تدرس محكمة النقض المصرية طعناً قدمته النيابة ضد الاحكام في قضية الكشح وسط توقعات بإعلان قبول الطعن في جلسة تعقدها المحكمة يوم 21 ايار مايو المقبل ما يجعل إعادة محاكمة المتهمين في القضية مجدداً امراً لازماً. وكان رموز الاقباط وعلى رأسهم البابا شنوده انتقدوا الأحكام بشدة واعتبروها "غير مقبولة". القاهرة - "الحياة" - أفادت مصادر مصرية مطلعة أن محكمة النقض تتجه الى قبول طعن قدمته النيابة العامة في آذار مارس الماضي ضد أحكام أصدرتها محكمة الجنايات في محافظة سوهاج في قضية الكُشح التي اتهم فيها 96 شخصاً بينهم 57 مسلماً و39 قبطياً وجاءت مخففة ولم ترض رموز الاقباط. وستعقد محكمة النقض جلسة يوم 21 أيار المقبل للفصل في الطعن. واستبعدت المصادر أن تعقد المحكمة اكثر من جلسة، واشارت الى ان النيابة كانت قدمت مذكرة حوت الاسباب التي استندت اليها في طلب الطعن في الأحكام. وفي حال قبول الطعن ستعاد اوراق القضية الى رئيس محكمة الاستئناف الذي يجب عليه تحديد دائرة اخرى تابعة لمحكمة الجنايات يمثل المتهمون مجدداً أمامها. وكانت مذكرة الطعن التي أعدها المحامي العام لنيابة امن الدولة العليا المستشار هشام بدوي استندت الى ان الأحكام في قضية الكشح "عابها القصور في الأسباب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون الامر الذي يوجب نقضه". واشارت الى أن الأحكام "خلت من مناقشة الادلة الفنية والمادية المتمثلة في معاينة النيابة العامة وتقارير مصلحة الادلة الجنائية والطب الشرعي في ما يتعلق بمعظم الوقائع في شأن ارتكاب المتهمين جرائم التجمهر". ورأت أن محكمة الجنايات لم تمحص في شهادة الشهود، كما "اغفلت في اسبابها تهمة التجمهر وارتكاب المتهمين الوقائع استناداً الى عدم الاطمئنان الى التحريات بمقولة إنها جاءت مجهولة المصدر، على رغم ما استقرت عليه محكمة النقض من ان المرشد يجب ان يبقى سرياً ولا يجوز الكشف عنه". وجاء في مذكرة الطعن ايضاً ان الأحكام "شابها خطأ في تطبيق القانون لأن المحكمة عدلت تهمتي القتل العمد والشروع فيه الى القتل والإصابة الخطأ وهذا تحوير لواقعة الدعوى وبنيانها القانوني". ولفتت الى ان اعترافات المتهمين في تحقيقات النيابة أكدت نية ازهاق الروح. وساد انطباع عند صدور الأحكام بأنها عكست توازناً بين الجوانب القضائية والقانونية للقضية وطبيعتها السياسية وآثارها الاجتماعية من جانب آخر. إذ جاء حصول 92 متهماً على البراءة مفاجأة ذكّرت الأوساط المصرية بالحكم التاريخي الذي اصدره العام 1993 المستشار وحيد محمود في قضية اغتيال رئيس "مجلس الشعب" السابق الدكتور رفعت المحجوب التي اتهم فيها 22 من قادة تنظيم "الجماعة الإسلامية". وتضمن ذلك الحكم براءة جميع المتهمين من تهمة القتل وإدانة ستة منهم فقط بالسجن لمدد لا تزيد عن ست سنوات، في وقائع تتعلق بحيازة أسلحة ومنشورات مناهضة بعدما اعتبر القاضي ان الأدلة التي قدمتها النيابة "لم تكن كافية" ورصد "تناقضاً في أقوال الشهود" ورفض قبول شهادة زوجة المتهم ممدوح علي يوسف التي كانت أقرت في التحقيقات مسؤولية زوجها وزملائه عن قتل المحجوب، ودان الزوجة "لكونها افشت اسرار الزوجية وبالتالي لا يمكن قبول شهادتها". ورفض رئيس محكمة الجنايات في سوهاج المستشار محمد عفيفي الأدلة التي قدمتها النيابة ضد المتهمين في قضية الكُشح. وبدا أنه توقع أن لا ترضي الاحكام بعض رموز الأقباط على أساس أن الصدامات التي وقعت في القرية بداية العام الماضي اسفرت عن مقتل 20 قبطياً مقابل مسلم واحد، فاستبقهم بإدانة سلوك ثلاثة قساوسة من رعاة كنيسة سوهاج وردت اسماؤهم في التحقيقات لانهم "تقاعسوا عن تهدئة الأمور في القرية" و"حرضوا على اثارة المشاعر والغضب". وقال: "اذا تعاون الثلاثة مع الشرطة لما تطورت الأحداث"، وطلب من قادة الكنيسة القبطية المصرية "معاقبة القساوسة الثلاثة واتخاذ ما هو مسموح ضدهم"، لافتاً إلى أنه "ليس من العدل أو الحكمة أن تسكب الزيت على النار ثم تتباكى". وفي اشارة الى الحملة التي شنها بعض أقباط المهجر ضد الحكومة المصرية أثناء الأحداث وبعدها قال: "كان أولى بالذين استجاروا بأميركا أن يستجيروا بمصر لأنها الأم التي لا تفرق بين ابنائها". وجاء تصرف النيابة المصرية بعد صدور ردود فعل غاضبة من جانب رموز الاقباط حتى أن البابا شنوده أكد في ندوة في معرض الكتاب رفضه الأحكام وأعلن أن الكنيسة "ستسعى بكل الطرق القانونية إلى رفع الأمر إلى محكمة النقض للطعن على الأحكام"، وفُسرت التصريحات الغاضبة من جانب الاقباط تجاه الاحكام على أنها "رسائل سياسية" و"ضغوط من أجل إعادة النظر في الأحكام".