بدأ زعيم اليمين في ايطاليا سيلفيو بيرلوسكوني مشاوراته السياسية من اجل تشكيل الحكومة الرقم 59 في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية. وجاء ذلك بعد تحقيقه نصراً ساحقاً في الانتخابات الاشتراعية التي جرت الأحد الماضي. وحالت الفوضى الكبيرة في تنظيم سير العملية الانتخابية دون إعلان النتائج في الوقت المقرر، بسبب خفض ثلث عدد مراكز الاقتراع بالنسبة الى ما كانت عليه في انتخابات 1996. وأدى ذلك الى إرباك واحتجاجات وطوابير طويلة من الناس حتمت عدم إقفال أبواب المراكز في بعض المدن الا في ساعات متأخرة، الأمر الذي حمل وزير الداخلية اينسو بيانكو على تقديم اعتذاره العلني للشعب. وأعلنت وزارة الداخلية النتائج النهائية التي اظهرت فوز تحالف "بيت الحرية" اليميني بغالبية مطلقة في مجلس الشيوخ حيث حصل على 177 مقعداً من اصل 315، في مقابل 128 مقعداً لمنافسه "تجمع الزيتون" اليساري، مع وجود تسعة أعضاء غير منتخبين يتمتعون بالعضوية مدى الحياة في المجلس. كما فاز "بيت الحرية" اليميني بغالبية 282 مقعداً من اصل 630 في البرلمان، في مقابل 124 مقعداً ل"تجمع الزيتون". وبدأ بيرلوسكوني الذي يتزعم حزب "ايطاليا الى الأمام" اتصالاته كمرشح لرئاسة الوزراء. ويتوقع ان يكون كل من جانفرانكو فيني زعيم حزب التحاف الوطني الفاشية الجديدة سابقاً وبيير فرديناندو كاسيني زعيم حزب اتحاد الديموقراطيين المسيحيين الذي لم يحصل في الانتخابات الأخيرة الا على 1.3 في المئة من الاصوات، نائبين لرئيس الوزراء. وكانت القضية موضع الجدل في روما امس، مصير "رابطة الشمال" العنصرية المتطرفة بزعامة اومبرتو بوسي التي تراجعت نسبتها المئوية في عملية الجرد الأخيرة لتصل الى 3.9 في المئة من الأصوات، اذ بات في امكان بيرلوسكوني في ضوء هذه النتيجة، فك تحالفه مع الاخير وتجنب احراج يسببه له المضي في هذا التحالف واشراك بوسي في الحكومة كنائب رابع لرئيس الوزراء. وهذا الاحراج ناجم عن سياسات بوسي المشككة في الوحدة الاوروبية والمعادية للمهاجرين، خصوصاً العرب والمسلمين، اضافة الى تذبذب الاخير الذي كان خلافه مع بيرلوسكوني سبباً في سقوط حكومة زعيم اليمين عام 1996. الى ذلك، اعترف فرانشيسكو روتيللي زعيم اليسار - الوسط تجمع الزيتون بهزيمته. وقال في مؤتمر صحافي عقده في قصر الرياضة في روما مساء أول أمس : "اقر بالفوز الشرعي لقطب بيت الحريات"، مضيفاً انه سيتصدى لليمين من خلال معارضة عنيدة، وسيفتح حواراً مع حزب إعادة التأسيس الشيوعي الذي تجاوز نسبة الخمسة في المئة من الاصوات. واكد بيرلوسكوني في برنامج تلفزيوني، أنه سيشكل حكومة قادرة على الصمود خمس سنوات. وقال: "نفتخر بكوننا جزءاً من الاتحاد الاوروبي، وعلاقتنا مع الولاياتالمتحدة تتميز بالمتانة وسنسعى جاهدين لتقويتها". وفي الوقت نفسه، بدأ حزب الديموقراطيين اليساري الشيوعي سابقاً الذي فقد موقعه كواحد من اكبر الأحزاب السياسية ، في مراجعة مواقفه من اجل تحديد الأسباب والعوامل التي أدت الى خسارته الكبيرة في الانتخابات.