قال ديبلوماسي عربي في الرباط إن القمة التي ستجمع بين العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس السوري بشار الأسد، الاثنين المقبل في مدينة فاس، ذات بعد رمزي، في اشارة إلى استضافة المدينة المغربية القمة العربية الأولى عام 1982 التي مهدت لمفاوضات السلام العربية - الإسرائيلية. أضاف الديبلوماسي العربي ان الرئيس الراحل حافظ الأسد كان شارك في قمة فاس الثانية على رغم خلافاته مع العراق التي رأس وفدها الرئيس العراقي صدام حسين وقتذاك، ما يعني استحضار جهود المغرب لرأب الصدع العربي، خصوصاً في ضوء زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي إلى كل من الاردن ولبنان ستكون مناسبة للتقليل من مضاعفات غياب الملك محمد السادس عن قمة عمّان الاخيرة. لكن مطلعين على خلفيات الغياب نفوا أن يكون لذلك أي علاقة بالأنباء التي ترددت عن استبعاد قيام مصالحة مغربية - جزائرية على هامش قمة عمّان بين العاهل المغربي والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، وقالوا إن المعلومات عن التزام معاودة الحوار العربي - الافريقي بين جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الافريقية قد تكون واحداً من الأسباب. فالمغرب أبدى، منذ انسحابه من منظمة الوحدة الافريقية عام 1984، اثر اعترافها ب"الجمهورية الصحراوية"، تحفظات عن معاودة ذلك الحوار في اطار المنظمة الافريقية، كونه لم يعد عضواً فيها، وسبق لأول اجتماع عربي - افريقي كان سينعقد في الكويت عام 1985 ان فشل، خصوصاً في ضوء زيارة "وفد نقابي" من بوليساريو للكويت وقتذاك. وإذ حرص وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى على أن يجدد التحفظات ذاتها في قمة عمّان، فُسِّر اختيار الزعيم الليبي العقيد معمر القدافي أن يكون أول القادة الواصلين إلى عمّان انه يعكس خلافات حول التمثيل الافريقي في الحوار المرتقب مع جامعة الدول العربية، هل سيكون منظمة الوحدة الافريقية، أم الاتحاد الافريقي؟ واضيف إلى الوضع المعقد، ان قمتي القاهرة لعامي1990 و2000 كانتا طارئتين، ما يعني من وجهة نظر ديبلوماسية أن رئاسة القمة العربية كانت يجب ان تؤول الى المغرب باعتبار رئاسته آخر قمة عربية في الدار البيضاء، التي كانت أسفرت عن تشكيل لجنة الحكماء الثلاثية لمعالجة الأزمة اللبنانية وقتذاك. لكن الوزير بن عيسى أكد أمام مجلس حكومي الاربعاء الماضي أن المغرب يدعم التوجه الدوري لانعقاد القمة العربية مرة كل عام. والمهم في مسألة غياب العاهل المغربي عن قمة عمّان أن أوساطاً مطلعة شددت على نفي وجود أي خلاف بين المغرب والأردن، موضحة ان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني سبق له ان زار المغرب رسمياً العام الماضي، وخصه المغاربة باستقبال لافت. وحين زار مستشار العاهل الأردني المغرب قبل أيام من وفاة الراحل الحسين بن طلال سمع من الملك الراحل الحسن الثاني كلاماً رصيناً عن دعم العلاقات المتينة بين المملكتين في ضوء افساح المجال أمام الجيل الجديد من الحكام العرب. وارتدت مشاركة الأمير الحسن في مؤتمرات عدة في المغرب اطاراً اكاديمياً وثقافياً، بيد ان الثابت، حسب تحليلات مراقبين لمسار العلاقات المغربية - العربية، ان هناك منافسات متزايدة بين المغرب والجزائر حول استمالة الدعم لمواقف البلدين. والظاهر ان مكوث الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة سنوات عدة في بعض العواصم الخليجية أكسبه صداقات مع أهل القرار في منطقة الخليج، لكن المغاربة يرون ان علاقاتهم مع الاشقاء العرب، خصوصاً في الخليج قائمة على ثوابت عدة، وينزعون إلى دعم صيغة الحوار الاستراتيجي بين التجمع الخليجي والاتحاد المغاربي، إلا أن هذا الأخير ما زال متعثراً، ما يجعل الإطار الثنائي أقرب إلى التمثل ولو في نطاق منافسات غير معلنة بين المغرب والجزائر على حد سواء.