تستمر في مركز بومبيدو باريس تظاهرة تشكيلية تكرّم سيرة أبرز صالات العرض في تاريخ الفن المعاصر العالمي، صالة "دونيس روني"، التي استقطبت خلال نصف قرن كل ما تفرع من سلالة الفن التجريدي الهندسي، خصوصاً النحت المتحرك كالدير وتانغلي و"السينيتيك" أو فنون الوهم البصري، ورمزها الفنان الهنغاري فيكتور قازاريللي، ثم ديييز وسوتو وآغام، قبل ان تعرض ما يُعرف بالفن الاختصاري، "المنماليزم". ولعلّ أبرز من عرض فيها خلال السنوات الأخيرة الفنان العراقي مهدي مطشّر مدرس الفنون والشاشة الحرير في المدرسة الوطنية العليا للفنون الزخرفية في العاصمة الفرنسية، وتضم صالة المعرض البانورامي نماذج من مغامرة الفن التجريدي المذكورة بين عام تأسيسها 1944 ورسوخ اختصاصها في 1978. تملك الصالة من الأعمال المعروضة مئة وعشرين عملاً من مجموعتها الخاصة، تشكّل مفاصل بالغة الأهمية في سياق هذا التيار الأساسي في القرن العشرين، توزّع الفنانون بين أوروبا والولاياتالمتحدة وأميركا اللاتينية واسكندنافيا والشرق الأقصى. تملك دونيس روني خمس صالات خاصة بفن السينيتيك، إحداها في نيويورك أغلقت في الثمانينات. كما تملك سلطة ثقافية لا يستهان بها في فرنسا، إذ تشارك في الكثير من لجان الاقتناء والتحكيم ومنها لجنة متحف الفن المعاصر في بومبيدو، وتبوأت لدورات عدة رئاسة سوق الفن العالمي المعروف ب"الفياك"، وتعتبر أول صالة عرض متخصصة منذ الأربعينات. ترسم ذخائر المعرض ذلك التحول المتمفصل والمتدرج من التجريد الغنائي الى فنون الوهم البصري السينيتيك والمتحركات. ابتدأت عروضها بجماعة التجريد الغنائي في باريس وروما وبرلين من مثال بوري وشنايدر وهارتونغ وبولياكوف ومانيلي. ثم تحولت الى الفرع الهندسي أو البصري منها، فبدأت تعرض الأقراص الحلزونية الضوئية لسونيا دولونوي، ثم "جماعة الباوهاوس" ابتداء من مكتشف التجريد واسيلي كاندينسكي، وانتهاء بقازاريللي فرع بودابست، مروراً بألبير الذي أسّس "مدرسة باوهاوس" جديدة في نيويورك بعد إقفال النازيين لها في ألمانيا عام 1933. اكتشفت عروض الصالة الفن المتحرك أو النحت الحركي في الولاياتالمتحدة من خلال كالدير ثم أخذت تهتم بالمتحركات الساخرة لتانغلي في باريس، ووصل اهتمامها بالهندسة ان عرضت عام 1952 لوحات للمعماري الأول في فرنسا "لوكوربوزييه" ثم هربان.