عاد الاصلاحيون في ايران الى الشكوى من "الازدواجية في عمل المؤسسات". واطلق الشكوى هذه المرة البرلمان ووزارة الخارجية، اذ قال وزير الخارجية كمال خرازي ان بعض الأجهزة والمؤسسات الثقافية والاقتصادية غير الحكومية تؤثر مباشرة في عمل وزارته، فيما سحب مشروع من مجلس الشورى للتحقيق في عمل مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الخاضعة لنفوذ المحافظين. اخفق الاصلاحيون في أول اختبار برلماني بعد الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها محمد خاتمي فوزاً كاسحاً، اذ قرر رئيس مجلس الشورى البرلمان مهدي كروبي سحب مشروع "التحقيق والتقصي" في عمل مؤسسة الاذاعة والتلفزيون من جدول اعمال المجلس أمس، مما أدى الى حال من الاضطراب والاعتراض ومغادرة بعض النواب مقاعدهم احتجاجاً. واعتبر كروبي ان المشروع يتعارض مع ما ينص عليه النظام الداخلي لمجلس الشورى، فقوبل بعاصفة من الانتقادات اطلقها عدد من النواب الاصلاحيين بينهم النائبة إلهة كولائي التي صرخت بصوت عال: "وما هي فائدة هذا المجلس؟!". وتخضع مؤسسة الاذاعة والتلفزيون مباشرة لإشراف مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، ويسيطر المحافظون على ادارتها مما يجعلهم يتمتعون بنفوذ كبير على صعيد الاعلام الداخلي، يمكنهم من تمرير طروحاتهم خصوصاً عند المنعطفات الصعبة. وكان الاصلاحيون، وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، يستهدفون بالانتقاد الشديد هذه المؤسسة، ويطمحون عبر إمساكهم بالغالبية البرلمانية الى ممارسة دور مؤثر في عملها من خلال مشروع التحقيق والتحري في نشاطاتها وبرامجها. ورفضت رئاسة هذه المؤسسة المشروع المقترح، ووصف نائب رئيسها عزت الله ضرغامي المشروع بأنه "غير قانوني، ويخالف النظام الداخلي للبرلمان الذي يعتبر ان هذه المؤسسة هي من القطاعات الخاضعة لإشراف القائد المرشد. ان مثل هذا التحقيق يستلزم اذناً من القائد نفسه". وأوضح ان كل الآليات القانونية للتدقيق في نفقات المؤسسة وعائداتها موجودة، ولا حاجة الى تدخل القطاعات الاخرى". وردّ النائب الاصلاحي داود سليماني بأن "التحقيق والإشراف على هذه المؤسسة هما حق قانوني لمجلس الشورى". وأضاف: "ان القائد أكد للنواب في آخر جلسة معهم ان للمجلس الحق في الاشراف على جميع المؤسسات باستثناء القوات المسلحة". وأوضح ان البرلمان "يصادق على موازنة هذه المؤسسة، فهي ملزمة، بالتالي ان تكون مسؤولة أمامه. ان القائد لا يتولى الاشراف عليها بل يتولى عزل رئيسها وتعيينه". واعتبر نواب آخرون ان الأمر لا يخرج عن كونه واحداً من القضايا المتنازع عليها داخلياً. وهو ما أكده النائب الاصلاحي محمد باقر ذاكري الذي قال: "ان ثمة اشكاليات يجب حلها من خلال التفاهم والاتفاق بين قادة النظام، والا فإن النزاعات ستستمر. وان ما شهده البرلمان في جلسة أمس هو نموذج لهذه النزاعات". وتعرض كروبي لانتقادات بعض النواب، واعتبر النائب الاصلاحي شهربانو إمامي ان رئيس المجلس "لا يملك حق استخدام الفيتو في عملية التشريع وإدارة الجلسات، بل يملك كغيره صوتاً واحداً. وان من شأن اجرائه هذا إضعاف دور المجلس". وهذه هي المرة الثانية التي يسحب فيها مشروع يشكل موضوع نزاع سياسي بين المحافظين والاصلاحيين، اذ ان رئيس البرلمان أقدم على خطوة مماثلة العام الماضي عندما سحب من جدول الأعمال مشروع قانون لتعديل قانون الصحافة بطلب من المرشد. ويشكو الاصلاحيون مما يصفونه ب"الازدواجية" في عمل المؤسسات. وهي شكوى وصلت الى وزارة الخارجية اذ أعلن خرازي ان وزارته "لم تستطع ان تمسك لوحدها بالسياسة الخارجية". وقال في حديث الى صحيفة "همبستغي" الاصلاحية "ان هناك مجموعة من المؤسسات الثقافية والاقتصادية تعمل خارج ايران تقوم بالتأثير المباشر في العلاقات الخارجية، وهي خارج اطار الحكومة". وذلك في اشارة ضمنية الى مؤسسات خاضعة لنفوذ المحافظين. وأوضح ان تلك المؤسسات تمارس نشاطها من دون التنسيق مع وزارة الخارجية أو السفارات حتى ان بعضها يبرم عقوداً اقتصادية من دون أي علم للوزارة. وحذر من مخاطر مثل هذه الأعمال لأن من شأنها ان تخرب البرامج التي تضعها الوزارة لإقامة العلاقات مع بعض الدول ومنها مصر، خصوصاً اذا كانت تهدف الى تحقيق مصالح فئوية أو اقتصادية لتلك المؤسسات. على صعيد آخر يتوقع ان يصادق المجلس الدستوري اليوم ذو الغالبية المحافظة على نتائج الانتخابات الرئاسية. ومع تسليم كل المرشحين النتيجة إلا أن وزير الاستخبارات السابق علي فلاحيان تقدم بشكوى ضد اسلوب اجراء الانتخابات، طالباً البت في شكواه. وحصل فلاحيان في انتخابات الرئاسة أخيراً على 55 ألف صوت من أصل 28 مليوناً وجاء في المرتبة التاسعة بين المرشحين العشرة.