احتفلت بيروت مساء أول من أمس بعيد الموسيقى كما لم تحتفل من قبل، وعاشت فرحها في غير حي وشارع، بالآلاف يجوبون وسطها حتى ساعة متأخرة من الليل: من ساحة ساسين في الأشرفية التي اعتادت الاحتفال بهذا العيد منذ سنوات برفقة عدد من المغنين اللبنانيين الشعبيين، الى شارع مونو حيث انطلقت الموسيقى الاجنبية في متفرعاته، الى وسط بيروت التجاري حيث انطلق العيد الحقيقي في السادسة مساء، وعلى أدراج السراي الحكومي الشرقي الطابع أعلن وزير الثقافة غسان سلامة افتتاح القرية الفرنكوفونية في وسط بيروت التجاري لتحضن نشاطات ثقافية نخبوية وشعبية. شبان وشابات، مراهقون ومراهقات، كبار، وأولاد يجرون أباءهم وأمهاتهم الى الساحة حيث الموسيقى عالية جداً وإيقاعاتها سريعة. والعيد حوار لأنواع موسيقية مختلفة، ومساحة متعددة للفنانين، عرب وفرنسيين وإيطاليين ورومانيين، وفرق أرادت ان تجمع الشرق والغرب: فلسطيني وفرقة ايطالية، سوريون يشاركون فرنسيين، ولبنانيون يؤدون كل ألوان الغناء. وفي منطقة الآثار قرب شارع رياض الصلح، حيث "فضاء الروك"، أدى تلامذة ثانوية المقاصد وتلامذة "ليسيه نهر ابراهيم" أناشيد "حوار الحضارات"، ثم توالت فرق الروك فرنسية ولبنانية. شارع المعرض حمل في تلك الليلة اسم "شارع الموسيقى"، وعلى جدران أبنيته توزعت صور بيروت القديمة وبعلبك وسائر آثار لبنان، واحتله الفنانون، عازف ساكسوفون، وإيلي باسيلا على الأكورديون، وموسيقيون يعزفون الأنغام الشرقية، والمغنية سمية ملكي تؤدي أغاني البوب الانكليزية وتتمايل وجمهورها من المراهقين على انغام تلك الأغاني. في الجهة المقابلة، أي في شارع فوش، كانت الاجواء مختلفة: مئات يفترشون الأرض، ويحتلون كراسي المقاهي يستمتعون بموسيقى الجاز يعزفها روني براك، وفرق لبنانية، وفرقة "بلا شوارب". وكانت ساحة الشهداء فضاء لموسيقى التكنو والراب والروك، حيث غنى الفلسطيني "نبيل" لغزة وبيروت بالعربية والفرنسية والايطالية مع فرقته التي اجادت في عزف الألحان العربية والايطالية. وتفنن مشغلو الاسطوانات في اظهار قدراتهم على التنويع وتقديم اجمل الأعمال التكنو الغربية، ولم يغادر الشبان والشابات الساحة الا بعد ان رددوا طويلاً وتكراراً أغاني الروك مع فرقة "والهلا" اللبنانية وفرقة "سيرماليس" الفرنسية. الفضاءات الكلاسيكية كانت في كاتدرائية الكبوشية وكاتدرائية القديس جاورجيوس للموارنة، استقبلتا الأوركسترا السمفونية اللبنانية ومغنين من لبنان وكندا ورومانيا. ولم تبد فضاءات وسط بيروت مساحات منفصلة. الآلاف كانوا فيها يروحون ويجيئون، ويغطون الطرقات التي تفصل ساحات الوسط المختلفة، يغنون، يتمايلون، يشترون الزهور من الباعة الذين افترشوا الطرقات... وبعضهم في أزياء غربية.