أعلن زعيم التيار المحافظ في ايران آية الله محمد رضا مهدوي كني دعمه الاصلاحات شرط ان تكون في اطار الدستور ولا تخرج عليه. داعياً الى اعطاء تعريف شفاف وواضح للاصلاحات، والا تستخدم كوسيلة لالغاء الطرف المنافس، اي المحافظين. وفي حديث الى "الحياة" هو الاول من نوعه مع وسيلة اعلامية غير ايرانية، دعا مهدوي كني الى الوفاق الوطني في ايران والوحدة الداخلية والعمل لخدمة الشعب ووضع حد ل"سوء التفاهم" في اشارة الى الحال السائدة بين المحافظين والاصلاحيين. واكد ان رئيس الجمهورية هو رئيس لجميع الايرانيين، وان اهم اولوياته ينبغي ان يتركز على "تحقيق العدالة، والعيش الكريم للمواطنين، وحفظ المبادئ الدينية". ويتولى آية الله مهدوي كني منصب الامين العام ل"جماعة علماء الدين المجاهدين"، التي تعتبر بمثابة القيادة الدينية للتيار المحافظ، اذ يدور في فلكها كل قوى اليمين واحزابه. وتأتي مواقف مهدوي كني بعد فوز الرئيس محمد خاتمي بولاية ثانية تظهر طبيعة توجهات المحافظين في المرحلة المقبلة. وهو حذّر من ان "معارضي النظام يتحيّنون الفرص للاصطياد في الماء العكر والوصول الى اهدافهم المشؤومة"، واصفاً "ادعاءهم الوفاء للنظام"، بأنه "خدعة". ودعا الى القيام بالاصلاحات "بجدية بدل الجدل الذي لا فائدة منه"، ورأى ان الاميركيين "يعملون للانتقام من ايران". وهنا نص الحديث: ما هي في رأيكم أهم القضايا التي ينبغي ان تكون في أولويات الرئيس المنتخب للسنوات الأربع المقبلة؟ - أهم ما ينبغي للرئيس المنتخب وأي حكومة ان يضعاه في أولوياتهما أربعة عناصر: ايجاد الأمن، الترويج للأصول الثقافية والدينية للمجتمع، تطبيق العدالة وحراسة الحقوق العامة للشعب، وأخيراً التنمية الاقتصادية وتأمين العيش الكريم للشعب. هذه العناصر تشكل مطلباً لجميع الذين يرتبطون بالثورة الاسلامية، ويريدون الاستقلال للجمهورية الاسلامية الايرانية. شعبنا حقق الثورة استناداً الى ثلاثة شعارات هي الاستقلال والحرية والجمهورية الاسلامية، وقدم التضحيات ودماء ابنائه حتى انتصرت الثورة، وقدم التضحيات لحفظها، وبكلمة نقول ان علة بقاء أي شيء هي ذاتها العلة التي أوجدته. وكيف تقرأون دلالات المشاركة الكثيفة في الانتخابات الرئاسية وما نتج عنها، وتأثيرها على النظام داخلياً وخارجياً؟ - شعبنا مرتبط بالاستقلال والعزة التي نالها في ظل الثورة، وعندما يحس بوجود خطر ينزل الى الساحة في شكل أكبر، وكلما ازدادت ضغوط الأعداء علينا سياسياً واقتصادياً يصبح شعبنا أكثر تصميماً. شبابنا يعشقون الاسلام والثورة، ويأملون بتحقيق آمالهم المادية والمعنوية في ظلهما، ويعطون ثقتهم للحكومة التي يحبونها ويعلقون عليها الآمال لتحقيق مطالبهم. ان أكثرية الشعب مسلمون مرتبطون بالثورة والاسلام الذي يتمكنون من خلاله من العيش في ظل الرفاه والأمن والاستقرار. شعبنا يحب ان تكون علاقة المسؤولين به علاقة صادقة، وأن تكون الثقة هي الحاكمة بينه وبين الحكومة. ونحن نسأل عادة عن السبب الذي جعل الشعب يحب الإمام الخميني والجواب لأنه كان صادقاً وشفافاً في كل ابعاد وجوده وتعاطيه مع الشعب الذي يؤكد حضوره في الساحة بناء على هذه الرؤية، وندعو الله ألا يأتي يوم تزول فيه هذه الثقة بين الحكومة والشعب. اعتقد ان هناك ثلاثة عوامل يمكنها ان توجه ضربة الى هذه الثقة، الأول عدم احترام المقدسات الدينية، والثاني عدم الاهتمام بتطبيق العدالة وإحقاق الحقوق العامة، والثالث عدم الاعتناء بالمطالب المعقولة للشعب. لكن هناك واجبات ينبغي أن تتحملها القوى السياسية والحزبية في ايران، وجعل التنافس ايجابياً بدل ان يتحول الى نزاع. - اننا نقسم القوى والفئات السياسية نوعين: القوى المؤمنة بالاسلام والنظام الاسلامي، والقوى الرافضة لهما على رغم انها تظهر عبر مواقفها وفاءها لهما. ونعتقد ان الفريق الأول يشكل الأكثرية، ونظراً الى الاعتقادات والرؤى المشتركة المتعلقة بقيم النظام يمكن هذه القوى بسهولة ان تتعاون، وفي الوقت ذاته ان تتنافس على القضايا التنفيذية والسياسية. ولكن، عليها ان تبقى حذرة من احتمال أن يستفيد معارضو النظام من هذه المنافسة في شكل سيئ، ويعملوا لتحويلها وسيلة لتحقيق نصر لهم. فهم يتحينون الفرص للاصطياد في الماء العكر، والوصول الى أهدافهم المشؤومة. على القوى المرتبطة بالنظام أن تكون يقظة الى ان الادعاء الظاهري لمعارضي النظام بالوفاء له ما هو سوى خدعة، والتجربة والعقل اثبتا ان العدو يبقى عدواً يقصد القوى الليبرالية. الشيطان خاطب النبي موسى يوماً قائلاً له قل لا إله إلا الله فأجابه موسى بأن هذه هي كلمة توحيد وأمر مقدس لكنني لن أرددها بناء على طلبك لأنك شيطان ومخادع. إذا حصرنا البحث بين القوى التي تصفونها بأنها موالية للنظام وليس القوى الليبرالية، هل أنتم مستعدون لمواصلة الحوار مع "جماعة علماء الدين المناضلين" "روحانيون" التيار الديني الاصلاحي الداعم لخاتمي؟ - مثل هذه اللقاءات والحوارات مستمر في شكل غير رسمي، واللقاءات التي عقدت خلال العامين الماضيين في طهران وقم فرضتها الضرورة المرحلية آنذاك لإزالة التوتر، وهذه الضرورة غير موجودة الآن. لا اعتقد ان اخواننا في رابطة "روحانيون" لا يريدون الوفاق والوحدة، لأن أي شخص على علاقة بالثورة ومكتسباتها ينبغي ان يدرك ان التنسيق والوفاق هما أهم العوامل لحماية الثورة ومنجزاتها. واعتقد ان جميع الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه دماء الشهداء يركزون على حفظ المبادئ والقيم المشتركة، اما الاختلاف في الجزئيات والبرامج التنفيذية فلا يتنافى مع الوفاق الوطني. واخواننا يدركون ان الفرص تمر مرور السحاب، لذلك يجب اغتنامها، ووضع سوء التفاهم جانباً، وعدم الالتفات الى بعض المواقف غير المعروفة، والعمل لخدمة الشعب، لأن أهم عامل في انتصار الثورة كان الوحدة والوفاق خلف الإمام الخميني، ولا وجود الآن سوى لخيار واحد هو طريق الوفاق. الإصلاحات ودور البرلمان ماذا عن رأيكم في الاصلاحات ودور الشعب والبرلمان في ظل المواقف الاخيرة للمرشد آية الله علي خامنئي؟ - استناداً الى ما اعلنه قائد الثورة، تتجلى الاصلاحات الحقيقية في قلب الثورة والنظام الاسلامي والدستور، ونحن ما زلنا في اول الطريق، اي اننا ما زلنا في الخطوات الاولى التي تدعو اليها الثورة. واذا كان بعض الثورات توقف او تم نسيان تضحيات مجاهديه بسبب ضغوط الاعداء او غفلة الاصدقاء في المراحل الاولى، فان ثورتنا استطاعت ان تكون قوية وثابتة على رغم مرور 23 سنة عليها. ان الثوريين والذين يؤمنون بالثورة يمكنهم التقدم بالاصلاحات، ونحن لم نحصل على ثورتنا في شكل سهل كي نفقدها بسهولة. علينا التعاون وحفظ المبادئ الاساسية للنظام، والقيام بالاصلاحات بجدية بدل التنازع والجدل السياسي الذي لا فائدة منه. علينا عدم استخدام الاصلاحات كوسيلة لاخراج الطرف المنافس من الساحة يقصد المحافظين، بل ينبغي ان نقدم تعريفاً شفافاً وواضحاً للاصلاحات وتحديد حدودها ومجالاتها، ونرى ان الذين يدعون الى اصلاحات تتجاوز الدستور يتحولون عن غير قصد الى ابواق لترويج ما يريده اعداء ايران والاسلام. فالثورة من الناحية المبدئية ليست سوى الاصلاح، ونحن قمنا بها من اجله، والاصلاحات التي تتحرك في اطار الاسلام والدستور، على الجميع دعمها، وكل من يدعو الى غير ذلك من الاصلاحات يُثلج قلوب الاعداء. ان الاصلاحات الهادفة الى تحقيق العدالة ورفع الظلم، ومواجهة الفساد والمحسوبيات، تنبع من عمق الثورة الاسلامية ومستلزماتها، وهذه الثورة هي للشعب وليست محصورة بشخص او فئة معينة. واذا كنا نطلب الاصلاح حقيقة، ولا نريد منه ان يكون كلمة حق يراد بها باطل، علينا بذل كل جهد لتحقيق ذلك، وان نتبع اقتراحات قائد الثورة ونصائحه، وألا نردّد ما يريده الاعداء لأننا سنندم. الانتفاضة كيف ترون دور ايران وغيرها لدعم الانتفاضة والفلسطينيين؟ - الدول الاسلامية والعربية تستطيع ان تساعد الانتفاضة الفلسطينية عبر اتباع استراتيجية وحدة الكلمة، وان تقف في وجه الصهاينة في شكل جدي، لأنهم لا يخشون المزاح من الدول الاسلامية. وطالما ان هذه الدول تعلّق آمالاً وهمية على الولاياتالمتحدة، لن تتمكن من مواجهة اسرائيل بجدية، على رغم انها قادرة على المواجهة استناداً الى ما تملكه من ثروات. الانتفاضة بحاجة الى مساعدات مادية ومعنوية، على الدول الاسلامية ان تقدمها اليها. وهل ما زال الدعم الاميركي لاسرائيل احد عوائق العلاقة بين طهران وواشنطن؟ - مواقف قائد الثورة الاسلامية والمسؤولين واضحة تجاه موضوع العلاقة مع اميركا، واعتقد ان الاميركيين يعملون بالدرجة الاولى للانتقام من ايران. انهم مغرورون، وهذه مقدمة لسقوطهم. وما هي رؤيتكم للعلاقة مع مصر طالما تدعون الى وحدة العالم الاسلامي؟ - اهمية الوحدة ليست خافية على احد، ولكن ينبغي النظر الى الثمن الذي تحقق من خلاله. فأنتم تطرحون سؤالاً عن كيفية مساندة الانتفاضة الفلسطينية. وتطرحون من جهة ثانية موضوع الوحدة مع الذين يدعمون عملية التسوية مع اسرائيل فهل نريد ان نمازح بعضنا بعضاً؟ اذا كنا نطالب بالوحدة فلنهيئ الارضية لها، ومن البديهي ان تحقق اي خير يستلزم تهيئة الظروف المناسبة له، اي الشروط الواقعية والذهنية. في كل الاحوال، نظامنا جاهز لمدّ يد الاخوة والصداقة لجميع المسلمين، ولكن على اساس ما ورد في القرآن الكريم، والاية التي تقول "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء"، و"لتجدنّ أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا".