عقدت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية مؤتمرها السنوي الرابع في القاهرة تحت عنوان "الدين والدولة في العالم العربي توافق أم صراع". واستهل رئيس الجمعية رؤوف عباس الجلسة الافتتاحية بكلمة أشار فيها الى أنه ليس من باب المبالغة أو المغالاة القول إن الجدل بين سلطتي الدين والدولة، يمثل أحد مظاهر الشخصية العربية تاريخياً، وأحد عوامل تفسير حركة المجتمعات العربية بين التغير والثبات والركود. وتطرقت سفتلانا كيريلينا من معهد الدراسات الآسيوية والافريقية في موسكو في دراستها عن "المؤسسات الاسلامية في مصر العثمانية" الى تفسير الحركات الانفصالية التي حدثت في القرن ال 18 الميلادي في الولايات العثمانية في بلاد الشام ومصر، إذ انها تُرجع هذه المحاولات الى زيادة نسبة الوجود المسيحي في الاجهزة الادارية للدولة العثمانية، اضافة إلى دعم المجتمع الغربي لهذه الاقليات. وقسم الباحث المصري عبدالمنعم الجميعي "دور الدين في التوجه السياسي للدولة العثمانية" إلى مرحلتين: مرحلة القوة وهي التي شيّد فيها العثمانيون دولتهم في ظل روح الجهاد الديني التي كانت غالبة عليهم ويمكن ربطها بالفتوحات العثمانية باسم الإسلام ضد الكيانات المسيحية في البلقان وفي شرق أوروبا وفتحهم القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية. وتناول عبدالفاضل الصافي من المغرب موضوع "الدين والمتغيرات السوسيو-اقتصادية والفكر السياسي عند الشوام العثمانيين أواخر القرن 19 وبداية القرن 20" حين طرح بعض الاسئلة المتعلقة بالديانتين الاسلامية والمسيحية والدور الذي لعبتاه في تحديد مفهوم الدين والدولة في بلاد الشام والحدود السياسية لكل منهما. وفي دراسته عن "المجلس الاسلامي الأعلى في فلسطين ودوره الوطني والاجتماعي في ما بين الحربين العالميتين" تناول عادل غنيم من جامعة عين شمس ظروف انشاء ذلك المجلس العام 1921 واختصاصاته التي تشمل القضاء الشرعي والأوقاف الاسلامية والافتاء، ومحاولات السلطة البريطانية المنتدبة حصر نشاطه في القضاء الشرعي وشؤون الاوقاف، ولكن المجلس وجه اهتمامه أيضاً الى الناحيتين الوطنية والاجتماعية حتى أصبح من دعائم الحركة الوطنية في فلسطين، اضافة الى اهتمامه بشؤون المسلمين خارج فلسطين. ومن جامعة الزقازيق المصرية قدم عبدالوهاب بكر دراسة عن "الدعوة والسلطة في مصر وتركيا في النصف الأول من القرن 20"، إذ تعرض لحال الشيخ حسن البنا في مصر، وبديع الزمان النورسي في تركيا، وأوضح أن الأول اختلف عن الثاني في أنه أراد اقامة جسر بين الدين والسياسة، فاستخدم الدعوة للوصول إلى أهدافه السياسية، واختلف الثاني عن الأول في أن دعوته كانت في دولة ليس من بين ركائزها التمسك بالدين، ووجه الشبه الوحيد بين الدعوتين هو مواجهتهما للسلطة. وقدم عبدالكريم مدون، من المغرب، بحثاً عنوانه "خطاب الدين والدولة في الكتابات العربية"، وركز زمنياً على ثلاث محطات تتمثل في القرون 15، 19 و20 وذلك من خلال مقاربة بين خطابات مجموعة من المفكرين الذين عاصروا تلك الحقب مثل ابن خلدون والمقريزي والجبرتي. وأشار الباحث في المجلس الأعلى المصري للآثار الزميل خالد عزب في دراسته عن "المسجد الجامع والسلطة في المدينة الاسلامية" الى أن المسجد الجامع لعب دوراً محورياً في المدينة الاسلامية منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وزاد هذا الدور في عصر الخلفاء الراشدين. ويرى عزب أن التراكم الحضاري جعل للمساجد الجامعة في العالم الاسلامي سلطة روحية لا يستطيع الحاكم أن يقاومها. وفي دراسته المعنونة "الاسلاميون والفكر السياسي في مصر" تناول محمد سليم العوا الفكر السياسي للمفكرين الاسلاميين في المئة سنة الاخيرة بدءاً من الافغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا وحسن البنا وسيد قطب، وذلك من حيث الفكر المهادن للسلطة والفكر الثائر عليها. وارتكزت لطيفة سالم في دراستها عن "التيار الديني في الثورة العرابية" على ثلاثة محاور، تناولت اهمية الازهر في الثورة العرابية، ودور رموز الصفوة المستنيرة مثل محمد عبده وعبدالله النديم، اضافة إلى القضاة أصحاب المركز الديني والاجتماعي، وتناول الثالث مقياس الارتباط مع الدولة العثمانية، اذ أدرك التيار الديني ضرورة تحديد العلاقة والتفرقة بين السلطة السياسية والسلطة الدينية وموقف السلطان عبدالحميد من الثورة العرابية.