نشرت صحيفة «العالم» الألمانية أخيراً تقريراً كشفت من خلاله بلايين اليورو التي أنفقها الألمان على شراء مواد التدخين. وتبيّن أن الألمان صرفوا نحو 25 بليون يورو خلال السنة الماضية لشراء منتجات التدخين، ما يعني أن كل مدخّن ينفق نحو 150 يورو شهرياً. وتختلف أسعار علبة السجائر في منطقة اليورو من بلد إلى آخر. ويُعتبر سعرها المرتفع عاملاً غير مشجع للمدخنين، كما هي الحال في إرلندا وإنكلترا، حيث يصل سعر العلبة إلى أكثر من 9 يورو، وهما البلدان الأغلى على هذا الصعيد، تأتي بعدهما فرنسا حيث يبلغ سعر علبة السجائر نحو 6 يورو، أما ألمانيا وفنلندا والسويد، فأسعار علب السجائر فيها متقاربة بين 5 يورو و5.5 يورو، بينما تباع العلبة في بلغاريا بسعر يُعدّ الأرخص في الاتحاد الأوروبي، ويصل إلى نحو 2.41 يورو. من جهة أخرى، تجرى أبحاث مستمرة لمعرفة الفئات الأكثر تدخيناً، وكذلك نسبة الرجال والنساء من المدخنين. ووفق آخر الإحصاءات، فإن نسبة المدخّنات من البالغات تبلغ 20 في المئة. ويتقاسم الفتية والفتيات النسبة ذاتها في الفئة العمرية بين 11 و15 سنة، لكن نسبة المدخنين تزيد بعد عمر 16 سنة على نسبة المدخّنات. وتظهر الدراسات أيضاً أن شعبية تدخين السجائر تنخفض بين فئة الشباب، إذ لم يعد وسيلة جذابة كما كان متعارفاً عليه، حيث إن المراهقين كانوا يعتمدون التدخين كطريقة ليظهروا أنهم «كول»، وقد اختلف الأمر الآن. كما كشفت دراسات أن العاملين في مجال البناء ونقل الأثاث هم من الفئات التي تدخّن بشراهة، ويعتبر التدخين بالنسبة إليها مرتبطاً بشرب القهوة وفترة الاستراحة من العمل الشاق. كذلك يعتبر تدخين النرجيلة أمراً محبباً عند الشباب، بل إنها وسيلة التدخين الأكثر شعبية لما هم دون ال17 سنة، وقد جرّبها 60 في المئة من هذه الفئة. عموماً، يشهد استهلاك الدخان في ألمانيا تراجعاً، فقد بلغ عدد السجائر المدخّنة 79 بليون سيجارة سنوياً في مقابل نحو 86 بليوناً في عام 2013. وتقسم المناطق وفق نسبة المدخنين، إذ يفوق عدد المدخنين في شمال البلاد عددهم في جنوبها، وتتوزّع غالبيتهم في برلين وبريمن. وتوقّع مؤشر Bloomberg Business الاقتصادي استناداً إلى آراء محللين، انتعاش سوق منتجات التبغ في ألمانيا التي عرفت تراجعاً في العقد الأخير، وارتفاع استهلاك السجائر هذا العام بسبب وصول عدد كبير من اللاجئين بينهم سوريون كثر. ووفق الموقع، فإن المعدّل الوسطي لتدخين السوريين يصل إلى أكثر من ألف سيجارة في العام، ومعدّل المدخنين الرجال بينهم 48 في المئة وفق منظمة الصحة العالمية. وتسيطّر «بريتش أميركان توباكو» و»إمبريال» على سوق التدخين في ألمانيا، ويتوقّع أن تحقق مكاسب فورية لتميّزها في توفير منتجات رخيصة، و»سجائر اللف» المفضّلة لدى المهاجرين وذوي الدخل المنخفض، نظراً لتدنّي أسعارها. وإذا كان التدخين تحدّياً حقيقياً للعاملين في قطاع الصحة، فإنه فرصة كسب وفير لا يمكن تعويضها بالنسبة إلى أصحاب شركات التبغ. لكن يبقى الاعتماد على سنّ قوانين تحدّ من هذه الظاهرة وانتشارها بكثافة لدى للشباب، علماً أن التدخين ما قبل سن ال 18 يعتبر مخالفة، فيلجأ كثر إليه سراً بعيداً من أنظار الأهل والمدرّسين. ويلعب سعر السجائر والتبغ دوراً حاسماً في زيادة عدد المدخنين.