الكتاب: نقود الشام - دراسة تاريخية للعملات التي كانت متداولة في الشام. الكاتب: قتيبة الشهابي. الناشر: وزارة الثقافة السورية. يستعرض هذا الكتاب، العملات المتداولة في الشام على مر التاريخ" من مسكوكات إلزامية يفرضها احتلال او عملات رسمية سكّها ولاة الامصار او وصلت الى البلاد نتيجة التبادل التجاري. وذلك مع تفصيلات بالصور الوثائقية وهو يضع بين ايدي الباحثين مادة للاستقاء والبحث والمقارنة بين وقائع التاريخ والشواهد وأسماء الاعلام والمدن. والنقود تعريفاً هي المسكوكات المعدنية او الورقية المصرفية اما العملة فتتجاوزها الى الاحجار الكريمة والسلع والمنسوجات. بين المرحلتين اليونانية والبيزنطية تميز العصر الهلنستي بعملات معدنية على درجة عالية من الجمال فحمل لوحات آلهة الاغريق وصور أبطالهم ومسابقات السفن والمهرجانات. وبدأت صور الملوك من عهد الملك فيليب الثاني 360 ق. م. والد الاسكندر المقدوني ثم اتبعت كعادة للسلوقيين والبطالمة من بعدهم. وفي المرحلة الارمنية ضرب ديكران الثاني نقوداً مزينة بالصور والزخارف الدينية وعلى الوجه الآخر صورة الملك. وفي المرحلة الرومانية دخلت سورية في حكم الرومان بعد هزيمة الملك السلوقي انطيوخوس الثالث عشر على يد بومبيه 64 ق. م. ولم تصل المسكوكات الرومانية الى مستوى الفن الاغريقي وكانوا استخدموا عملات بسيطة عرفت باسم ايز. وفي عام 268 ق. م. سك الديناريوس الفضي ونصفه كيناريوس وربعه سيستريوس. وكان يوليوس قيصر اول من ضربت العملة بصورته وذلك قبل مصرعه بعام واحد. وفي العهد البيزنطي سك "السوليدس" و"النومزما" وضربها انستاسيوس 894 ق. م. بصورته مع اسمه ولقبه مرتدياً الزي العسكري. وكذلك فعل جوستنيان الاول. وأضاف هرقل عبارة "الهي ساعد الرومان". نقود الشام الفينيقية والتدمرية تميزت النقود الفينيقية بالرسوم الجميلة بمواضيعها المستقاة من شكل السفن التي كانوا يجوبون بها المتوسط ومن أشكال الحيوانات الاسطورية. وكانت على درجة عالية من المهارة والحذق. ومنذ احتلال حارثة الثالث النبطي لدمشق بدأ ضرب الدنانير منقوشة بصورته وباسمه باليونانية وبلقبه "محب يونان" وبصورة جمل او بشجرة عطرية، او بامرأة تشير الى النصر وتحمل شعاراً سلوقياً كتب باليونانية لا بالآرامية. وضرب عبادة الثاني النقد البطلمي وعلى وجهه الأول رأس عبادة وعلى الثاني صورة صقر. ثم بعد عشرين سنة من حكمه ضرب نوعاً ثانياً على الوجه الآخر وهو رسم لرأس الملكة محل الصقر. وكتب حارثة الرابع عبارة "راحم عمحو" أي "محب أمته". وضربت زنوبيا 270 ق. م. النقود التدمرية على غرار الرومانية وكانت تحمل على احد وجهيها صورة وهب اللات. وفي عام 271 م أضافت اليه اسمه ولقبه. وفي الوجه الثاني صورة اورليان وكتبت في إطارها الحروف اليونانية "سبتيما زنوبيا". في الجاهلية وصدر الاسلام كان اهل مكة يتداولون دنانير هرقل ودراهم الفرس البَغْلين نسبة الى مدينة بغل في العراق او ضراب نقود اسمه راس البغل. وكان المثقال عنهدم 22 قيراطاً الا كسراً. وكان مثقال الفضة يسمى درهماً ومثقال الذهب ديناراً. وكانت النقود الكروية المضروبة بالفهلوية الأكثر انتشاراً الى ان ضرب عبدالملك بن مروان سنة 76 ه اول دينار، والدراهم العربية. وأضاف الخليفة عمر بن الخطاب الى عملة تحمل اسم يزدجرد الثالث آخر ملوك ساسان الفارسية عبارة بسم الله أو الحمدلله أو الله أو ربي الله أو رسول الله. وأطلق المؤرخون على هذه النقود اسم "المغفلة" لعدم حملها اسم الحاكم العربي الضارب ولتحريم التصوير أو كراهته. ونقشت النقود العربية بالكتابات القرآنية والدينية. وتنسب اول دار للضرب الى الخليفة عمر بن الخطاب وثمة من ينسبها الى عثمان بن عفان وتجاوز الضرب الخلفاء الى الولاة على الأمصار. العهد الأموي في ايام معاوية ضربت الدنانير الذهب الى جانب الابقاء على الدراهم الفضة الساسانية التي تحمل صورة هازكيرد الثالث 632-651م وفوزميزت الرابع 579-590م وخسروف الثاني البارفيزي 599-628م. ولم يذكر اسم المدينة التي ضرب فيها على عكس الدراهم، وبقي السك تحت اشراف الخليفة مباشرة وظهر اقدم دينار يحمل اسم افريقيا سنة 100ه، وأقدم دينار عربي لاتيني في الاندلس في سنة 98ه. وكانت تؤطر احياناً بعبارة "باسم الله ضرب هذا... في... سنة...". وفي مقبرة سيان الاسلامية في الصين اكتشفت ثلاث قطع نقش عليها "لا اله الا الله وحده لا شريك له ومحمد رسول الله ارسله بالهدى ودين الحق". وهذا الدينار ضرب في عام 28ه وتبين انه عائد الى عهد معاوية. ويذكر الباحث رسالة المقريزي المعروفة ب"شذور العقود في ذكر النقود" عن دينار رديء. وضرب عبدالله بن الزبير دراهم مدورة ناعمة الاستدارة. وتملك المكتبة الوطنية في باريس ديناراً ذهباً اموياً نادراً باسم عبدالملك ضرب سنة 76ه. وفي الاندلس ضرب اول دينار على ايام الحر بن عبدالرحمن سنة 89ه، وأول درهم سنة 100ه. ونقشت بالآيات القرآنية والعناصر الكتابية كالبسملة ولا اله الا الله وحده لا شريك له. وفي عهد عبدالرحمن الثالث اضيفت اليها ألقاب أمير المؤمنين والخليفة. من العباسي... الى المملوكي أطلق أبو جعفر المنصور على النقود الأموية اسم النقود المكروهة. ثم حذف اسماء خلفاء الامويين والولاة بالتدريج. واستبدلت بأسماء الخلفاء العباسيين. وأبقى البويهيون الطابع العام للدينار العباسي واستمر سكّها بالعبارات القرآنية وضربوها بأسمائهم. وضرب احمد بن طولون دنانير عرفت بالأحمدية ووضع عليها اسم مصر. وفي الشام تداول الناس النقود الفاطمية وضرب جوهر الصقلي الدينار المعزي. واذا كان الأيوبيون تغاضوا على الافراط في الزخرفة المعمارية فقد تفننوا بالمظهر الجمالي للعملات واعتمدوا الزخارف الهندسية والنباتية والكتابية في تأطير اسم السلطان. فظهر الاطار المربع والنجمة السداسية، وسك صلاح الدين الايوبي "الناصرية" مبقياً على اسم الخليفة العباسي. وعندما تولى الظاهر بيبرس جعل صورة رنكة على الدرهم صورة سبع وفسدت دراهمه بدخول الدراهم الحموية التي ضربها المماليك البحرية وحملت نقود المماليك البحرية اسم القاهرة المحروسة والقاهرة. المرحلة العثمانية وما بعدها بعد انتصار العثمانيين على المماليك في مرج دابق اصدر السلطان سليم الاول امره بضرب النقود باسمه متذرعاً بفتوى "قسرية" اصدرها المفتي علي الجمال الحلبي تقضي بعدم جواز سك الايات القرآنية على النقد. فاختفت وصدرت بأسماء السلاطين ومكان الضرب وتاريخه. وفي عهد السلطان محمد رشاد الخامس نقشت البارة وفي اطارها شعار جمعية الاتحاد والترقي "حريت مساوات عدالات". ومن أنواع النقود العثمانية "العصملية" وهي تحريف لكلمة عثمانية و"الغازي". ونساء جبل العرب يستعملن الليرات حتى اليوم على شكل عصائب للرأس تعرف بالغوازي والمجيدي وهذا ضرب ايام السلطان عبدالمجيد 1260ه والبشلك والمتليك والوزري والقرش والبرغوث الصغير والبرغوث الكبير وأم الخمسة وقمري. وفي عام 1914 ظهرت الاوراق النقدية بوجه مطبوع وخلفية بيضاء. في العصر الحديث، قسمت اطوار العملة الورقية السورية الى خمس مراحل زمنية: مرحلة اصدارات باسم البنك السوري. ومرحلة اصدارات باسم بنك سورية ولبنان الكبير. ومرحلة اصدارات بنك سورية ولبنان. ومرحلة اصدارات مؤسسة إصدار النقد السوري. ومرحلة اصدارات مصرف سورية المركزي. وهذه المرحلة الاخيرة بدأت سنة 1957.