} سالم: من السابقين الأولين العالمين العابدين المجاهدين "رض" عاش حياةً كالبرق: قصيرةً ومضيئةً، متحركةً وحيويةً، معطاءً وطليقةً أيضاً. أصله من اصطخرَ بإيران الآن. من الرموز الإنسانية العظيمة التي تكبر على الأساطير. هو ومولاه أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة "رض" يشتركان في ذلك كله. واستشهدا معاً يوم اليمامة. 1- مقدمة: "بين اصطخرَ واليمامةِ، للبرق التوهجْ وللقيودِ انكسارٌ. بين اصطخرَ واليمامةِ، سرٌّ وتجلٍّ، غربةُ وانتسابُ". - كيف جاءوا بكَ العشيَّ الى أسواق مكَّهْ؟ - مكبلاً؟ أيُّ جبّ غِبْتَ فيهِ، وأيّ سيارةٍ واردُهم أُدلى دلوهُ؟ قتلوا فيك الطفولهْ أنسوك ريح تراب اصطخرَ، لون الجبال فيها وأسماء العصافيرْ؟ أم أنّ قيدَ أرث؟ - لستُ أدري... لكنَّ سيدتي قَد وهبتني لزوجها، ولداً صرتُ... وصارَ الأبَ الصديقَ... وصِرْنا روحاً لهُ جسدانِ بين مكة تاريخنا واليمامهْ أنا مولى أَبي حذيفةَ سالمْ! 2- عن الحرية: في بيت العزة هذا بُعِثَتْ فيَّ الطفولةُ، أطولَ ما كانت أجملَ ما تكونْ: شمسُ وظلالْ وملاعبُ أترابٍ كانوا أسيافَ الآتي. وعصافيرُ استودعتني سرَّ الغصونْ، والنشيدَ الطليقْ، وكتابْ، وهدى رباني وهمومُ رجالْ في بيتِ العزةِ هذا، الحريَّةُ نهرٌ ينبع من عينٍ في جبلِ القيمِ ويصب بتلك العينْ فالنبعُ المصبّ والمصبُّ النبعْ نهرٌ لا يفصد كاحله فوق رمال الغربهْ لا يسلم مجراه لخلجان القلقْ الحريَّةُ زهرٌ بريْ يمنح لونه والشذى كل إنسان عند الشهقة الأولى كل فراشة ساعة يفلتها الحريرْ يعشب في كل مدارات الدنيا كل الحارات العليا والدنيا الحريَّةُ جدل اسمى المولى فينا سيّد السيّدُ فينا مولى. 3- صوت: ولها لونٌ آخرْ لا أحمرُ لا أسمرْ لا تمثال لامرأةٍ في يدها مشعلْ تتجول في غابات نيويورك ناثرةً زهرات الشمس على أحياء الواسبْ وأراجيح الأطفالِ بحيِّ المرابينْ والحيُّ الأسودُ في هارلمْ لا أراجيحَ للأطفالِ هناكْ لا أراجيحَ تغسلها الشمسُ في هارلمْ يَحْجُبُ الشمسَ عنها دُخانُ المشعلِ في يدِ تمثالِ الحريّهْ 4- صوت 2: وجنوبُ الأرضِ كهارلم، جُثَّهْ إنّ جنوبَ الأرضِ جُثَّهْ تتعاورها العقبانُ الشماليهْ. 5- عن الحب: في هذا البيت" الحبُّ ثلاثُ مناقبْ: حبٌّ للهِ، وحبٌّ في اللّهِ، وحبٌ لقراعِ الكتائبْ 6- صوت: قلبٌ مسكونٌ باللّهْ، ما ثَمَّ مكانٌ للوجدْ ما ثَمَّ مكان للشطحْ لا فسحةَ فيهِ لندْ لا يَغفلُ عن حضرةِ ساكنهِ، هل يُعْصَى محبوبٌ قاهرْ؟! من هذا النبع يسيلْ دربٌ يوصلني الى بواباتٍ تفتح في أسوارِ الضوءِ، تُغلقُ في تيهِ الظلمهْ: كلُّ صحابيُّ نجمْ وصحابيةٍ نجمهْ أترابي بهم تستضيء القوافلْ والحداة تقيلْ ومحبتُهم حكمهْ: كُلِّي مُشْرَعٌ، لا يستأذنُ نَجْمٌ بالدخولِ عليَّ، أنا المغلقُ في وجهِ السفا والمنطفئات من الحجرِ، وأنا فالقُ رأسِ العتمهْ حتى نزّ صديدها. لا أتهجى لغة الشجر الوثنيِّ ولا أرتكب الحب لنبت يتدلى في بئر الصديدْ. 7- عن الحرب: هل أتاكَ حديثُ السرايا، ألويةٌ تُعقّدُ للبرقْ حين يجترح الزوبعهْ والسرايا أوسمة يرتديها البرقْ/ في احتفالٍ جليلْ حين تغدو السنابكُ أحواضاً لورود النهارْ والقنا أشْرِعَهْ في أولى السرايا خَرَجْنا، وأبو حذيفةَ في صفيِّ أركبُ إذْ يترَجَّلْ/ أترجَّلْ إذْ يَركَبْ/ اللواءُ لحمزة. أرسلنا والسيفُ بحدينْ: حدٍّ للحرثْ حدٍّ للدم والفرثْ جئنا إرهاصاً بالبدء الثاني وتقاويمِ الملحمهْ تحت رايته صلى الله عليه وسلمْ هل أتتكَ أحاديثُ الغزواتْ بدرٍ والخندقْ أحدٍ وحنينْ وبني المصطلقْ والفتحِ المبينْ وفجاجٍ أُرسِلَ فيها الضوءْ ليقيمَ شعائر فضح لجغرافيا التيهِ، وطقساً للهتكْ الأكبرْ لستور الذل لغير اللهْ، ويجيؤكمو بالبشارهْ 8- صوت: يا خيل الله اركبي ولتحملْ ظهورُك وهجَ النبواتَ للمدنِ الواجفهْ مدنِ الحجرِ المتطاولِ حدَّ السحابْ والمصارفِ ذاتِ الأطنابْ" والناسُ على الأبوابْ، أعينهمْ أحداق الطير المزجورهْ، وصدورهمُ خارطة للجدب والأضلع الراجفهْ" يقرأون طوالعهمْ في كفّ المرابْ/ وجيوبهمُ راعفهْ. 9- وجنوبُ الأرضِ ممالكُ للنَّزفِ وطأها الديْنُ للمصرفيينْ. يا خيلَ الله اركبي، وهبي، روحكَ والفتحَ البديلْ هذا الإنسانَ المرتابَ الملتفَّ على ذاتهِ كالمتاهةِ، هذا الإنسان المكدودْ مثلَ شجرةٍ أرسلت عِرقها في أقصى العمق ليأتيَ بالثمرِ: قطرهْ/ قطرهْ/ ثمرهْ لكنّ الريحَ تجيءُ على كَتِفِ البارجهْ يحدوها مضاربُ بنكٍ أو شركةٌ عابرهْ. هلْ أتاكَ حديثُ اليمامهْ والناقضين الميثاقْ سِرْنا والرايةُ لِيْ والسيفُ بحدّينِ: حدٍّ للزرعِ وحدٍّ للقطعْ والسيفُ الذي صقلته شموسُ النبوّهْ لا ينبو عن العنقِ الخائنهْ 10- مشهد 1: "ما كنّا نقاتلهم هكذا أيام رسول اللهْ الثباتْ!/ الثباتْ! يا قيس بن شمّاس شدّ ظهري لظهركَ في حفرةٍ نثبتْ حتى تتعطفَ الخيلْ أو تطويَ بُردَيْنا الريحْ" 11- مشهد 2: "الغبارُ انطأْ والصهيلُ انكفأْ وتدلَّت قلانسُ فوقَ الأعِنَّةِ والخيلُ ذاكرةٌ لا تخونْ. مَنْ يكونْ؟ هذا المتوهّجُ بينَ القتلى؟ شُرْبَةَ ماءْ، سالمْ!!/ شُرْبَةَ ماءٍ يا سالمْ/ دونكَ القحف/ أسكُبْ فيه الماءْ،/ جرّني صوب العدوْ/ إِني صائمْ/ إنْ شَهِدْتُ المساءْ/ أُشْرَبهْ" 12- مشهد 3: "القنا في استراحةِ بعدِ الظهيرهْ ومثارُ النقعِ يُداري تثاؤبُهُ قد أرهقهُ أبراقُ الصليلْ، رَجُلانِ في القتلى: هذا رأسُهُ عند أرجُلِ ذاكْ. رأسُ ذاك لدى أرْجُلِ هذا" سالمٌ قُرْبَ مولاه أبي حذيفةَ، لا مولى بَعْدَ اللحْظَهْ لا سيّدَ بعدَ الآنْ اللهُ المولى وحدهْ". سيِّدي سالمْ، لو عَلمتَنا كيفَ نَمْلكُ ما نَمْلِكْ، كيف نكونُ ما نحنُ، كيف نُحبّ كما ينبغي، ونموتُ كما يجبُ؟ بين اصطخرَ واليمامةِ موتٌُ وحياةٌ بدايةٌ ونهايهْ. 1999 - 2000م * شاعر سعودي.