صعدت اسرائيل حملتها السياسية والعسكرية على الفلسطينيين أمس، فدعا عدد من الوزراء الى تقويض السلطة الفلسطينية واقامة كانتونات في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما أبدى المبعوث الاميركي الخاص تشاؤمه من الأوضاع، وقال بعد لقاء مع الرئيس حسني مبارك في القاهرة، ان الأوضاع الحالية قد تقضي على إمكان تطبيق "مقررات ميتشل". وتوعد شارون بشن حملة واسعة سيختار توقيتها. في غضون ذلك استهدف مسلحون فلسطينيون مستوطناً يهودياً وقتلوه قرب طولكرم، وعقد مسؤولون أمنيون فلسطينيون واسرائيليون اجتماعاً أمنياً في غزة، طالب خلاله الفلسطينيون برفع الحصار وفتح المعابر وتسهيل حركة المرور. بدأت الانتفاضة التي دخلت شهرها التاسع تستهدف المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة، اذ قتل أربعة منهم خلال الأيام الثلاثة الماضية كان آخرهم امس. اذ قتل مسلحون فلسطينيون مستوطناً داخل سيارته قرب طولكرم، وعلى الفور احكمت قوات الاحتلال حصارها على قرى عدة وبدأت عمليات تمشيط وتنكيل واسعتين. وكان ثلاثة مستوطنين قتلوا في عمليتين منفصلتين قرب بيت لحم واخرى على مداخل نابلس. وتقول مصادر الاجنحة العسكرية في الفصائل الوطنية والاسلامية انها ستركز على المستوطنين لما يمثلونه من تجسيد مباشر للاحتلال والعنف ضد الشعب الفلسطيني وأرضه. وخرج مسؤولون اسرائيليون ومن بينهم الوزير المتشدد عوزي لانداو مطالباً رئيس الوزراء ارييل شارون برد قاس وحاسم ضد السلطة الفلسطينية والكف عن سياسة "ضبط النفس" ووقف اطلاق النار من جانب واحد، وسانده في ذلك الوزير الأكثر تطرفاً في ائتلاف شارون، رحبعام زئيفي فهدد بالانسحاب من التكتل الحاكم اذا استمر الصمت العسكري على "الارهاب الفلسطيني الذي يطاول طليعة الاسرائيليين"، في اشارة الى المستوطنين. واضطر شارون الى عقد لقاءات مع قادة اليمين المتشدد لىطمئنهم الى انه سيرد في الوقت المناسب بعد استنفاد الوساطة الاميركية، كما انه لن يقدم على أي "عمل كبير" قبل ان ينهي جولته الأوروبية الوشيكة. وتجمع مصادر اسرائيلية على ان شارون الواثق من انهيار الوساطة الاميركية يخطط لتوجيه ضربات ضد السلطة الفلسطينية سعياً الى تقويضها بعد ان يحصل على ضوء أخضر من الادارة الاميركية انطلاقاً من اعتقاده بأنه سينجح في حملة ديبلوماسية تظهر الرئيس الفلسطيني رافضاً لوقف النار ومسؤولاً عن "العنف". وكان هذا مدار بحث في مكالمة هاتفية تلقاها شارون من وزير الخارجية الاميركي كولن باول الذي قدم تعازيه بمقتل المستوطنين ووعد، حسب مصادر اسرائيلية، بتكثيف الضغط على عرفات لبذل جهده في وقف احداث العنف. ورداً على التهديدات المبطنة الصادرة عن الاسرائيليين اكد الأمين العام لمجلس الوزراء الفلسطيني أحمد عبدالرحمن ان "الشعب الفلسطيني لا ترهبه التهديدات وقد خبر القمع الاسرائيلي في طبعته الشارونية كما انه قارع هذا المتشدد منذ اجتياح قوات الاحتلال للبنان عام 1982"، وتابع ان الاسرائيليين يريدون سلطة فلسطينية متعاونة أمنياً مع الاحتلال الاسرائيلي وهو ما لن يكون. وختم عبدالرحمن ان "الانتفاضة ستستمر بكل أشكال المقاومة مهما بلغت التضحيات ولن تتوقف قبل ان يرحل الاحتلال". وكان مسؤولون أمنيون فلسطينيون واسرائيليون اخفقوا في وضع آلية ولو مبدئية لتطويق الاحداث الميدانية في لقاء على معبر غزة ليل الخميس وقال اللواء عبدالرازق المجايدة الذي شارك الى جانب مسؤول الاستخبارات العامة أمين الهندي في الاجتماع: "رفض الجانب الاسرائيلي التعهد بالتجاوب مع مطالبنا المشروعة وأولها رفع الحصار عن القطاع وإزالة الحواجز العسكرية التي تقطع أوصاله وفتح مطار غزة والسماح بصيد الاسماك على شواطئ القطاع". وفي تقديره فإن الاجتماع كان فاشلاً وان الاسرائيليين لا يملكون أي أجندة سياسية بل يبحثون عن فشل يبرر استمرار عدوانهم.