} شُلّت الحركة تماماً في مدينة بجاية في منطقة القبائل 250 كلم شرق الجزائر أمس بسبب اضراب عام وتظاهرة شارك فيها نحو 10 الاف شخص تقدّمهم مصابون في الاضطرابات الأخيرة. وتزامن ذلك مع استقالة نائب بربري من البرلمان الجزائري، وردّ خطي نادر من رئيس الاركان الجنرال محمد العماري على اقتراحات حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض لحل الازمة في الجزائر. وجه الفريق محمد العماري، رئيس أركان الجيش الجزائري، رسالة يوم الاثنين إلى جبهة القوى الاشتراكية بزعامة السيد حسين آيت أحمد رد فيها على اقتراحات قدّمها هذا الحزب الناشط في مناطق القبائل للخروج من الأزمة التي تعصف بالجزائر منذ 1992. وهذه المرة الأولى التي يُعلن فيها ان حزباً سياسياً جزائرياً تلقى رسالة من ضابط رفيع في المؤسسة العسكرية، ذلك ان العسكريين الجزائريين يُصرّون، منذ الاستقلال في 1962، على تأكيد بُعدهم عن القضايا السياسية. وأوضح العماري، في رسالة قصيرة، أنه "ليس من صلاحياتي كقائد أركان الجيش الوطني الشعبي ولا حتى المؤسسة العسكرية متابعة ما قدمتموه من اقتراحات بسبب تعارض ذلك مع الصلاحيات الدستورية"، في إشارة الى ان الدستور لا يخوّل الجيش التعاطي مع اقتراحات بعثت بها الجبهة الى كل من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة والعماري ومدير جهاز الاستعلامات والأمن الاستخبارات العسكرية الجنرال محمد مدين توفيق. وقال العماري في رده، الذي تبلّغته "الحياة" من جبهة القوى الإشتراكية أمس، "إنها مناسبة أستغلها لأؤكد لكم الطابع الجمهوري للجيش الوطني الشعبي الذي سيؤدي مهماته في إطار الصلاحات المحددة له في الدستور". وأُفيد أن رد العماري يُلزم "توفيق"، كون الأخير يخضع للأول لجهة "التدرج في المسؤولية". وقال مصدر في جبهة القوى الاشتراكية ل "الحياة" أن قيادة الحزب "تعتقد بان رد الفريق محمد العماري لا ينطبق مع حقيقة دور الجيش في إدارة شؤون الحكم بما في ذلك النشاطات السياسية". الى ذلك، شُلت الحركة تماماً في مدينة بجاية 250 كلم شرق الجزائر أمس السبت بسبب اضراب عام وتظاهرة شارك فيها نحو عشرة الاف شخص احتجاجاً على اعمال القمع التي ادت الى سقوط عشرات الضحايا في الاضطرابات التي هزت المنطقة من 18 نيسان ابريل الى 4 ايار مايو. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن سكان اتصلت بهم هاتفياً ان المتاجر اغلقت ابوابها وحمل المتظاهرون لافتات واطلقوا شعارات مناهضة للحكومة، وساروا بهدوء من الجامعة الى مقر الولاية مركز المقاطعة. وتقدم المتظاهرين شبان اصيبوا بجروح خلال الاضطرابات الاخيرة، وهم لا يزالون يضعون الضمادات. واقيم تجمع خطابي دعا خلاله الخطباء الى "التعبئة" و"التيقظ" ومواصلة "التظاهرات السلمية" الى ان تستجيب السلطات مطالب سكان المنطقة. وابرز هذه المطالب معاقبة مطلقي النار على المتظاهرين خلال الاضطرابات، والاهتمام بالشباب الذين يعانون البطالة والحرمان. وكانت اعمال الشغب اندلعت في 18 نيسان ابريل بعد مقتل طالب في مركز للشرطة في مدينة بني دوالة القريبة من تيزي وزو، في منطقة القبائل الكبرى 110 كلم شرق الجزائر العاصمة. وامتدت الاضطرابات الى منطقة القبائل الصغرى، وأسفرت عن 42 قتيلاً واكثر من 500 جريح من المتظاهرين بحسب البيانات الرسمية، في حين اشارت صحف وبعض الاحزاب الى ان عدد القتلى يتراوح بين 60 و80 قتيلاً. وفي تطور لافت، أعلن عضو البرلمان السيد مقران آيت العربي، أمس، استقالته من مجلس الأمة الغرفة الثانية احتجاجاً على مواقف الحكومة من أحداث منطقة القبائل. وقال النائب البربري وهو من الثلث الرئاسي المعين في بيان تلقته "الحياة"، ان قراره يأتي "إحتراما لأرواح الذين ضحّوا من أجل الحريات الديموقراطية وحقوق الإنسان والقضية الأمازيغية". وأضاف: "لا يمكنني البقاء في هذا المجلس الأمة من دون أن أصبح شريكاً في ممارسات فاسدة يُدّعى أنها قيم وطنية". وثمة تكهنات بأن استقالة النائب قدم تشجّع الحزبين البربريين، جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديموقراطية، على تقديم استقالتهم من البرلمان - بغرفتيه - احتجاجاً على مواقف الحكومة من أحداث منطقة القبائل. وعلى الصعيد الأمني، قتل عسكري وأصيب آخر، مساء الجمعة، في منطقة وادي الرمان في ولاية البليدة 50 كلم جنوب العاصمة في مكمن نصبته جماعة إسلامية مسلحة لخمسة جنود كانوا يتزوّدون مياهاً صالحة للشرب في المنطقة.