سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحدث عن مفاوضات "قاسية" مع صندوق النقد الدولي ... والأحزاب اكتفت بالرفض التقليدي رئيس الوزراء الاردني يحاول التخفيف من آثار رفع اسعار مشتقات النفط على محدودي الدخل
مع مرور اليوم الاول لقرار رفع اسعار مشتقات النفط بهدوء، تبدد الكثير من مخاوف الحكومة الاردنية التي ظلت تؤجل قرارها خشية وقوع اضطرابات سياسية في ظل الاجواء الاقليمية الملتهبة. لم يشهد الشارع الاردني اي تحركات احتجاجية، فيما اكتفت احزاب المعارضة ببيانات رفض تقليدية. وفي الوقت الذي حاولت فيه الحكومة استيعاب المعارضة من خلال استضافة قادة الاحزاب للبحث في قانون الانتخابات المرتقب وسماع وجهة نظرها بخصوص رفع اسعار مشتقات النفط، انسحب ممثلو 14 حزباً احتجاجاً على تأخر رئيس الوزراء على ابو الراغب نحو نصف ساعة عن استقبالهم. واصدر المحتجون بياناً قالوا فيه ان "المواطنين يعبرون عن سخطهم ازاء قرار الحكومة رفع اسعار المحروقات". واعتبروا ان تأخر رئيس الوزراء عن لقائهم "يعكس وجهة نظر الحكومة السلبية للاحزاب رغم ادعائها احترامها للاحزاب ودورها الوطني". بيد ان مصدراً في رئاسة الوزراء استغرب ذلك موضحاً ان تأخر الرئيس لم يزد عن ربع ساعة "لانشغاله بمكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الاميركي كولن باول". وزاد "ان الرئيس هو الذي طلب مقابلة احزاب المعارضة وسماع وجهة نظرهم في قضايا حيوية وحساسة مثل قانون الانتخابات ورفع اسعار مشتقات النفط". من جانبها، استنفرت الحكومة اعلامياً لتوضيح وجهة نظرها وبدا ذلك واضحاً من خلال المؤتمر الصحفي الذي اعلن فيه قرار رفع الاسعار والذي اشترك فيه وزراء المال والطاقة والاعلام مع رئيس الوزراء علي ابو الراغب. حاول رئيس الوزراء في مؤتمره الصحافي التقليل من آثار القرار على الشرائح الفقيرة، معتبراً ان زيادة نسبة 8.3 في المئة على السولار و 15 في المئة على البنزين "لن تؤثر في اسعار الخبز والكهرباء والمياه والصناعات الاخرى، ولن يتأثر في الوقت ذاته مستوى معيشة ذوي الدخل المحدود". واسهب ابو الراغب في شرح خلفيات القرار والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي وصفها ب"القاسية"، مشيراً الى ان الصندوق طالب بالرفع الى نسب تراوح بين 30 و40 في المئة لكن الحكومة تمكنت من تخفيض النسبة. وحسب مصادر حكومية فان الصندوق هدد باعادة النظر في حصول الاردن على قروض تصل إلى 300 مليون دولار ولوح باشهار المملكة دولة غير قادرة على معالجة امورها الاقتصادية اذا لم تستتجب لاشتراطاته. وقال مسؤولون ان الحكومة اجرت في غضون الايام الماضية مفاوضات شاقة مع ادارة البنك الدولي في نيويورك، سعياً لاقناعها برفع الأسعار بنسبة تتراوح بين 15 و 20 في المئة للبنزين و 5 في المئة للغاز والسولار "بما يساهم في سدّ عجز الموازنة الاردنية البالغ نحو 180 مليون دولار في الاشهر الاربعة الاولى من هذه السنة، وقالوا ان "الاردن أبلغ صندوق النقد والبنك الدولي أن الزيادة المطلوبة ربما ألحقت ضرراً بالغاً بذوي الدخل المحدود، وأدت الى اضطرابات اجتماعية في المملكة" التي تعرضت في الربع الاول من هذا العام الى ارتفاع حاد في العجز التجاري بلغت قيمته نحو 850 مليون دولار، وفقاً لبيانات دائرة الاحصاءات العامة. ورأى خبراء اقتصاديون أن رفع أسعار المحروقات في ظل تآكل الرواتب وزيادة نسبة الفقر والبطالة، سيؤدي الى ارتفاع غلاء المعيشة ، خصوصاً ان قطاعات أخرى مثل النقل والصناعة والطاقة ستضطر الى زيادة اسعار سلعها وخدماتها ، بعد ارتفاع اسعار الوقود. وفي الوقت الذي يحصل فيه الاردن على احتياجاته النفطية من العراق بسعر تفضيلي اضافة الى منحة مجانية تصل الى نصف الاحتياجات رفضت الحكومة الاردنية اعتبار ذلك مبرراً لتثبيت سعر مشتقات النفط موضحاً ان الاتفاق مع العراق "مرتبط بالسعر العالمي غير الثابت" منوهاً الى ارتفاع اسعار النفط المستورد من العراق بموجب السعر العالمي على رغم الميزة التفضيلية والمنحة المجانية . فيما اشارت مصادر حكومية الى ان الدعم المتأتي من خلال النفط العراقي "يذهب الى الخزينة ولصالح المواطن الاردني وليس لاصحاب السيارات". أما العوائد المتحققة من وراء الزيادة ستخصص لسد عجز الموازنة ودعم البلديات التي تعاني من انهيار مالي اقعدها عن اداء الخدمة وتصل قيمة الدعم المقدر لها الى 15 مليون دينار. لكن الأهم من التبرير الاقتصادي لقرار الحكومة هو المقايضة السياسة التي قد تنجح فيها الحكومة من خلال اصدار قانون انتخابات عصري يتجاوز قانون الصوت الواحد المجزوء الذي اذكى النزعات العشائرية والاقليمية والطائفية في المجتمع الاردني وبذلك تعوض السياسة عجز الاقتصاد . وفي هذا الاسبوع تنتهي مهلة الشهر التي اعطاها الملك عبد الله الثاني للحكومة في سبيل اصدار قانون انتخابات عصري. وتشبه "المقايضة السياسية" هذه ما حصل في عام 1989 عندما تجاوز الملك حسين الازمة الاقتصادية الخانقة باطلاق المسار الديموقراطي واجراء انتخابات عامة . بيد ان اولوية الحكومة قبل انجاز المقايضة هو ضمان استقرار الوضع الأمني وعدم تكرارها اضطرابات عام 1989 اثر رفع اسعار المحروقات وعام 1996 اثر رفع اسعار الخبز.