الروائي الياباني هاروكي موراكامي لم يدخل دائرة القراءة العربية بعد. يمكن البحث عن اعذار لدُور النشر وللمترجمين. لكن هذا لا يكفي. في العالم روايات لا بد من ترجمتها الى اللغة العربية. وموراكامي مؤلف حفنة من تلك الروايات. روايته الثالثة "المطاردة البرية للخروف" 1981 حصدت جائزة "نوما" وأطلقت اسمه في اليابان. لم يكن بلغ الثانية والثلاثين بعد، لكنه منذ تلك اللحظة تفرغ للكتابة. قبل هذه الرواية نشر روايتين عاديتين. لكنه كان يتمرن. يطور اسلوبه الخاص في كتابة اللغة اليابانية. اعتاد ان يكتب بالانكليزية ثم يترجم ما كتبه الى لغة بلاده. أراد ان يكتب بلغة جديدة. جملة قصيرة ومباشرة وعبارة تخلو من الكليشيهات. بعد "المطاردة البرية للخروف" انصرف ثلاث سنوات الى ترجمة روايات اميركية تهمّه، الى اليابانية. ترجم جون ايرفينغ، وسكوت فيتزجيرالد، وبول تيرو، وريموند كارفر، وتيم اوبراين، وترومان كابوت. الأقرب بين هؤلاء إليه هو ريموند كارفر. تأثيره واضح في "المطاردة البرية للخروف"، خصوصاً في الفصل الثاني او الفصل الأول بعد المدخل، وفي وصف اللحظات المتوترة بين الراوي والزوجة التي تغادره وتغادر البيت وتغادر حياتها السابقة: جلسة الحوار في المطبخ، مع كوب القهوة أو المشروب الكحولي، مشهد منزوع من عشرات القصص القصيرة التي كتبها كارفر 1938- 1988. وموراكامي صريح في الاعتراف بدينه، ذلك ان الراوي يبحث عن آثار تركتها الزوجة في الشقة، ولا يجد شيئاً، فيتذكر قصة قرأها قبل فترة: في تلك القصة - وقارئ كارفر يعرفها - تترك الزوجة للرجل الذي تهجره شالاً على كرسي. بعد عقد تقريباً، في 1990، نشرت دار كورنشا اليابانية ترجمة هاروكي موراكامي الكاملة لقصص ريموند كارفر، في ثمانية مجلدات. عام 1985 نشرت روايته الرابعة: "بلاد العجائب ونهاية العالم"، فنال عنها جائزة تانيزاكي، اهم جائزة ادبية في اليابان. رواية هي مزيج من التأمل الفلسفي والمغامرة البوليسية والخيال العلمي ترجمها الفرد برنبام الى الإنكليزية عام 1991. أحداث الرواية تجري على مستويين. الفصول المفردة الرقم تروي مغامرات الراوي في طوكيو المستقبل. رجل يعمل في ميدان المعلومات، بشريحة إلكترونية مزروعة في دماغه يستطيع الاحتفاظ بمعلومات سرية ونقلها الى زبائنه حين يطلبونها. في طوكيو عصابات تطارد امثاله لسرقة المعلومات من رؤوسهم. وهو يحاول الاتصال بعالم اختفى تحت الأرض وبحوزته سر يتعلق بحياته. اما الفصول الأخرى فتروي مغامرات رجل في بلدة غير عادية: بلدة مسوّرة، يرعى فيها وحيد القرن الخُرافي، وأهلها يعيشون من دون ظلالهم. في نصف الرواية نكتشف ان الراوي في الفصول المفردة مهدد بالموت. نكتشف أيضاً ان البلدة الغريبة بلدة السور الدائري ووحيد القرن الخرافي هي بلدة في رأسه، في دماغه، وأنه - بعد موته في هذا العالم، في طوكيو المستقبل - سوف ينتقل الى هناك، والى البلدة المسوّرة، للعيش الى الأبد من دون ظلّه. هذا موجز الرواية. لكنه لا يعني شيئاً. لا يمكن الواحد ان يصف جمال لوحة. الأمر ذاته يصح مع هذه الرواية. وصف البلدة والطبيعة وأهلها. أو وصف حياة الراوي بتفاصيلها اليومية في شوارع طوكيو وأنفاقها. وتلك الحوارات الفائقة الحيوية بين الراوي ونساء حياته. أو بين الراوي وظلّه. قرينان يتحدثان عن كل شيء. والقارئ يصدق كل ذلك ببساطة. قوة السرد التي لا تقاوم. جائزة تانيزاكي جلبت الشهرة إليه. لكنه لن يتحول نجماً و"ظاهرة" يابانية إلا بعد عامين. خلال هذين العامين يسافر متجولاً في اوروبا مع زوجته. يعيش في اليونان فترة، وفي ايطاليا فترة اخرى. كان كتب "نهاية العالم" - وهذا عنوان الرواية كما ظهرت في الترجمة الفرنسية - خلال اربعة اشهر وحسب، كما روى في ما بعد لأحد مترجمي رواياته الى الإنكليزية جاي روبن. في اربعة اشهر فقط كتب رواية معقدة وصعبة وطويلة. وخلال عامين سافر وترجم المزيد من الأدب الأميركي الى اليابانية. وفي 1987 صنع مجده: رواية "غابة نروجية" صدرت في مجلدين وباعت خلال سنتين من تاريخ صدورها مليوني نسخة أربعة ملايين مجلد. في "غابة نروجية" لم يذهب الى حقول رواياته السابقة. تلك الحقول الخيالية. في "المطاردة البرية للخروف" كتب عن خروف يسكن رجلاً، يقيم في اعماقه، كما اقام مستر هايد في اعماق الدكتور جاكل. رواية السكوتلندي روبرت لويس ستيفنسون الصادرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وفي "بلاد العجائب ونهاية العالم" صنع اساطير مركبة من حكايات قديمة وحيد القرن الخُرافي وأخرى مستقبلية. اما في "غابة نروجية" فكتب رواية مخادعة: رواية كأنها سيرة ذاتية. قصة حب غير تقليدية لكنها مكتوبة بوفاء شديد للأسلوب الواقعي الكلاسيكي في السرد. تُرجمت "غابة نروجية" الى الإنكليزية مرتين، في المرة الأولى ترجمها الفرد برنبام، لتوزيع داخل اليابان من اجل طلاب جامعيين يدرسون الترجمة ونفدت تلك الطبعات سريعاً. أخيراً ظهرت في الأسواق الأميركية والإنكليزية عن "فانتج" التابعة لراندوم هاوس، وعن "هارفيل" في لندن ترجمة جديدة للرواية بتوقيع جاي روبن. قبل ذلك بسنوات صدرت الترجمة الفرنسية تحت عنوان "أنشودة المستحيل". "غابة نروجية" والعنوان مأخوذ من اغنية البيتلز يرويها رجل في السابعة والثلاثين يتذكر حكايات غرامية من ايام دراسته الجامعية حين كان في العشرين. تورو واتانابي يتذكر. ومن ذكرياته يخرج عالم كامل. اليابان اواخر الستينات ومطلع السبعينات. جامعة، وحياة، ومصح في جبل قريب من كيوتو. بين طوكيو وكيوتو، في الهيكاري سوبر اكسبرس، يفكر واتانابي في حياته، في صديقه كيزوكي الذي قتل نفسه، وفي صديقته ميدوري التي يحتضر ابوها، وفي حبيبة صديقه ناووكو التي تنتظره في مصح بين التلال. هذه الرحلة في القطار السريع ترد القارئ عفوياً الى بدايات الرواية، حين كانت الطائرة ال747 تهبط في هامبورغ، وموسيقى البيتلز تخرج من المذياع، قاذفة الراوي الى الماضي والذكريات. الفرد برنبام ترجم الفصل الأول في صيغة المضارع. جاي روبن ترجم الفصل المذكور في صيغة الماضي. ترجمة برنبام اعمق وقوعاً في نفس القارئ. ما يقوله برنبام تقوله المجرية اغوتا كريستوف في ثلاثيتها الروائية، حين تكتب قصصها في صيغة المضارع: الحياة تحدث الآن، لكن الماضي - هو أيضاً - يحدث الآن. الماضي لا يمضي. هذه وجهة نظر. يمكن ايضاً القول ان ترجمة برنبام اشد وقوعاً في نفس القارئ لأنها تقيم حداً بين زمنين: بين الراوي في السابعة والثلاثين، والراوي قبل سبعة عشر عاماً. هذه وجهة نظر معاكسة، لكنها ايضاً تصب في مصلحة برنبام. علاقات واتانابي بشخصيات الرواية تحرك احداثها. السرد بسيط ويجري كنهر. من الجامعة الى الشوارع والمطاعم والمشارب في طوكيو، الى المصح والطبيعة الساحرة في كيوتو. ميدوري تسافر مرة الى نارا، وتحكي عن المعابد البوذية القديمة وعن حدائق الغزلان. وهي طبيعة تجذب موراكامي ونجد انعكاسها الروائي الخيالي في البلدة المسوَّرة في "بلاد العجائب ونهاية العالم". تتكرر الإشارات الى فيتزجيرالد والأدب الأميركي لكن الإشارات الأهم هي الى التراجيديا اليونانية. درس موراكامي المسرح في الجامعة، وهو في هذا يذكر ببطل روايته، واتانابي. شخصيات "غابة نروجية" يذهبون الى نهايات تراجيدية. كيزوكي. وناووكو. وصديقة ناساغاوا، زميل واتانابي في الجامعة والسكن الجامعي. الفقرات التي تصف حياتها في زمن متقدم على زمن الرواية تتفوق تقنياً على معظم ما كتبه أسلاف موراكامي: من كاواباتا الى ميشيما وكينزابوري اوي. موراكامي يصنع معجزته في حفنة سطور: في سانتا - في، والغروب يلون العالم بالأحمر يلوّن يده، يلون الطبق على الطاولة، يلون الجدران، بعد سنوات من زمن الرواية والأحداث، يتذكر واتانابي تلك الفتاة ويدرك سرها: كانت تخلق في اعماقه، ومن دون ان ينتبه، احساساً نسيه، إحساساً من زمن الطفولة البائد، احساساً مات، أو دُفن. ناووكو ايضاً تقتل نفسها. كما فعلت اختها قبلها. وينتهي الأمر بواتانابي الى ضياع في اليابان الواسعة. ضياع لن تنقذه منه إلا ميدوري. والخاتمة تترك مفتوحة. واتانابي يتصل هاتفياً بميدوري، وميدوري تسأله اين هو، وهو ينظر الى الناس يتحركون حوله حول علبة الهاتف، ولا يعرف اين يقف. بعد سنة واحدة من "غابة نروجية"، ومن العاصفة التي خلّفتها في المكتبات اليابانية، نشر موراكامي روايته السادسة: "ارقصْ ارقصْ ارقصْ" 1988. تتمة مبتكرة لروايته "المطاردة البرية للخروف" 1981. الرجل الخروف يظهر من جديد. والراوي القديم - صديق "الجرذ" - يظهر . رحلة بحث جديدة. وهذه المرة عن "فندق الدلفين" والمرأة التي اختفت في الفصول الأخيرة من "المطاردة البرية للخروف". خلال ثمانية اشهر من صدورها تبيع رواية "ارقصْ ارقصْ ارقصْ" مليون نسخة في اللغة اليابانية. صدرت ترجمتها الإنكليزية عام 1993، بتوقيع الفرد برنبام. رواية مغامرات تشنّ هجوماً شرساً على مجتمع اليابان الرأسمالي المتطور. الراوي يجد نفسه مدفوعاً الى فضاء بوليسي.الحبكة جريمة: تخنق بائعة هوى، وتعثر الشرطة على بطاقة الراوي اسمه ورقم هاتفه في جيبها. إذا ذهبت سائحاً الى طوكيو تجد الفتيات واقفات عند زوايا الشوارع كل ليلة يوزعن بطاقات اندية خاصة. يكتب موراكامي عن هذه الأندية. عن دعارة انيقة تنظم في شيبويا وشينجوكو. وعن فروع لهذه الأندية في اقطار العالم. الزبون الثري المقيم في "شيناغاوا برنس" يستطيع باتصال هاتفي ان يقدم لصديق، أو لشريك عمل، فتاة هوى، هدية، اينما وجد هذا الصديق: في هاواي مثلاً، أو حتى في الجانب الآخر من الكوكب، في مانهاتن. صورة من صور العولمة. والشرطة تبحث عن مرتكبي الجرائم حتى لحظة الاصطدام برجال سياسة يؤمنون الغطاء "القانوني" لهذه الأندية. بعد "ارقصْ ارقصْ ارقصْ" نشر مجموعة قصصية: "الفيل يختفي". في المجموعة اشارتان طريفتان: إشارة الى غابرييل غارسيا ماركيز. وأخرى إلى الحرب في بيروت. هناك قزم، في قصة خيالية، يقرأ كتاباً لماركيز قبل ذهابه الى المصنع حيث يعمل. وهناك رجل، في قصة اخرى، يحب ان يوقد النيران في الاسطبلات المهجورة وسط الأرياف، ونعرف من حوار بين صديقته وأخيها الراوي انه سافر الى معظم عواصم العالم، وعبر في بيروت خلال الحرب. ثم جاءت التسعينات. ومع التسعينات ابتعد موراكامي من بلاده. حكاية البُعد هذه مخادعة بعض الشيء. بعد النجومية التي سقطت على رأسه سنة 1987، وجد موراكامي نفسه مطارداً من وسائل الإعلام والمعجبين والمعجبات. جاي روبن يروي في مقالة عن الكاتب في "موسوعة السِير الأدبية" التي تصدرها جامعة ييل، ان الفتيات اليابانيات جعلن خلال تلك السنوات يلبسن الأحمر والأخضر فقط، ذلك ان مُجلدي "غابة نروجية" حملا هذين اللونين على غلافهما!. اختار موراكامي المحاصر وسط هذه المتاهة ان يفر بعيداً من طوكيو، بعيداً من كيوتو، بعيداً من اليابان. لم تكن هذه المرة الأولى. فهو كتب "غابة نروجية" مثلاً خلال اسفاره في ايطاليا واليونان. لكنه في هذه المرة اختار ان يسافر لفترة طويلة، واختار ان يسافر الى العالم الجديد: اميركا. بين 1991 و1995 عاش "كاتباً زائراً" في جامعة برنستون، ثم في كامبردج. الأسلوب الحديث في الكتابة الذي اعطاه شهرته صنع له الأعداء أيضاً. هاجمه كينزابوري أوي بصفته كاتباً لا يحمل اي التزام اجتماعي. الجيل القديم في مواجهة الجيل الجديد. في مكتبة برنستون اخذ موراكامي، من دون ان يدري، يتحضر لهجوم معاكس. كان يقرأ عن حروب شرق آسيا، وغاص في أحداث الاجتياح الياباني لمنشوريا ومنغوليا. تكلم آنذاك في حديث لمجلة Publishers weekly عن رواية يخطط لكتابتها، رواية على علاقة بتلك الأحداث وبالمجازر التي ارتكبها الجيش الياباني في القارة الآسيوية. إثر عودته الى اليابان تحرك في اتجاهين: ارسل الرواية الكبيرة التي أنهاها في اميركا الى دار النشر، وبدأ الإعداد لكتاب يراوح بين السرد القصصي والتحقيق الصحافي محوره الهجوم بالغاز الذي شن في قطارات مترو طوكيو آنذاك، وشهادات ضحايا تلك الاعتداءات. اضافة الى شهادات عناصر من المجموعة الدينية المهاجمة - "أوما" - ستضم لاحقاً الى الترجمة الإنكليزية للكتاب. رواية "يوميات العصفور الآلي" صدرت طبعتها الأولى في ثلاثة مجلدات بين 1995 و1996 رواية الحرب التي وعد قراءه ونقاده بها. وبعد سنة واحدة، في 1997، صدر كتاب الشهادات: "تحت الأرض"، مجلد في 700 صفحة. رحب النقاد بالرواية كما بمجلد الشهادات. وكُتب ان موراكامي تحول الى "ضمير جيله". نعتٌ أخلاقي يليق بأوي المهووس بالمسؤولية اليابانية عن سقوط القنبلة الذرية فوق هيروشيما. تُرجمت الرواية الى الإنكليزية، بعد حذف بعض المقاطع، وعرفت نجاحاً مماثلاً في الأسواق الأميركية. المسافة الفاصلة بين صدور الكتاب باليابانية وترجمته الى الإنكليزية لم تتجاوز السنتين. انتشار موراكامي في الغرب اخذ يتسارع. كرة الثلج انطلقت سنة 1989، مع صدور ترجمة "المطاردة البرية للخروف". "فانتج" التابعة لراندوم هاوس كانت المحرك الأساس لهذا الانتشار. الإقامة في برنستون أيضاً. مع نهاية التسعينات يبدو الأمر اوضح: رواية "جنوب الحدود، غرب الشمس" مثلاً صدرت في طوكيو سنة 1998، وتُرجمت الى الإنكليزية ونشرت في نيويورك سنة 1999. وبعدها بسنة واحدة نشر رواية اخرى "حبيبتي سبوتنيك" 1999، وقبل نهاية عام 2000 ظهرت ترجمتها الأميركية. في هاتين الروايتين رجع موراكامي الى قصص الحب الممزوجة بالعنصر الغرائبي. "جنوب الحدود، غرب الشمس" تروي قصة رجل متزوج يدير "مطعمي جاز" وتظهر في حياته بعد غياب طويل حبيبة ايام مراهقته، فترميه في دوامة. "حبيبتي سبوتنيك" تروي قصة فتاة تقع في غرام امرأة، فقدت نصفها خلال ليلة واحدة، في بلدة سويسرية. ولا تنتهي الرواية إلا بضياع الفتاة، هناك، حيث ضاع نصف المرأة! أحداث الرواية تجري بين اليابان وأوروبا، وفصولها الأجمل تجري في جزيرة يونانية، بعد توقف قصير في ايطاليا. آخر ما أصدره موراكامي كتاب قصص قصيرة يحصد نجاحاً في اليابان هذه الأيام، ولم يترجم الى الإنكليزية بعد. يكتب موراكامي وينشر روايات منذ 22 سنة تقريباً. خلال هذه الفترة بات اسماً معروفاً في العالم، والروائي صاحب الروايات الأكثر مبيعاً في بلاده. في خريف كل عام، حين تنشر الصحف الترشيحات لجائزة نوبل، نقرأ اسماء شبه مجهولة. حتى اليوم لم نقرأ اسم موراكامي بينها. نوتنبوم الهولندي مرشح، لكنه لم يقدم للأدب نصف ما قدمه موراكامي. ولا داعي لذكر حفنة شعراء وروائيين آخرين. سؤال نوبل يطرح نفسه. كرمت اللجنة السويدية، الرواية اليابانية، مرتين. المرة الأولى في سنة 1968، حين منحت كاواباتا، نوبل الآداب. والمرة الثانية في 1994، مع كينزابوري أوي. وبين نوبل كاواباتا، ونوبل اوي، تغرّبت الجائزة عن اليابان 26 سنة. فهل تعود نوبل الى اليابان في السنوات القليلة المقبلة؟ وهل تُعطى لهاروكي موراكامي؟ * كاتب لبناني من اسرة "الحياة". من يُترجم كل هذه الروايات؟ المكتبة العربية تحفل بالروايات اليابانية. حركة ترجمة الأدب الياباني الى اللغة العربية بدأت في سبعينات القرن العشرين وبلغت اوجها في الثمانينات والتسعينات. شجع هذه الحركة نشاط بعض دور النشر، وبعض المترجمين، في القاهرةوبيروت وبغداد ودمشق وعواصم اخرى. تُرجمت روايات ياسوناري كاواباتا 1899- 1972 بعد حصوله على نوبل الآداب 1968. تُرجمت أيضاً قصصه القصيرة. الأمر ذاته حدث مع يوكيو ميشيما، تلميذ كاواباتا، ومنتحر آخر. كاواباتا وضع انبوب غاز في فمه، وميشيما بقر بطنه بسيف. من نسمي ايضاً؟ تانيزاكي. وكوبو آبي. وكينزابوري اوي، حامل نوبل الآداب 1994. تُرجمت له الى العربية قبل نوبل، رواية "مسألة شخصية"، ومجموعة قصصية بعنوان "علمنا كيف نتجاوز جنوننا". وبعد نوبل: "صرخة صامتة". عناوين روايات كاواباتا أليفة لدى القارئ العربي. من "بلد الثلوج" و"حزن وجمال"، و"سرب طيور بيضاء"، الى "راقصة ايزو"، و"ضجيج الجبل"، و"البحيرة"، و"الجميلات النائمات" .الشيء ذاته عن بعض اعمال تانيزاكي، أو ميشيما، أو كوبو آبي. لكن من يترجم روايات هاروكي موراكامي الى العربية؟ من يترجم "المطاردة البرية للخروف"؟ من يترجم "ارقصْ ارقصْ ارقصْ"، أو "غابة نروجية" مثلاً؟ السؤال موجه الى دور النشر والمترجمين. "غابة نروجية" باعت ملايين النسخ في اليابان، وعرفت النجاح في ترجماتها الى اللغات الفرنسية والإنكليزية والصينية والكورية والنروجية والعبرية. رواية مكتوبة بأسلوب كلاسيكي وحديث في آن معاً، ويصعب على قارئ ان يضعها جانباً. من يترجم "نهاية العالم"؟ من يترجم كل هذه الروايات؟