وصلت محادثات التسوية السلمية للأزمة في مقدونيا الى طريق مسدود، فيما حذرت الدول الغربية الطرفين المقدوني والألباني. وبدأت مساع جديدة في محاولة لوقف تدهور الأوضاع باتجاه الانزلاق الى حرب اهلية شاملة. حمل الرئيس المقدوني بوريس ترايكوفسكي زعماء الحزبين الألبنانيين المشاركين في الحكومة الائتلافية: "الديموقراطي" و"الرفاه" مسؤولية إفشال محادثات السلام، "بإصرارهم على أن تسفر التعديلات الدستورية عن تحويل مقدونيا الى دولة ذات نظام فيديرالي". واتهم الحزبين الألبانيين بأنهما "كانا يلعبان لكسب الوقت على أمل تدخل دولي لدعم هذه المطالب غير الواقعية، خصوصاً أنهما غيّرا موقفهما من الأزمة بصورة مفاجئة، بهدف تحويل مقدونيا الى ما يشبه بلدين في دولة واحدة". وكان ترايكوفسكي يوضح في تصريحه الذي نشر في سكوبيا امس، ما أعلنه عن ان حوار الحل السلمي لإنهاء القتال وإجراء التعديلات الدستورية "وصل الى طريق مسدود، ما أفشل محادثات السلام". وكانت المحادثات بين الأحزاب المقدونية والألبانية بدأت مغلقة الجمعة الماضي، في إحدى قاعات البرلمان المقدوني في سكوبيا بإشراف ترايكوفسكي، وانتهت مساء أول من امس الأربعاء من دون اي تقدم في القضايا الرئيسية الخاصة بإنهاء الحركة المسلحة الألبانية والتعديلات الدستورية. وإلى ذلك، أفاد عزيز بولوجاني نائب رئيس "حزب الرفاه الألباني" الذي يتزعمه امير ايميري، والمشارك في المفاوضات، ان اتهامات ترايكوفسكي "تتجنى على الحقيقة وتمثل إساءة بالغة للألبان". وأوضح قائلاً: نريد مجتمعاً مدنياً متعدد الأعراق، يعكس حال مقدونيا، ويتمتع فيه كل المواطنين بحقوق متكافئة ويضمن قوة للوحدة الوطنية... ونحن لا نفضل تبادل الاتهامات، وإنما نريد حضور ممثلي المجتمع الدولي لعرض الأمر عليهم". وأضاف بولوجاني: "ان ما قاله الرئيس ترايكوفسكي بأننا نريد اكثر من المعقول، تعمد اعطاء صورة مغلوطة لمطالب الألبان، ويبدو ان الأحزاب السياسية المقدونية لا معرفة لها بالقواعد التي تقوم عليها المجتعات المتعددة الأعراق". ووصف تدخل ممثلي الدول الغربية للوساطة بأنه "السبيل الصائب لعرض كل طرف مواقفه واقتراحاته في مجالات الحل السلمي". ووصل مسؤول الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا مساء امس الى سكوبيا، متقدماً يوماً واحداً عن الموعد الذي كان مقرراً لبدء وساطته الجديدة، والتقى كلاً من الرئيس ترايكوفسكي ورئيسي الحزبين المقدونيين: رئيس الحكومة الائتلافية ليوبتشو غيورغيفسكي الذي يتزعم "الحزب القومي" ورئيس الوزراء السابق برانكو تسرفنكوفسكي الذي يقود "الحزب الديموقراطي الاشتراكي"، إضافة الى أربن جعفيري زعيم "الحزب الديموقراطي الألباني". وقال سولانا عند وصوله مطار سكوبيا للصحافيين "جئت لأسعى من اجل استمرار المحادثات السلمية، لأن السياسيين المقدونيين والألبان سيأتون الى لوكسمبورغ يوم الاثنين المقبل، بدعوة من الاتحاد الأوروبي، كي يوضحوا ماذا حققوا في محادثاتهم". وأضاف: "آمل ان يكون في مقدوري العمل على مواصلة الحوار، اذ اخطط للعودة الى مقدونيا قبل الاثنين المقبل للتأكد من الوضع". وأشار سولانا الى ان حلف شمال الاطلسي قدم حلاً جيداً لمقدونيا بقراره بإرسال جنوده من اجل جمع اسلحة المقاتلين الألبان، ويجب ان يعمل الطرفان المقدوني والألباني للاستفادة من هذه الخطوة الأطلسية". وكانت الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي، حذرا من ان مقدونيا اصبحت على شفير حرب اهلية شاملة بعد فشل المحادثات السلمية. وأعلن الأمين العام للحلف الأطلسي جورج روبرتسون قبيل لقائه مع الرئيس الأميركي جورج بوش في واشنطن عن "استعداد قوات الحلف للمشاركة في عمليات نزع سلاح المقاتلين الألبان". وحض الطرفين المقدوني والألباني على العودة الى مائدة المفاوضات "وإدراك مدى خطورة الوضع الراهن". وأكد روبرتسون ان الخطة المبدئية للحلف الأطلسي تقضي بنشر حوالى ثلاثة آلاف جندي للمساهمة في عمليات نزع السلاح "لكن ذهابهم الى هناك رهن بانتهاء الاضطرابات والتوصل الى اتفاق سياسي".