تثير زيارة الدولة التي بدأها الرئيس السوري بشار الأسد لفرنسا أمس تحركات واحتجاجات مختلفة لا تقتصر على المنظمات اليهودية الفرنسية، بل تشمل أيضاً المعارضة اللبنانية في فرنسا وبعض الأكراد السوريين، إضافة إلى عدد من الشخصيات الفرنسية. وأقام المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية الفرنسية "كريف" تجمعاً عند "ساحة الشهداء اليهود" في باريس، شارك فيه عدد من ممثلي الطائفة الكاثوليكية الفرنسية. وقال المجلس إن الهدف من التجمع هو التعبير عن رفضه "لما يلحق بالمؤسسات الجمهورية الفرنسية نتيجة استقبالها لديكتاتور عنصري ومعادٍ للسامية". وكانت الرابطة المناهضة للعنصرية واللاسامية "ليكرا" قدمت إلى مدعي عام الجمهورية الفرنسية شكوى ضد الرئيس السوري بتهمة "الذم والتحريض على الحقد العرقي"، استناداً لمضمون خطابه خلال زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى دمشق. لكن مصادر فرنسية مطلعة خففت من شأن هذه الشكوى باعتبار أن تقديمها إلى المدعي العام لا يعني بالضرورة أنها ستكون موضع قبول من القضاء الفرنسي، إضافة إلى كون فرنسا ملتزمة بالتقليد الدولي المتبع الذي يمنح حصانة لرؤساء الدول تحول دون ملاحقتهم قضائياً. يذكر أن الأسد تناول الضجة التي اثيرت في الأوساط اليهودية عن خطابه في تصريحات إلى الإعلام الفرنسي، أكد فيها أن مضمون الخطاب حرف من قبل الإسرائيليين، وان "المشرق لا يعاني من أي عقدة تجاه الديانات التوحيدية الكبرى، لأن أرضنا مهد لها". ووجه "التيار الوطني الحر" الموالي للعماد ميشال عون وحزب الكتائب اللبناني و"الرابطة السنية اللبنانية" رسالة إلى وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين تحضه على تبني "خطاب حازم حيال السياسة السورية في لبنان". وقالت الرسالة إن ما تأمل به الأطراف التي وقعتها يتلخص بنقطتين، أولهما وضع جدول زمني محدد لانسحاب الجيش السوري وأجهزته من لبنان، والثانية الافراج عن اللبنانيين المعتقلين في السجون السورية. ورأت أن هاتين المسألتين "تشكلان الشرط المسبق لتصحيح العلاقات السورية - اللبنانية وإعادة التوازن إليها، بحيث تنطلق من الاحترام المتبادل لسيادة كل من البلدين". ودعت الأطراف الموقعة على الرسالة إلى تظاهرة بعد ظهر اليوم الثلثاء أمام مقر الجمعية الوطنية الفرنسية البرلمان اثناء زيارة الأسد لها. وأكد مصدر في "التيار الوطني الحر" ل"الحياة" أن التيار يصر على عدم وجود أي علاقة بين التحرك الذي يقدم به وتحرك اللوبي اليهودي الفرنسي، انطلاقاً من تمسكه بحقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمها حقه بدولة مستقلة عاصمتها القدس. وجددت منظمة "سوليدا" للدفاع عن اللبنانيين المعتقلين في السجون السورية، في رسالة مفتوحة وجهتها إلى الأسد، مطالبتها بالافراج عن حوالى 200 لبناني معتقلين في سورية، قالت إنهم "يتعرضون لشتى أنواع التعذيب". واستغربت المنظمة ابقاء هؤلاء قيد الاعتقال في وقت يصرح فيه الأسد لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية بأن "ليس من مصلحة أي بلد، لا سياسياً ولا اجتماعياً ولا ثقافياً، تكديس المعتقلين في السجون". في غضون ذلك، دعت مجموعة من الأكراد السوريين إلى تظاهرة اليوم، للتذكير بأن السلطات السورية سحبت جنسيات عشرات الألوف من الأكراد وترفض حتى الآن الاعتراف بحقوقهم الثقافية. أما على الصعيد الفرنسي، فعبر الحزب الراديكالي، وهو من مكونات "الاتحاد من أجل الديموقراطية الفرنسية" اليمين، عن شجبه لاستقبال الرئيس الفرنسي جاك شيراك نظيره السوري، "الأمر الذي قد يفسر على أنه تأييد لسياسته". ووجه 6 من رؤساء بلديات الدوائر الباريسية، نداء دعوا فيه ممثلي الجمهورية الفرنسية إلى عدم تلبية الدعوة إلى العشاء الذي يقام في الاليزيه على شرف الأسد الذي وصفوه ب"عدو الحرية" و"عدو التسامح والسلام".