شهد امس نشاطاً ديبلوماسياً واسع النطاق بحثاً عن مخرج من دوامة المواجهات بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال الاسرائيلي الذي قتل امس تلميذاً فلسطينياً في الرابعة عشرة واحتل مصنع حليب الاطفال الوحيد في قطاع غزة حيث توغل في منطقتين تابعتين للسلطة الفلسطينية. راجع ص 3 و 4 وفيما اجرى الرئيسان المصري والسوري تقويماً للتطورات، اعلن الفلسطينيون قبولهم توصيات تقرير "لجنة ميتشل" شرط تنفيذها كرزمة متكاملة، وابلغوا ذلك الى الادارة الاميركية التي اعلن مسؤولون فيها ان زيارة الرئيس ياسر عرفات الى واشنطن "غير مطروحة" حالياً، لكن لقاء بينه وبين وزير الخارجية كولن باول هو قيد الدرس. وفي موسكو بحث الامين العام للامم المتحدة كوفي انان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته ايغور ايفانوف فكرته القائلة بالجمع بين المبادرة الاردنية - المصرية وتقرير "لجنة ميتشل". واقترح ايفانوف جهداً خماسياً لانقاذ عملية السلام. وكشفت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي، مساء امس، ان وزير البنى التحتية اليميني المتطرف افيغدور ليبرمان "نجا من محاولة اغتيال خططها فلسطينيون". واوضحت ان مروحية عسكرية وقوات كبيرة من الجيش قامت قبل ثلاثة اسابيع ب "عملية انقاذ" حين حطت في الرابعة فجراً قرب منزل ليبرمان في مستوطنة "نوكديم" قرب بيت لحم وخلصت زوجة الوزير واولاده ثم عادت سيرة مصفحة بعد ساعتين لنقل الوزير الى مبنى الكنيست في القدس، وذلك بعدما تلقت الوحدة الخاصة لحراسة الشخصيات الكبيرة في في جهاز "الشاباك" معلومات بأن قناصة فلسطينيين تسللوا الى المستوطنة لاغتيال ليبرمان. عقد الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس السوري بشار الأسد محادثات مساء أمس في منتجع شرم الشيخ تركزت على آخر تطورات الاوضاع في الاراضي الفلسطينية وأوجه التعاون بين القاهرة ودمشق في مختلف المجالات. وكان الرئيس السوري وصل مساء أمس الى منتجع شرم الشيخ وبرفقته وزير الخارجية فاروق الشرع، واصطحبه مبارك في جولة على المنشآت السياحية في المدينة قوبل خلالها الأسد بحفاوة من السياح الأجانب في المدينة، وأقام مبارك مساء أمس مأدبة عشاء تكريماً للاسد الذي غادر ليلاً. وفي واشنطن، اجرى وزير الاميركي كولن باول في حضور مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس محادثات طويلة مع امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية السيد محمود عباس ابو مازن وصفتها مصادر أميركية بانها كانت "جيدة"، وعرض الوضع المتأزم في المنطقة وتناول افكاراً لوقف العنف واستئناف العملية التفاوضية. واشارت مصادر أميركية رسمية الى ان الاجتماع كان مفيداً لكن دعوة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الى واشنطن ما زالت "غير مطروحة" ولم تستبعد ان يلتقي باول عرفات اثناء جولته الافريقية، إلا ان موعداً لم يحدد لذلك. والتقى "ابو مازن" امس مسؤولين في وزارة الخارجية والبيت الابيض اضافة الى مساعد نائب الرئيس ريتشارد تشيني جو هانا. كما كان من المقرر ان يلتقي رئيس لجنة تقصي الحقائق جورج ميتشل. وأعلن وزير الاعلام والثقافة في السلطة الفلسطيني ياسر عبد ربه امس ان ليس لدى الجانب الفلسطيني "اي تحفظات" على تقرير لجنة ميتشل الدولية، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة تنفيذ ما جاء فيه من توصيات "كرزمة واحدة" غير خاضعة للتجزئة. واضاف عبد ربه خلال مؤتمر صحافي عقد في مركز الاعلام في مدينة البيرة امس غداة تسليم الجانب الفلسطيني رده الرسمي على "تقرير ميتشل" ان منظمة التحرير الفلسطينية ترى في توصيات التقرير "اساسا ملموساً ومترابطاً يوفر على حد سواء مخرجاً من الازمة الراهنة والعودة الى المفاوضات ... لكن يجب ان يكون واضحاً ان هذه التوصيات يجب ان يتم تطبيقها ككل متكامل، مع الاخذ في الاعتبار الاستراتيجية الاسرائيلية الواضحة في قبول التقرير علناً مع رفض التوصيات التي تعطي التقرير صدقية في عيون الفلسطينيين، اي تلك المتعلقة بتجميد الاستيطان وتغيير السياسات العسكرية الاسرائيلية". وقال ان الرد الرسمي ركز على مسائل تتطلب المزيد من الاهتمام، وعلى رأسها قوات الحماية الدولية، مشيراً الى ان اللجنة لا تعترض على مثل هذه القوات. ويبدو ان الرد الرسمي الفلسطيني على تقرير اللجنة يقف وراء تحرك الادارة الاميركية الجديدة المحدود تجاه الفلسطينيين. اذ اعلن ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن حسن عبد الرحمن عن اجتماع وشيك بين عرفات والوزير باول في اوروبا "خلال الاسبوع او الايام العشرة المقبلة" في اوروبا. ومن المقرر ان يتوجه عرفات الى باريس في 23 الجاري تلبية لدعوة من الرئىس الفرنسي جاك شيراك. وحمّل الاتحاد الاوروبي اسرائيل امس المسؤولية عن التصعيد العسكري في الشرق الاوسط وانتقد بشدة استخدامها القوة "بشكل مفرط" ضد السكان المدنيين وتدمير ممتلكاتهم و"عدم سعيها" الى ايجاد حل ديبلوماسي تفاوضي مع الفلسطينيين. ووجهت وزيرة خارجية السويد آنا ليند التي ترأس بلادها الاتحاد الاوروبي حاليا اصابع الاتهام الى رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون "لأن مستويات المواجهة ما زالت ترتفع بدل توفيره وعد الامن الذي انتُخب على اساسه". واشارت الى ان "زيادة استنفار القوات الاسرائيلية من اجل اقتحام الاراضي الواقعة تحت السلطة الفلسطينية والهجوم على الاهداف السورية في لبنان يدل على زيادة حدة التصعيد".