف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والسعي إلى تحديد منظور سياسي للخروج من الأزمة، لأن السلام هو الكفيل بضمان الأمن. وكان شارون وصل إلى باريس، آتياً من برلين، غداة القرار الذي اتخذته إسرائيل بتوسيع دائرة الاغتيالات ضد الفلسطينيين. وقال مصدر فرنسي مطلع ل"الحياة" إن فرنسا، بمعزل عن التطورات الآنية على الأرض، استغلت الزيارة لتبلغ شارون أن العلاقات الفرنسية الجيدة مع العالم العربي والإسلامي لا تتنافى مع علاقات جيدة مع إسرائيل. وأضاف ان مثل هذه العلاقات تسمح على العكس بنقل رسائل للأطراف المختلفة، وتسمح لفرنسا بتدعيم وجهة نظرها ازاء الأمور المختلفة لدى هذا الطرف أو ذاك. وذكر أن الزيارة شكلت مناسبة "لنقول خلالها لشارون ان عرفات هو شريك إسرائيل في السلام، وان كل ما يضعفه ويقوض سلطته يصب في خانة أعداء السلام وأعداء إسرائيل". وتابع المصدر ان شيراك أعاد تذكير شارون بأن فرنسا تدين الارهاب وتحرص على أمن إسرائيل، وأن تقرير لجنة ميتشل الذي وافق عليه المجتمع الدولي، يشكل في الوقت الراهن الأداة الصالحة للخروج من المأزق. ومضى يقول إن الجانب الفرنسي أعاد التذكير أيضاً، بأنه لا بد، وراء الاجراءات الآنية، من تحديد منظور سياسي، لأن السلام وحده كفيل بضمان الأمن. وعما إذا كانت زيارة شارون شكلت محطة جديدة في إطار العلاقات الإسرائيلية - الفرنسية الصعبة والمعقدة، اكتفى المصدر بالقول إنه هذا هو الاتصال الأول الذي يجري بين شيراك وضيفه شارون منذ ترؤسه الحكومة الإسرائيلية، وانه "ليس بإدارة الظهر وعدم استقبال الأشخاص سنكون قادرين على نقل رسائلنا ومواقفنا. نحن طالما اعتبرنا أن موقفنا متوازن ويجعلنا قادرين على التحدث إلى الأطراف المختلفة". وأشار إلى أنه إذا أراد شارون أن يستغل الزيارة بطريقة خاصة به "فهذا ليس شأننا فنحن معنيون فقط بالمواقف التي نرغب بابلاغه بها ونأمل باصغائه إليها". وذكر أن هذه المواقف لا تقتصر على الوضع القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل تشمل أيضاً المسارين السوري - الإسرائيلي واللبناني - الإسرائيلي. وعما إذا كان الوقت لم يحن لتلتزم فرنسا ما أعلنته لدى انتخاب شارون، وهو أنها لن تحكم على شخصه وإنما على أفعاله، أجاب المصدر بأن السلطات الفرنسية سبق أن حددت مجموعة مواقف، خصوصاً بالنسبة إلى ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية في مجال الاستيطان الذي دانته واعتبرت أن تجميده يشكل الموضوع الأساسي والأكثر حساسية في المرحلة الراهنة. وزاد أن فرنسا دانت أيضاً سياسة الحصار والاغلاق على المناطق الفلسطينية، وأيضاً عمليات التدمير المنهجي التي تشهدها. ومن المقرر أن يعقد شارون صباح اليوم الجمعة جلسة محادثات مع رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان. في غضون ذلك، توالت تحركات ومواقف التنديد بهذه الزيارة، فالتظاهرة التي شهدتها باريس أمس بدعوة من أكثر من 30 حزباً ومنظمة وجمعية، انتقدت استقبال فرنسا لشخص تطغى على سيرته المجازر والانتهاكات المتنوعة للقرارات الدولية. وطلبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" للدفاع عن حقوق الإنسان، فتح تحقيق جنائي حول مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا في لبنان سنة 1982 لتحديد مسؤولية شارون عنها، كونه كان في حينه وزيراً للدفاع في إسرائيل. ودعت المنظمة السلطات الفرنسية إلى حث شارون على التعاون مع هذا التحقيق. ورأى الرئيس الفخري للفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان باتريك بودوان من جانبه، ان من الصعب عدم التوقف أمام مسؤولية شارون في ما يخص مجازر صبرا وشاتيلا، في وقت يجري التركيز على العدالة الدولية وغياب الحصانة لمرتكبي المجازر. من جهة اخرى، أ ف ب، اعتبر المستشار الالماني غيرهارد شرودر أمس في ختام لقائه مع شارون في برلين انه يجب "حتما" العمل على "التطبيق الفوري" للمرحلة الاولى من خطة ميتشل ونصح باعتماد المزيد من "المرونة" حول مسألة المستوطنات. وقال شرودر خلال مؤتمر صحافي مشترك مع شارون الذي بدأ في برلين زيارتين خاطفتين الى المانياوفرنسا: "يجب حتماً المضي في التطبيق الفوري للمرحلة الاولى من خطة ميتشل". واضاف: "لقد اقرينا معاً بأن خطة ميتشل تشكل اداة جيدة من أجل السلام". من جهة اخرى قال: "نحن ننصح باعتماد المزيد من المرونة حول مسألة المستوطنات لكن ليس بوسعنا سوى تقديم النصح"، مؤكداً أن "اساس كل جهود السلام في الشرق الاوسط يجب ان يكون الاعتراف بحق الشعوب بأن تتولى ادارة شؤونها، ووجود اسرائيل الذي لا يمس". وأكد شارون من جهته انه "قد يكون لألمانيا دور خاص في الشرق الاوسط بسبب موقفها المتوازن ازاء مختلف الاطراف" وأعلن انه "يطلب بسرور مساعدة المانيا في مفاوضات السلام في اطار المعقول". وأعلن ان اسرائيل مستعدة "للقيام بتنازلات مؤلمة" من أجل السلام، مذكراً في الوقت نفسه بأن "الوقف التام لاطلاق النار هو الشرط" اللازم لتطبيق خطة ميتشل في الشرق الاوسط. وقال: "أمام الرعب، ليس هناك من تسوية". وصرح وزير الخارجية البلجيكي لويس ميشال لوكالة "فرانس برس" انه "لا يؤيد على الاطلاق" ملاحقة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون قضائيا وذلك عقب اللقاء القصير الذي جمعهما امس في برلين. ورداً على سؤال حول ما اذا كان يؤيد ملاحقة شارون قضائياً، قال: "أبداً، وفي جميع الاحوال ذلك ليس اختصاصي". واضاف ميشال: "لقد اتيت الى هنا للتحدث الى رئيس الوزراء" الاسرائيلي. وكان شارون صرح صباحا على متن الطائرة التي اقلته الى برلين: "لقد طلب الوزير البلجيكي لقائي فوافقت".