} بدأ الاسبوع الماضي في السعودية موسم الزواج والافراح الذي يستمر حتى مطلع ايلول سبتمبر المقبل، الذي يشهد انفاق مئات ملايين الدولارات بدءاً بكلفة الزواج الحقيقية من المهر والذهب والذبائح، وانتهاء بتكاليف المطربات اللواتي يُطلق عليهن اسم "الطقاقات" او "الدقاقات" ويجنين مبالغ طائلة تصل الى 30 الف دولار في الليلة الواحدة، مروراً بالصبابين والصبابات الذين يقدمون الشاي والقهوة ويباشرون تقديم واجب الضيافة نيابة عن عائلتي العروسين كما تقضي العادات السابقة. بعيداً عن استديوهات "الفيديو كليب" ومخرجي الاغاني ومنتجيها وراقصاتها ومستثمريها توجد في السعودية مجموعة من النجمات الشهيرات البعيدات عن الاضواء الاعلامية على رغم انهن يتقاضين اجوراً مرتفعة جداً تبدأ من 10 الاف دولار ولا تقف الا عند حدود تراوح بين 30 و40 الف دولار في الليلة الواحدة، وهذه بالطبع اسعار الفئة الاولى من مطربات الافراح ومسماهن الشعبي "الطقاقات". وفي السعودية حوالى ثلاثة الاف امرأة تضمهن 500 فرقة متخصصة في احياء المناسبات السعيدة خصوصاً الافراح وحفلات الخطوبة وتتوزع النسبة الاكبر منهن في مناطق الرياضوجدة والدمام. وتُصنف الفرق، وفقاً لمصدر من العاملين في قصور الافراح، بين "الطقاقة العادية" التي تستخدم الدفوف فقط ومعها ثلاث او اربع سيدات يرددن الاغاني برفقتها وتبدأ اجورهن من الف دولار في الليلة الواحدة الى نحو 2500 دولار كحد اقصى. وتأتي في مرتبة اعلى "الطقاقة المطربة" التي تستطيع العزف على العود وفي فرقتها سيدات يعزفن الكمان او "الارغن" وتبدأ اجورهن من الفي دولار وتصل الى خمسة الاف دولار في الليلة الواحدة. والفئة الثالثة هي "طقاقات الخمس نجوم" اللواتي لا يوجد حد اقصى لأجورهن التي تتجاوز، وفقاً للمصدر نفسه، 30 الف دولار في الليلة الواحدة ومنهن من اشتهرت وذاع صيتها مثل "زبيدة" و"آسيا" و "نوال السعودية" وهذه اسماء فنية غير حقيقية، وللطقاقات فريق كامل يضم حتى مهندس الصوت وعازفين من الرجال يمارسون عملهم خارج قاعة الافراح وعبر "الجوال" وسيارات خاصة كبيرة ومجهزة. ولاستئجار مطربة من الفئة الاخيرة ينبغي الحجز ودفع مقدم لا يقل عن الفي دولار للتأكيد نظراً لانهن محجوزات طوال موسم الصيف تقريباً، واذا كان التفاوض على احياء عرس في عطلة نهاية الاسبوع فإن السعر يزيد نحو 20 في المئة. في الماضي كانت "الطقاقات" فئة منبوذة اجتماعياً، وليست لهن سمعة حسنة ولا يحبذ السعوديون الزواج منهن، لكن في الفترة الاخيرة تبين ان هاته النسوة يعملن باحتراف منظم وبالمواعيد والاسعار بل حتى العقود التي توقع معهن لحفظ حقوق الطرفين، المتمثلة بالنسبة لاهل الزواج في الحضور باكراً والانصراف متأخراً وبالنسبة لفرقة المطربة في قبض الاجر قبل الدخول الى الصالة والتعهد بعدم تسجيل الحفلة وتسويقها الا عن طريقهن. وغير هذا التنظيم مع انحسار الطفرة وتراجع الموارد نظرة المجتمع الى هذه المهنة حتى ان مجلة "اليمامة" السعودية الرسمية اوردت تحقيقات وتقارير عن سيدات متعلمات تخرجن من الجامعة يمارسن هذه المهنة التي تُدر ذهباً حتى وان كانت الحناجر من قصب، وبعضهن متزوجات من شركاء العمل من الرجال "العازف او المهندس او السائق". ويتناقل الناس في السعودية والخليج قصصاً عن طقاقات وصلن "النجومية" واصبحن فنانات معروفات في المنطقة ولهن عقود احتكار مع شركات الانتاج الفني، ومازلن يمارسن الغناء في الافراح لكن باسعار خيالية تصل الى 50 الف دولار اجراً للمطربة، يضاف إليها نحو 20 الف دولار تكاليف تذاكر السفر والاقامة للفرقة التي غالباً ما تأتي من دبي او لبنان او الكويت. ويتباهى البعض بانه احضر فلانة المعروفة جدا في زواج نجله او كريمته، ويضطر الى التعاقد مع صالات افراح من الفئة الفخمة التي توفر مسرحاً ومؤثرات ضوئية وصوتية، خصوصاً ان الجيل الجديد من "الطقاقات" يمارس الغناء وقوفاً بالمايكروفون كما هو معمول به في الحفلات الغنائية التجارية بعدما كن في الماضي يقمن بالعمل نفسه في ركن قصي من موقع الحفل، بل ان فئة كبيرة منهن لم تكشف عن وجوهها ومارست "الطق" من وراء الحجاب او "البرقع". والزواج في السعودية لا يزال مكلفاً جداً، واقتصاداته والمهن التي ارتبطت به تطورت معه وزايدت ايضاً بالضرورة. وعلى رغم توجه عدد من السعوديين الى "تقليص الانفاق" على الزواج الا ان "الارث القديم" من سنوات الطفرة والرخاء الاقتصادي لا يزال يحكم البقية التي تنفق الكثير والكثير جداً في ليلة واحدة.