يستكمل مجلس الشورى الاسلامي البرلمان الايراني اليوم النقاش في موضوع سحب مشروع تعديل قانون الصحافة أو ابقائه ضمن جدول أعمال المجلس. وفيما اعتبر رئيس البرلمان مهدي كروبي أن الأمر صار محسوماً لمصلحة سحب المشروع، أصر نواب حزب "جبهة المشاركة"، على إبقائه، في وقت يسعون الى لقاء مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي للأخذ برأيه في شأن المخاوف التي طرحها في رسالته الموجهة الى البرلمان ودعوته الى عدم اجراء أي تعديل على القانون الحالي. واحدث هذا القرار هزة عنيفة طالت التيار الاصلاحي المهيمن على الغالبية البرلمانية، وأدى الاحتجاج الى عراك بالأيدي في جلسة الأحد الماضي بين عدد من النواب الاصلاحيين والمحافظين. منافذ قانونية ويبحث الاصلاحيون عن الطرق القانونية التي تمكنهم من اعادة طرح المشروع على جدول الاعمال، ويحاولون في الوقت نفسه امتصاص غضب المحافظين. واكد النائب الاصلاحي أحمد يور نجاتي رئيس اللجنة الثقافية في البرلمان ان مشروع التعديل "لم يستبعد كلياً". ورأى رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية محسن ميردامادي ان استبعاد المشروع كلياً يستلزم طرح الأمر امام البرلمان. وشدد نائب رئيس اللجنة محسن آرمين على هذه النقطة ايضاً وقال: "ان سحب المشروع في جلسة الأحد الماضي لم يتم حسب النظام الداخلي للمجلس". وألقى علي شكوري راد عضو هيئة الرئاسة، بالمسؤولية على رئيس البرلمان مهدي كروبي. واشار الى عدم وجود اعتراض على الرسالة الموجهة من خامنئي. وقال انه لو طرح الأمر للتصويت بناء على هذه الرسالة، فإنه ستتم الاستجابة لرغبة المرشد. ورفض القريبون الى كروبي حملات نواب حزب "جبهة المشاركة" ضده، وقال عضو هيئة الرئاسة "سازغار نجاد" ان كروبي قدم الى البرلمان في "جلسة غير علنية" تقريراً عن نتائج محادثات عقدها مع المرشد آية الله علي خامنئي تمحورت حول تعديل قانون الصحافة، وأطلعهم على الرسالة ولم يعترض أحد عليها. واكدت مصادر قريبة الى كروبي هذه المعلومات، وابدت استغرابها من موقف حزب "جبهة المشاركة" الذي انسحب عدد من اعضائه اثناء تلاوة الرسالة في الجلسة العلنية للمجلس. وردّ المحافظون بغضب على ما وصفوه بالإهانة التي وجهها بعض النواب الاصلاحيين الى المرشد الأعلى، وتظاهر طلاب جامعيون وعمال وممثلو نقابات أمام البرلمان، كما تظاهرت مجموعة من "أنصار حزب الله" وطالبت بإخراج "النواب الذين أهانوا المرشد" من البرلمان. وأعلنت أهم مؤسسات النظام دعمها للمرشد ومنها الحوزة الدينية في مدينة قم، والمجلس الدستوري. وأظهرت أحداث جلسة أول من امس ان لا خيار أمام الاصلاحيين سوى الاتفاق والانسجام مع المرشد في وقت استمرت الاجراءات ضد الصحف الاصلاحية، اذ تم ايقاف الصحافي احمد زيد آبادي في صحيفة همشهري بموجب قرار صادر عن قاضي محكمة المطبوعات سعيد مرتضوي. ويرأس تحرير صحيفة "همشهري" المواطن رئيس بلدية طهران مرتضى الويري. وتم حتى الآن ايقاف حوالى عشرين صحيفة واسبوعية خلال أشهر عدة بموجب مذكرات قضائية. صلاحيات المرشد وينبغي للاصلاحيين كي يمضوا في برامجهم ان يكسبوا موافقة المرشد خامنئي. اذ ان الدستور يمنحه صلاحيات مطلقة بحكم كونه الولي الفقيه، وتطال هذه الصلاحيات الاشراف على عمل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. وفقاً لاحكام المادة السابعة والخمسين، كما انه يتولى الاشراف على حسن تطبيق السياسات الكلية للنظام وفق المادة 110 من الدستور. وهو ايضاً القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويصادق على انتخاب رئيس الجمهورية ويُمكّنه منصبه حل البرلمان. وكان جدال دار في شأن حدود ولاية الفقيه، حسمه الامام الخميني مؤسس الجمهورية الاسلامية الذي أعلن انها ولاية مطلقة وتم تثبيت ذلك دستورياً. ويعاون خامنئي في رسم السياسات الكلية للدولة، مجلس تشخيص مصلحة النظام برئاسة هاشمي رفسنجاني، ويضم المجلس رؤساء السلطات الثلاثة وعدداً من كبار الشخصيات التي لعبت أو ما تزال تلعب دوراً رئيسياً في حياة النظام ويعين هؤلاء الاشخاص من قبل المرشد نفسه. ويعين المرشد ايضاً ستة من أصل اثني عشر شخصاً هم اعضاء المجلس الدستوري الذي يملك صلاحية مطابقة قوانين البرلمان وقراراته مع الشريعة، ويمكنه المصادقة عليها أو رفضها. وفي حال حصول خلاف واشتداده بين البرلمان والمجلس الدستوري يتدخل مجلس تشخيص مصلحة النظام لحل هذا الخلاف، ويمكن للمرشد التدخل عبر هذا المجلس لإبداء رأيه في حل الخلاف. أما المرشد نفسه الولي الفقيه فيتم انتخابه من قبل مجلس خبراء القيادة المؤلف من كبار رجال الدين. ويُنتخب اعضاؤه في اقتراع شعبي عام مباشر، ويتمتع المجلس بصلاحية المراقبة الدائمة لأعمال المرشد ويمكنه تثبيته أو عزله. ويسيطر المحافظون على غالبية مقاعد مجلس الخبراء.