ايمان بدر اسم مميز في عالم المصارعة الحرة في لبنان والعالم العربي. تحدّت الرجال وصارعتهم وصرعتهم، لأنها لم تجد بين النساء من تنازلها. قوتها الخارقة جعلتها تفوز على معظم مصارعاتها ومصارعيها، لذا يعمد معظمهم الى ارتداء الأقنعة خلال مبارزتها، خوفاً على سمعتهم من فضيحة الفشل والهزيمة امامها! تحدت إيمان الرجال في حلبة المصارعة، وتحدت رفض الأهل والزوج والمجتمع لاختيارها هذه الهواية القاسية، وأصرت على الاستمرار في المصارعة الحرة التي تعشقها، ولا ترى في ممارستها أي عيب. متى بدأت إيمان المصارعة الحرة ولماذا اختارت هذه اللعبة بالذات؟ وما هي الصعوبات التي واجهتها بسببها؟ عشقت بدر الرياضة العنيفة منذ طفولتها، فهي لم تكن تهتم إلا بالألعاب الصبيانية و"صنع البطولات" وكل ما يمكنه ان يبرز قوتها، لدرجة جعلتها تكسر كل ما قد تطاوله يداها، حتى الأبواب كانت تتكسر في شكل غير إرادي فيما لو قصدت فتحها، ما جعل أهلها يطلقون عليها صفة "الوحشة". تقول إيمان إنها اختارت لعبة المصارعة بالذات، لأن أخيها الأكبر كان مصارعاً، وتعلمت منه أغلب الحركات وقواعد اللعبة. ولما فقدته خلال الأحداث اللبنانية، قررت وفاء له متابعة مسيرته وتحقيق حلمه في عالم الرياضة. إلا أنها لم تستطع ذلك في سن مبكرة، بسبب معارضة أهلها للفكرة، وعلى رغم ذلك لم تيأس بل انتظرت الفرصة المناسبة لتحقيق حلمها. وتقول: "زوجي أيضاً عارض فكرة وقوفي على حلبة المصارعة، لكني لم أرضخ لرأيه، بل كنت أغافله ليلاً وأذهب الى النوادي للتمرين. لم يكن زوجي يشعر بخروجي من البيت، لأنه كان يغط في نوم عميق ويظن أنني نائمة، إلا أنه كان ينهض في الصباح الباكر على صوتي المتألم من تأثير الركلات والكدمات التي كنت أصاب بها أثناء اللعب. وكان دائماً يثور علي ويتمنى لي الموت على أيدي المصارعين". لم تأبه إيمان للصعوبات التي كانت تعترض طريقها، بل ثابرت وأكملت وأثبتت جدارتها وبطولتها في مواجهة النساء والرجال، لأنه لا وجود لمصارِعات نساء في لبنان والعالم العربي غيرها، اما بالنسبة الى الرجال فهي تصارعهم وتتغلب عليهم، ولهذا السبب يعمد معظمهم الى وضع أقنعة على وجوههم خلال مواجهتها خوفاً من الفشل والفضيحة. تقول إيمان "أنا أتمتع بقوة جسدية خارقة منذ الولادة. لا أتدرب كثيراً، ولكن بمجرد وجودي على حلبة اللعب تتضاعف قوتي وأطيح من هم أمامي". تتوج إيمان نجمة معظم حفلات المصارعة التي تشارك فيها، والتي غالباً ما تحمل عناوين تشير الى بطولتها، فمن "امرأة تغلب الرجال قبل النساء" الى "امرأة تتحدى رجلاً" وما إلى ذلك وجمهور بدر يزداد ويشتاق دائماً لمشاهدتها، وهذا ما يشجعها ويجعلها تترك كل شيء من اجل المصارعة التي أصبحت جزءاً من حياتها، طوال تسع سنوات من الكفاح والتدريب. تواجه إيمان تساؤلات عدة واستغراب الناس لأنها اختارت المصارعة الحرة، إلا أنها لا تأبه لذلك لأنها مقتنعة بما تقوم به، وتقول: "أنا لا أقوم بفعل حرام أو عيب، وإذا كنت أقوم بشيء خطأ فليحاكموني"، وتضيف: "المصارعة نوع من الرياضة، لماذا يستغربها بعضهم؟"، ثم تتساءل: "ترى لو كنت أرقص هل كان الناس سيستغربون الأمر أم سيشجعونني ويصفقون لي؟". لم تؤثر لعبة المصارعة الحرة في حياتها الاجتماعية، فهي أم لأربعة أولاد، وسيدة مجتمع، تعمل خلال النهار في سنترال البلدية، وتعالج بجلسات تدليك طب فيزيائي بعض المرضى، كما انها عضو في "جمعية الأرز الثقافية الكردية" ومسؤولة عن ألعاب القوى فيها. تربي ايمان أولادها بكل حب وصبر، خصوصاً بعدما انفصلت عن زوجها وشعرت بالحرية وتعودت عليها. فهي امرأة طيبة وعطوف، تتعامل مع جميع الناس بإنسانية وروح رياضية، ولكن طبعها عصبي. في حال الغضب تلجأ الى البكاء أو الى الضرب، لذا تحاول في هذه المدة التريث والعد الى المئة، لأنها إذا هاجمت أحداً قد تؤذيه. وسبق لها ان كسرت عن غير قصد يد ابن الجيران الذي استفزها بقوله إنها تدعي البطولة، وكذلك كسرت يد ابنها. لذلك تفضل تجنب الضرب، وحل مشكلاتها "بالطرق السلمية"، ولكن "إذا لم تحل بالعقل، تضطر الى حلها بزندها". تطمح السيدة بدر الى السفر خارج لبنان، بسبب عدم وجود اهتمام كبير بلعبة المصارعة الحرة فيه، وتتمنى على الدولة دعم هذه اللعبة، وتشجيع النساء على ممارستها، كما تدعوها الى الافتخار بوجود امرأة مصارعة في لبنان والوطن العربي.