أعرب مصدر فرنسي مطلع أمس عن اعتقاده أن "هناك تغييراً طرأ على العلاقة السورية - اللبنانية، عبّرت عنه اعادة الانتشار التي أجرتها القوات السورية في لبنان، قبيل زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس السوري بشار الأسد لباريس في 25 حزيران يونيو الجاري". وقال المصدر إن هذه العملية "كانت متوقعة منذ ستة أشهر، في ضوء مؤشرات عدة، وان الانطباع الفرنسي هو أن دمشق تسعى دائماً الى عدم الظهور أنها تتحرك تحت الضغط، لذلك تأنّت في اختيار توقيت اعادة انتشار قواتها". ورأى أن التوقيت "على صلة باتصالات الرئيس اللبناني إميل لحود بالأطراف اللبنانيين، أي البطريرك الماروني نصرالله صفير ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط والقوى المسيحية، التي أدت الى تهدئة الأجواء وبالتالي تسهيل قرار اعادة الانتشار". ووصف العملية بأنها "ملحوظة من حيث الحجم"، لكنه قال: "ليس في وسعنا بعد تقويمها أو التأكيد أن مرحلة انتهت وهل تتبعها مراحل أخرى". وذكر أن محادثات الأسد مع المسؤولين الفرنسيين "ستتطرق الى الوضع في جنوبلبنان، خصوصاً ان لدى الجانب الفرنسي قلقاً مستمراً على الوضع الهش جداً الذي يسوده، والذي أبرزته التطورات العسكرية في منطقة مزارع شبعا في نيسان ابريل الماضي، ورد الفعل العسكري الاسرائيلي عليها". وأشار الى أن الجانب الفرنسي سيعيد التذكير بموقفه القاضي "بضرورة احترام الخط الأزرق وفقاً لطريقة تحديد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ومجلس الأمن له". وقال إن زيارة الأسد باريس، وهي الأولى له منذ توليه منصبه في تموز يوليو 2000، تندرج في اطار "الحوار المستمر والصريح وأيضاً الصعب في بعض الأحيان مع سورية". وأضاف ان العلاقات الثنائية شهدت، منذ الزيارة التي قام بها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد لباريس سنة 1998، تقدماً على صعيد الحوار الثابت والثقة المتبادلة، والآن وفي ظل انتقال الرئاسة الى بشار الأسد "نأمل بإصلاح اقتصادي ومالي حقيقي وبالمزيد من الانفتاح السياسي"، مؤكداً استعداد فرنسا والاتحاد الأوروبي لمواكبة هذا التوجه. وأشار المصدر الى أن الوضع في سورية تحرك على صعد مختلفة، خلال الأشهر الستة التي أعقبت وفاة الرئيس حافظ الأسد، ثم بدا ان الأمور توقفت، معرباً عن اعتقاده أن هذا التوقف ليس نهائياً. وأوضح "أن الاصلاح السياسي، من وجهة نظر فرنسا، ليس مطروحاً الآن في سورية لأن الأولوية للاصلاح الاقتصادي، وان المسؤولين الفرنسيين سيؤكدون للرئيس السوري رغبتهم في دعم جهوده في مجال الانفتاح والتحديث، خصوصاً من منظور المفاوضات الدائرة مع الاتحاد الأوروبي واحتمال توقيع اتفاق شراكة مع سورية". وذكر أن السلطات الفرنسية "تتابع عن كثب الخطوات المبذولة لاصلاح الوضع المصرفي والمالي في سورية، وان هناك خبيراً من المصرف المركزي الفرنسي، يعمل على الأرض في هذا المجال ويعد بمثابة مستشار لدى السلطات المصرفية والمالية السورية". وبالنسبة الى القضايا الاقليمية، قال المصدر إن الجانب الفرنسي سيطلع من الأسد على موقفه من العقوبات الذكية على العراق، ومن المبادرة المصرية - الاردنية ومن تقرير لجنة ميتشل. وتطرق الى اعادة اعتقال الصحافي والكاتب السوري نزار نيوف بالقول ان السلطات الفرنسية تسعى إلى الحصول على معلومات في هذا الشأن وسبق لها ان اهتمت بوضعه قبل سنوات، لكنه ليس الوحيد الذي يحتاج الى اهتمام، إذ ان الجانب الفرنسي يسعى إلى لفت انتباه السلطات السورية الى وضع حقوق الانسان والمعتقلين السياسيين السوريين واللبنانيين وغيرهم. ونفى المصدر أن تكون اسرائيل قامت بمساع لدى فرنسا لحملها على الغاء زيارة الأسد، وخفف من شأن التحركات المحتملة المناهضة للزيارة التي تعتزم منظمات وجمعيات يهودية فرنسية القيام بها، مشيراً الى أن السلطات السورية لم تبد أي قلق في هذا الشأن. ويلتقي الأسد، الاثنين المقبل، الرئيس جاك شيراك ورئيس الحكومة ليونيل جوسبان. ويزور مقر معهد العالم العربي، ثم يلتقي أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان ورئيس البرلمان ريمون فورني. وقد أعد لأسماء الأسد التي سبق ان عملت في الحقل المالي والاقتصادي في لندن برنامج مواز تزور خلاله المصرف المركزي الفرنسي والمعهد العالي للدراسات الاقتصادية والتجارية.