حققت الفنانة الشابة حلا شيحا، في سنوات، شهرة ونجاحاً كبيرين وأصبحت مطلوبة للأعمال السينمائية والتلفزيونية بفضل أدائها البسيط وجمالها النادر وقبولها جماهيرياً. "الحياة" التقتها وسألتها عن بدايتها وطموحاتها وأحلامها. بدايتك كانت مع مسلسل "كلمات" ثم مع "الرجل الآخر" الذي فتح لك أبواب النجاح والشهرة. بعد ذلك قدمتِ أفلام "ليه خلتني أحبك" و"السلم والثعبان" و"تائه في اميركا". خطواتك كانت سريعة ونجاحك كان أسرع. هل يخيفك النجاح السريع؟ - بالطبع كنت خائفة لأن كل شيء جاء بالفعل في سرعة، إذ لم أكن أتوقع كل هذا النجاح وكل هذا الحب من الناس. ولكن بعد ذلك شعرت بالمسؤولية. فالناس كانوا يقابلونني في الشارع ويعبرون عن حبهم لي، ويحثونني على أن أقدم أعمالاً جيدة لأحافظ على صورتي لديهم والشعور بالمسؤولية. بدايتك ونجاحك كانا من طريق التلفزيون، ومع ذلك كانت كل أعمالك لاحقاً للسينما. فهل قاطعتِ التلفزيون؟ - بعد "الرجل الآخر" عرض علي أكثر من مسلسل، لكنني لم أشعر أنها ستكون أعمالاً مؤثرة أو ذات قيمة أو تضيف إليّ شيئاً. وفي الوقت نفسه عُرض عليّ أن أعمل في السينما أكثر، فمثلت "ليه خلتني أحبك". بعد ذلك مباشرة بدأت بتصوير "السلم والثعبان"، واستمر التصوير 6 شهور. ثم سافرت الى اميركا لتصوير "تائه في اميركا". التلفزيون نعم كان هو بدايتي، ولن اتخلى عنه، لكنني انتظر عملاً اقتنع به. وماذا عن المسرح؟ - أرى ان لا دور حقيقياً للمرأة على المسرح هذه الأيام. انتظر مسرحية تقدمني كما أحلم، خصوصاً أنني أعشق الاستعراض، لذلك أتمنى أن أقدم عملاً استعراضياً راقياً ومختلفاً. حققت النجاح الواسع، وأنت بعد صغيرة، كيف تعيشين حياتك بعد الشهرة؟ وكيف أصبحت اختياراتك في حياتك الشخصية؟ هل اختلفت؟ وهل اصبحت أكثر تعقيداً؟ وهل تضعين اعتباراً لرأي جمهورك؟ - حتى الآن أعيش حياتي في شكل عادي جداً، لكنني بدأت بالفعل أهتم أكثر بشكلي ومظهري. فالجمهور يريد أن يرى الممثل دائماً في أبهى صوره ولكن في صورة بسيطة في الوقت نفسه، لذلك لا أحاول أن أكون لافتة، بل ان أكون "شيك"، وبسيطة، بما يرضيني ويرضي جمهوري. موقف ثمة ممثلات شابات أعلن رفضهن ارتداء المايوه والقبلة السينمائية. ما هو موقفك؟ - تضحك، أعتقد أن مشاهد الرومانسية في السينما هي أجمل شيء، والشعور الرومانسي لطيف، لكنه يعتمد على طريقة تنفيذه وأدائه، وأعتقد أن الرفض يجيء من البعض إذ في مرحلة من المراحل كانت تلك المشاعر والمشاهد تُقدم في شكل رخيص ومبتذل، فلم تكن هناك قصة حب حقيقية تستطيعين أن تصدقيها وتعيشي معها كما في أفلام أيام زمان، بل كانت أفلاماً تخجلني أن تريها، لذلك أصبح الناس لا يتقبلون تلك المشاهد، وبالتالي اصبح بعضنا خائفاً من أن يقدمها. وماذا عن المايوه؟ - أحب ممارسة السباحة منذ صغري. وإذا كنت أصور فيلماً يتطلب في احد مشاهده ارتداء المايوه، فسأفعل. مررت بتجربة جديدة كممثلة في فيلم أميركي صوِّر كله هناك وخضع لظروف صناعة السينما الاميركية، فما الفروق التي لاحظتها؟ - أولاً، مواعيدهم منضبطة جداً. فالعمال مثلاً يعملون من السادسة صباحاً الى منتصف الليل، بعد تلك الساعة بثانية واحدة يقف التصوير، وإذا أردنا نحن أن نكمله، يتوقفون هم عن العمل. فالكل ملتزم مواعيد عمل ونوم واستيقاظ. وداخل الاستوديو لا نشعر بالإزعاج. فهم حرصاء تماماً على عدم إزعاج الممثل. اميركا ما توقعاتك لفيلم "تائه في امريكا" الذي اشركك في بطولته خالد النبوي؟ - آمل ان ينجح. فالناس يريدون أن يشاهدوا شيئاً مختلفاً، ويريدون ان يروا اميركا. الفيلم صور هناك في إطار رومانسي كوميدي. ما دورك فيه؟ - أؤدي شخصية فتاة مصرية تعيش في اميركا ولم تزر مصر قط، لكنها تتكلم العربية، والإنكليزية، ويتوفى والدها مخلفاً ديوناً كثيرة، فتسعى أمها الى تزويجها من ابن عمها الذي يقيم في مصر، وهو غني، ولكن تحدث قصة مختلفة، ويظهر خالد النبوي. بعد نجاحك كممثلة، ما الدور الذي عليك أداؤه لتنمو موهبتك تصاعدياً. هل تعتمدين مثلاً على تغذية عقلك أكثر بالمعرفة؟ وكيف تقومين بذلك بالقراءة أم بالسفر أم بعلاقاتك بفنانين ومثقفين، أم بمشاهدة أفلام كثيرة؟ - أول ما أريد القيام به هو أن أشاهد كل الأفلام الأجنبية والعربية القديمة، التي شاهدتها بالفعل قبلاً ولكن بعين متفرجة لا بعين متخصصة أريد أن أشاهد كيف كانوا يمثلون ويخرجون، كيف كانت حركة الكاميرا. ثم أنني اقرأ، وسأواظب على القراءة. ومن قراءاتي هذه الأيام كتاب "حول العالم في 200 يوم" للكاتب أنيس منصور، وقد أفدت منه لأنه عرفني إلى حضارات مختلفة. قبل عام تقريباً رأيت صورة لكِ في مدينة "قانا" في الجنوب اللبناني عند قبور شهداء المذبحة، وكنت متأثرة جداً... فما قصة تلك الصورة؟ - تأثرت جداً، عندما دخلت ووجدت عائلات بكاملها مدفونة في صف واحد، وصورهم كلهم نساء ورجالاً وأطفالاً وشيوخاً، على شواهد قبورهم. بعد ذلك صعدنا الى حجرة مملوءة بصور الشهداء، فشعرت بانهيار ورحت ألعن الإسرائيليين طوال الوقت. تأثرت جداً، وأتمنى المشاركة في عمل سينمائي يظهر بشاعة هذه المذبحة. كيف أثرت فيكِ نشأتك لأم لبنانية وأب مصري؟ - تضحك، بكل فخر، أصبح لدي حضارتان: حضارة لبنانية، وأخرى مصرية. واصبحنا أنا وأخوتي فنانين، أمي لديها حس فني عالٍ جداً وأتذكر أننا ونحن أطفال، كانت دائماً تشتري لنا ألواناً وكراسات وتشجعنا على الرسم. ونحن في البيت دائماً نستمع الى الموسيقى، وأمي تشعر بسعادة غامرة وهي ترانا نرقص. هذا جزء من شخصيتها كلبنانية. اللبنانيون يعشقون الفن، والموسيقى، والطرب. أما أبي فمصري أصيل. لقد ربى فينا اعتزازنا بأنفسنا وبحضارتنا منذ صغرنا وكان وما زال يجلس معنا ويحكي لنا عن البلد وتاريخه. والدي الفنان أحمد شيحا نراه جالساً دائماً ليرسم على أنغام الموسيقى، ولّد لدينا إحساساً عالياً بالفن، وأصبح لدينا خيال واسع، وأحببنا الفن، بالفعل أحببناه. ففي كثير من الأحيان يكون الأب والأم فنانين وأبناؤهما لا. لكننا أنا وأخوتي منذ طفولتنا في بيتنا في العجمي حيث كبرنا وسط الهدوء والبحر والشجر، كنا مثلاً نسمع قطعة موسيقية ونتخيل عبرها قصصاً ومواقف، ونبدأ بتمثيلها وإخراجها وتنفيذ رقصات لها أيضاً. كان لعبنا كله خيالاً في خيال. هل أنتِ سعيدة بتلك الظروف وبتكوينك الفني والمعرفي؟ - جداً، على رغم أنني أحياناً أتمنى أن أكون عادية جداً. فعندما يكون لدى الشخص رؤية أكثر ووعي أكثر يتعب أكثر. لكنني أعود وأقول إنني سعيدة لأنني كما أنا استطيع أن أساعد الآخرين في رؤية أشياء لا يرونها ولا يشعرون بها... وفهمها. المرأة في سينما الأبيض والأسود كنا نشاهد أفلاماً بطولتها وعمودها الفقري المرأة، مثل فاتن حمامة وشادية وسعاد حسني وغيرهن، إنما الآن الأمر مختلف. فما رأيك وما تصورك لدورك أنت وبنات جيلك في هذه المرحلة؟ - هذا واقع نعيشه فعلاً. فالرجل اليوم هو البطل وهناك بنت حلوة مكملة له أو قد تظهر دقائق وتختفي ولا يؤثر ظهورها أو اختفاؤها في سير الأحداث. فلم يعد هناك اهتمام بدور المرأة، كما كان قبلاً في أدوار فاتن حمامة وسعاد حسني وشادية وغيرهن. ونحن كلنا الآن نحاول أن نقاوم هذا، أنا مثلاً في "السلم والثعبان" دوري مكمل، لكن لي في الوقت نفسه دوراً ووجوداً هناك رسالة أوجهها الى الناس والى الشخص الذي أحبه في الفيلم بطله هاني سلامة. فهي قصته وبالطبع قصته مع من حوله. لكنني أنا الفتاة التي ألقنه درساً في الفيلم. هل اكتسبت خبرة من خلال مشوارك القصير؟ - بالفعل أنا الآن أكثر خبرة بالمقارنة مع بداياتي. ولكنني أتمنى أن يكون معي مدير أو محام، أو أي شخص استطيع أن أعتمد عليه في أعمالي. فأنا أعاني الخجل. وبالطبع لست الآن خجولة مثلما كانت حالي حين بدأت. الآن استطيع أن اعترض على بعض الأشياء التي لا تعجبني في صراحة، من دون خجل ولكنني ما زلت في حاجة الى شخص أعتمد عليه في التعاقدات والمعاملات القانونية. من هي الممثلة التي تعجبين بها وبمشوارها الفني؟ - فاتن حمامة، لأن أدوارها عظيمة ومهمة، وسعاد حسني أيضاً قامت أيضاً بأدوار مهمة.