"دخن عليها تنجلي" بهذه الكلمات تعبر احدى الفتيات عن سبب تعلقها بالسجائر فهي "تزيح الهم وتبعد الاكتئاب"، اضافة الى انها "برهان على التحرر وقوة الشخصية". تقول ميساء أسعد 19 سنة: "عن طريق التدخين أحسست أنني أفعل ما أريد وأحقق نوعاً من الاستقلالية بعيداً من الأهل وأوامرهم وأخرج قليلاً عن دائرة الأسرة". وكانت ظاهرة التدخين انتشرت في الآونة الأخيرة بين الشابات السوريات بصورة لافتة، وتصل نسبة الفتيات المدخنات الى نحو سبعة في المئة. وتشير الاحصائيات الى ان 50 في المئة من المراهقات المدخنات يعود سبب تدخينهن الى تقليد الأصدقاء و20 في المئة بدافع حب الاستطلاع و20 في المئة لإثبات الشخصية ولفت النظر. وبينت احدى الدراسات التي أجريت على عينة من المراهقات المدخنات من عمر 15 الى 21 سنة ان 60 في المئة منهن عازبات و40 في المئة متزوجات والنسبة المرتفعة من المدخنات هي في عمر 21 و20 سنة بينما تقل في عمر 17 و18 سنة. تقول ميرنا 17 سنة: "لست مدخنة ولكن أكثر من عشر طالبات في صفي يمارسن هذه الهواية في التواليت أو عندما يخرجن من المدرسة". وتقول سناء 19 سنة: "التدخين دليل على اننا تخطينا عتبات الطفولة، أنا بدأت أدخن منذ كان عمري 15 سنة واليوم ليس لدي الرغبة في الاقلاع عنه"، مضيفة: "أرى التدخين متنفساً لي حين أواجه ضغوط الدراسة والمنزل والمشكلات اليومية". وترى صديقتها: "ان السيجارة ارتبطت بتخفيف الغضب وتحمل الضغط النفسي، فهي تساعد على الهدوء والتفكير بروية". ويشير اختصاصيون اجتماعيون الى ان الوسط الاجتماعي المحيط بالمراهق يترك أثراً في هذا الاتجاه، مثلاً الانتماء الى اسرة مدخنة. فأول سيجارة غالباً ما تبدأ في المنزل، وهذا يدل على ارتباط التدخين بوجود نسبة مرتفعة من المدخنين في المنزل، لا سيما الأب. تقول ميرنا: "للبيت الدور الأهم في الوقاية من التدخين والرقابة على الأبناء .فإذا كان أحد أفراد الأسرة مدخناً، ينعكس هذا في شكل سلبي على سلوك الأولاد"، اضافة الى وجود اعتقادات بأن الدخان يحتوي على مواد تساعد على الاسترخاء، وتعديل المزاج مرده الى انحلال مادة النيكوتين باللعاب الذي يؤثر في المراكز العصبية فيشعر المدخن بالقليل من الارتياح. وتلفت الدراسة التي نشرتها صحيفة محلية الى ان "التدخين يتناسب طرداً مع المستوى التعليمي للفتاة المراهقة فتبدأ النسبة ب10 في المئة للمرحلة الاعدادية لتصل الى 30 في المئة في المرحلة الجامعية". وتقول ميساء: "غالبية المدخنات من الطالبات بسبب غيابهن فترة طويلة خارج المنزل وبعيداً من أنظار الأسرة وتقل نسبة التدخين بعد الزواج حيث يمنعهن الأزواج من ذلك حرصاً على صحة أولادهن". وتقول الاختصاصية الاجتماعية سهى شعبان: "خلال فترة الانتقال الى الجامعة تزداد حالات التدخين لأن الرقابة غير ممكنة كما في المدرسة. والفتاة حين تدخل الجامعة تشعر بءنها أصبحت ناضجة وحصلت على حريتها المنشودة التي ترى في التدخين جزءاً منها". ويرتبط المستوى الاقتصادي بممارسة المراهقين التدخين في شكل كبير، ذلك ان الأخير يتطلب نفقات مالية. وبحسب الدراسة فإن نسبة التدخين ترتفع في الحال الاقتصادية المتوسطة الى 60 في المئة ونحو 35 في المئة في الحال الاقتصادية المرتفعة و5 في المئة في الحال الاقتصادية الضعيفة. وتشير احصاءات "منظمة الصحة العالمية" الى أن نسبة التدخين بين نساء العالم في ارتفاع مستمر، وهذا الارتفاع تشهده الدول العربية كذلك. وتبعاً للاحصاءات تتبوأ نساء اليمن 29 في المئة ولبنان 28 في المئة المركزين الأولين بين نساء العرب المدخنات، ويأتي كل من المغرب وجيبوتي في المركز الرابع بنسبة 10 في المئة تليهما سورية بنسبة 9 في المئة والسعودية 8 في المئة ومصر 6 في المئة، وتتراوح نسبة النساء العربيات المدخنات بين خمسة وعشرة في المئة وهي الى زيادة. ويعود جانب كبير من هذه الزيادة الى انتشار مقاهي الأركيلة في شكل واسع في الدول العربية.