} يقترح الرئيس السابق لطيران الشرق الاوسط ميدل ايست عبدالحميد فاخوري أن يعقد مجلس النواب اللبناني جلسة استثنائية لمناقشة علنية لقضية الشركة، يشترك فيها ممثلون عن الحكومة والمصرف المركزي وإدارة الشركة والنقابات فيها وخبراء لبنانيون. وجاء الاقتراح ضمن مقال تحدث فيه عن شؤون الشركة ورغبة الحكومة في تسريح اكثر من 1400 من موظفيها. كثرت التصريحات وتباينت المواقف اللبنانية، الرسمي منها وغير الرسمي، في شأن قضية شركة "طيران الشرق الأوسط" ميدل إيست، ومحاولة إدارتها صرف عدد كبير من الموظفين: فمن خلاف داخل الحكومة، يقوده وزير العمل علي قانصو، إلى معارضة واسعة من نقابات الشركة تؤيدها في ذلك أحزاب وقوى سياسية، إلى انتقادات مستمرة من خبراء لبنانيين يرون أن هناك خيارات أخرى متاحة لم يؤخذ بها. ومبعث هذه الضجة، التي كان يمكن أن تأخذ حيزاً أكبر بكثير مما هي عليه الآن لولا الوضع اللبناني السياسي والاقتصادي المعقد، هو أن "ميدل ايست" تشكل بالنسبة الى اللبنانيين رمزاً من رموز مرحلة الازدهار اللبناني في الستينات والسبعينات من القرن الفائت، وتحولت اليوم قضية سياسية اقتصادية واجتماعية... بامتياز. - سياسية لأنها تتعلق بالتصور الذي تضعه الدولة لدور لبنان المستقبلي، بما في ذلك علاقته بالاغتراب اللبناني وتحديد المركز الذي سيشغله في مختلف النشاطات الاقتصادية في المنطقة، بالاضافة الى تحديد دور القطاعين العام والخاص في النهوض الاقتصادي المرتجى. ومعالجة قضية "ميدل إيست" يجب أن تكون أحد العناصر الأساسية في هذا التصور. - واقتصادية لأن "ميدل ايست" أدت في الماضي ويمكنها ان تؤدي في المستقبل دوراً أساسياً في كل مجالات قطاع الخدمات الذي لا يزال حتى اليوم يشكل جزءاً أساسياً من هذا الاقتصاد. - واجتماعية نظراً إلى أن "ميدل ايست" هي أكبر موظِّف بعد الدولة اللبنانية، حيث يعمل فيها اليوم نحو أربعة آلاف شخص. وكلفت الحكومة السابقة "مؤسسة التمويل الدولية" IFC وضع تقرير يكون هدفه الأساسي ازاحة الخسائر المتراكمة عن كاهل "مصرف لبنان" المركزي الذي يملك أكثر من 99 في المئة من أسهم الشركة، واقتراح آلية لجعل "ميدل ايست" اكثر قابلية لإشراك مستثمر خارجي فيها سمي ب"الشريك الاستراتيجي". إذاً فإن الهدف الرئيسي الذي وضعته الدولة لمؤسسة التمويل الدولية ليس تحديد الدور المستقبلي ل"ميدل ايست" الذي يحدد حجمها وبالتالي شبكتها ونوع طائراتها وعدد موظفيها، بل انه يقتصر على تهيئتها للبيع بأفضل سعر. لذلك جاء التقرير التنفيذي لمؤسسة التمويل الى حاكم "مصرف لبنان"، رياض سلامة، المؤرخ في 26 شباط فبراير 2001 مركزاً على الأمور الآتية: أولاً: ان إصلاح أوضاع الشركة وإعادة هيكلتها يجب ان يتما من طريق مستثمر من القطاع الخاص. أما "مصرف لبنان" والحكومة اللبنانية فيجب ان يكتفيا بوضع الخطوات الأساسية الآيلة الى اعادة الهيكلة، لتتمكن الشركة من اجتذاب مستثمر "استراتيجي". ثانياً: أن بين الخطوات الأساسية المشار اليها اعلاه إعادة هيكلة العمالة في الشركة التي تدور على العناصر الآتية: أ - برنامج تقاعد اختياري ل1440 موظفاً، كمرحلة أولى تقدر تكاليفه بنحو 65 مليون دولار. ويبدو ان الكلفة المقدرة ارتفعت الى 80 مليوناً. ب - حوافز لاستبقاء الموظفين الذين تحتاج إليهم الشركة كي يبقوا فيها كمرحلة ثانية، بكلفة مقدرة ب66 مليون دولار. ج - التواصل في مرحلة مبكرة مع النقابات العمالية والرأي العام. ويؤكد التقرير الأهمية البالغة لتوفير الأجواء المناسبة لتنفيذ اعادة هيكلة العمالة من دون ان تنتج عن ذلك اضطرابات عمالية. لذلك فإنه يقترح ان يشكل "مصرف لبنان" والحكومة "لجنة من الحكماء" يحظى أعضاؤها بثقة الحكومة و"مصرف لبنان" وباحترام موظفي "ميدل ايست" والرأي العام. ويكون عمل هذه اللجنة وضع خطة ملائمة لإعادة الهيكلة واستراتيجية تواصل واضحة وعملية تتوجه الى مختلف الفئات المعنية. ثالثاً: اعادة هيكلة الموازنة العمومية: من دون الدخول في التفاصيل المذكورة في التقرير، فإن الكلفة الاضافية لتنظيف الموازنة العمومية هي على الشكل التالي: أ - تحمّل "مصرف لبنان" ديون "ميدل ايست" تجاهه. هذه الديون بلغت حتى منتصف عام 2000 نحو 117 مليون دولار، والأرقام للمرحلة التالية، أي حتى نهاية أيار مايو 2001 غير متوافرة. ب - ضخ رأس مال جديد بقيمة 50 مليون دولار تقريباً. ج - تحمّل الدولة رسوم المطار والغرامات المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بما يصل الى 32 مليون دولار. وبحسبة بسيطة تكون الكلفة الاجمالية المقترحة هي في حدود 345 مليون دولار مبينة كما يلي: كلفة اعادة هيكلة العمالة: 146 مليون دولار. كلفة اعادة هيكلة الموازنة العمومية: 199 مليون دولار. فيكون المجموع 345 مليون دولار... من دون الأخذ في الاعتبار رأس المال الذي دفعه "مصرف لبنان" في "ميدل ايست" عامي 1996 و1997 وهو بقيمة 180 مليون دولار تقريباً، وكذلك الدين المترتب ل"مصرف لبنان" على "ميدل ايست" من منتصف عام 2000 وحتى نهاية أيار. بعد هذا العرض الموجز لتقرير مؤسسة التمويل الدولية، يشار الى ان القرار الأساسي بتمويل "ميدل ايست" عام 1996 من طريق "مصرف لبنان"، اتخذه الرؤساء الثلاثة: الياس الهراوي ونبيه بري ورفيق الحريري، وهو بذلك يكون قراراً سياسياً محضاً كان "مصرف لبنان" وسيلة لتنفيذه. وبلغت خسائر الشركة مذ ان اصبح المصرف المركزي مالكها الرئيسي بل الأوحد والمشرف المطلق على إدارتها، 310 ملايين دولار. وها هي الدولة مطالبة الآن بتحمل أعباء إضافية بقيمة 345 مليون دولار كما ذكرنا سابقاً. لذلك لا ينفع القول إن القرار هو في يد "مصرف لبنان" ولا تستطيع الحكومة أن تتدخل فيه كونه المالك الأساسي في شركة خاصة تخضع لقانون التجارة، هذا القول الذي احتمى به بعض المسؤولين عند مساءلة نواب لهم في لجنة الأشغال النيابية التي عقدت جلستين للنظر في هذا الموضوع، ثم سكتت عن الكلام المباح. إن الأموال التي خسرتها الشركة اضافة الى الأموال المطلوبة الآن هي أموال الدولة اللبنانية، وبالتالي الشعب اللبناني. لذلك فانها خاضعة لمراقبة مجلس النواب. لذلك، أقترح أن يعقد مجلس النواب جلسة استثنائية تتم خلالها مناقشة علنية لموضوع شركة "طيران الشرق الأوسط" يشترك فيها ممثلون عن الحكومة والمصرف المركزي وإدارة ونقابات الشركة وخبراء لبنانيون. وقد ترون مشاركة مؤسسة التمويل الدولية في هذه المناقشات، اذا ما قبلت ذلك. ويكون الهدف الأساسي صوغ رؤية متكاملة لدور "ميدل ايست" المستقبلي، والسبل العملية التي يمكن سلوكها لتنفيذ هذا الدور.