تمثل فترة الامتحانات، بيئة مناسبة لازدياد متعاطي المخدرات في معظم البلدان وبخاصة النامية منها، من خلال الضغوط التي يتعرض لها الطلاب في هذه الفترة الصعبة، وتعد أيضاً موسماً ملائماً لتجار المخدرات لجني الأرباح المادية في مقابل تدمير المجتمع. يحتضن المجتمع السعودي هذه الأيام، ضيفاً من العيار الثقيل لا سيما على الطلاب والطالبات، ضيفاً وصفه البعض بزلزال يصيب الأسر، ويجعلها تعيش في جو من التوتر والترقب. كيف لا، واجتيازه يرفع رؤوس الآباء، ويحتل صدارة أحاديث النساء، لكنه في الوقت نفسه يؤرق الطلاب، ويجعلهم يستغيثون بأي شيء في سبيل تجاوزه، ولو بقشة. ولعل بعض القشات تقصم الظهر كما في المثل العربي. ومن القشات التي لا تكتفي بقصم ظهر الطالب فقط، بل تطاول اسرته ايضاً، وهو "الكبتاغون" نوع من المخدرات المنبهة، التي يتوهم الطلاب أو يوهمون بأنها تساعد على شحذ الهمم وتسهل عملية الاستذكار والتحصيل في فترة الامتحانات والسهر لفترات طويلة. احصاءات حرس الحدود السعودي للعامين الماضيين تثير المخاوف اذ حددت كميات المخدرات المضبوطة من حبوب الكبتاغون ب3،15 ألف حبة في عام 9919 ونحو 7،64 ألف حبة في عام 2000 وبزيادة تجاوزت نسبتها 76 في المئة، قدرت قيمتها ب6،1 مليون ريال سعودي 43،0مليون دولار أميركي. "الحياة" التقت عدداً من الطلاب لتلقي الضوء على هذه المشكلة عن قرب: مبارك محمد 18 عاماً طالب ثانوي على عتبة التخرج، ذكر أن "مؤشرات بيع حبوب الكبتاغون ترتفع في فترة المذاكرة والاستعداد للامتحانات، إذ تشكل موسماً للربح الوفير لمصلحة تجار هذه الحبوب المخدرة، ويعود الأمر في ذلك إلى الكثير من المفاهيم الخاطئة لدى الطلاب حول ماهية هذه المواد التي تقدم على أنها تساعد على السهر، الأمر الذي يزيد من عدد ساعات المذاكرة في اليوم الذي يسبق الامتحان. استعمل أخي - الذي يكبرني بسنتين - هذه الحبوب حتى يستطيع مواجهة امتحانات الثانوىة العامة، التي تحكم القبضة على مستقبل الطالب، ومع ذلك كله نجح أخي بمستوى لم يؤهله لدخول أي جامعة، عندها فقط عرف من خلال التجربة أن هذه الحبوب التي أنفق عليها أكثر من 1000 ريال سعودي 267 دولار اميركياً في فترة لا تتجاوز اسبوعين لم تفده، من دون ان يعلم أن كل حبة من هذه الحبوب المدمرة تقضي على 200 خلية على الأقل من خلايا الدماغ التي لا تتجدد". ويقول عبدالعزيز صالح 23 عاماً "انني كنت اسمع عن حبوب الكبتاغون وتناولها من جانب بعض قائدي السيارات لمسافات طويلة، بتذويبها في الشاي وشربه فتساعد على استكمال الطريق بكل انتباه وتركيز، ولكنني سمعت عنها مرة أخرى في الجامعة، قبل فترة الامتحانات بأيام قليلة، رأيت زميلي يستخدمها، ولكنني متأكد من عدم جدواها، ولو كانت ذات فائدة لحث عليها الأطباء أهل الاختصاص، بدلاً من عقد ندوات وإلقاء محاضرات توعية حول هذه المواد المخدرة والمدمرة، وأنا أؤمن بأن تعاطي هذه الأنواع يتوقف على نوع المبادئ التي يحملها الانسان في الحياة، وبحسب نشآته في الأسرة والمدرسة، ولكن الأمر الذي يغفل عنه الكثير أن تداول المخدرات بين الطلاب في مثل هذه الفترات، يتم من طريق بعض الزملاء من الطلاب، لذا ينبغي أن يكافحها المجتمع من داخل المرافق التعليمية، لأنها تمثل أفضل الأماكن للوصول الى الطلاب المستهدفين من العملية كلها". ويروي خالد عبدالله 33 عاماً قصة أب مهموم بمستقبل أولاده، خائف من تقلبات الزمن، قام بأخذ ولدين له في سن المراهقة، واتجه بهم إلى ادارة مكافحة المخدرات، ليريهم الواقع الذي يعيشه سجناء المخدرات من مروجين ومدمنين، وتجول بهم في معرض توعية حقيقي للمخدرات، عرفهم بأسمائها وأضرارها والأسماء والأوهام التي تباع وتهدى من خلالها، ولم يكتف بذلك بل اتجه بهم إلى مستشفى الأمل - الذي يستقبل مدمني المخدرات لعلاجهم - ليعيش أولاده حالات حقيقية وملموسة لمدمني مخدرات جاء بهم أهلهم لانقاذهم. ويقول انه، أراد توصيل رسالة مهمة وحية، مفادها ما شاهدتموه هو نهاية كل من يتعاطى المخدرات أو يروجها. من جهتها ذكرت الاستاذة المشاركة في جامعة الملك سعود الدكتورة فوزية البكر، في ورقة العمل التي قدمتها في دورة التوعية التاسعة للاختصاصيات الاجتماعيات السعوديات في العام الماضي عن "دور المدرسة في التصدي لمشكلة المخدرات"، أن مشكلة المخدرات تكلف الدول العربية المليارات، سواء من طريق الاستهلاك أو تضييع طاقات الشباب أو عبر الأموال المخصصة لبرامج المكافحة.