} استخدمت النيابة المصرية حقها القانوني وطعنت في الأحكام التي أصدرتها محكمة الجنايات في سوهاج في الخامس من الشهر الجاري في قضية أحداث الكُشح الثانية. وطلبت من محكمة النقض إعادة محاكمة المتهمين مجدداً أمام دائرة قضائية أخرى. ويتوقع البت في الطلب خلال ايام، علما ان النيابة استندت في طلب الطعن الى عيوب في الاحكام ومخالفتها القوانين. عقد النائب العام المصري المستشار ماهر عبدالواحد مؤتمراً صحافياً أمس أعلن فيه أن النيابة سلمت محكمة النقض مذكرة للطعن في الأحكام في قضية الكشح الثانية المتهم فيها 96 شخصاً، بينهم 57 مسلماً و39 قبطياً. وجاء الاجراء بعد صدور ردود فعل غاضبة من رموز الاقباط، حتى إن البابا شنودة أكد في ندوة في معرض القاهرة للكتاب رفضه الأحكام معلنا أن الكنيسة المصرية "ستسعى بكل الطرق القانونية إلى رفع الأمر إلى محكمة النقض للطعن على الأحكام". وفُسرت التصريحات الغاضبة من الاقباط على أنها "رسائل سياسية" و"ضغوط من أجل إعادة النظر في الأحكام"، إذ يحظر القانون المصري على أي جهة، ما عدا النيابة العامة، استئناف الأحكام البراءة الصادرة عن محاكم الجنايات أو الطعن فيها أمام أي هيئة قضائية. ويسمح القانون للمدانين فقط بالطعن أمام محكمة النقض، وفي حال قبول الطعن تعاد محاكمتهم فقط من دون غيرهم من بقية المتهمين الذين حصلوا على البراءة. ولم يتناول المستشار عبد الواحد في المؤتمر الصحافي ما صدر عن رموز الأقباط من تصريحات، لكن كان لافتاً أن المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا المستشار هشام بدوي الذي حضر المؤتمر هو الذي أعد مذكرة الطعن على رغم أن النيابة العامة هي التي ترافعت في القضية، مما يشير إلى الاهتمام الرسمي البالغ بالقضية، وعدم الرضا عن الاحكام. وأوضح النائب العام أن الطعن استند إلى "قصور في الاسباب وفساد في الاستدلال واخطاء في تطبيق القانون"، لافتاً إلى أن محكمة الجنايات "قضت ببراءة المتهمين من دون أن تمحص وقائع الدعوى وأدلتها بالقدر الواجب مما تسبب بالوصول الى النتائج التي وصلت إليها"، وأضاف أن المحكمة "عرضت الى اسماء بعض الشهود وألحقت بكل منهم وصفاً لما رآه باعتباره تارة على سبيل الاحتمال وتارة أخرى على سبيل الظن، كل ذلك دون أن تورد المحكمة مضمون الشهادات ذاتها ولا الاسباب التي خلصت من ورائها أنها مجرد ظنون واحتمالات". ولاحظ أن الأحكام "خلت من مناقشة وتفنيد الأدلة المادية والفنية المتمثلة في معاينات النيابة العامة وتقارير مصلحة الأدلة الجنائية والطب الشرعي"، مشيراً إلى أن المحكمة "لم تمحص أقوال الشهود وتربط بينها وبين الأدلة الفنية وهذا أمر كان سيؤكد ارتباط المتهمين بنشاط اجرامي موحد هو التجمهر، وأن ما وقع منهم من جرائم جاء بسبب هذا التجمهر"، وأكد عبد الواحد أن حيثيات الاحكام "أغفلت أدلة عدة قدمتها النيابة مما يشير الى أن المحكمة لم تلم بالأدلة الإلمام الذي يؤدي إلى الوصول إلى الحقيقة في شأن وقائع الاتهام ومدى ثبوت الأدلة". وأوضح "أن الاحكام استندت في تبرئة المتهمين الى عدم الاطمئنان الى التحريات بمقولة انها جاءت مجهولة المصدر في حين أن أحكام محكمة النقض استقرت على أنه لا يعيب الاجراءات القانونية أن تبقى شخصية المُرشد غير معروفة وألا يكشف رجل الضبط القضائي عن شخصيته". ولفت النائب العام الى "أن المستقر عليه قضائياً أن الاكتفاء بمجرد الشك في إثبات التهمة للحكم بالبراءة مشروط بأن تكون المحكمة أحاطت بظروف القضية وهو ما لم يحدث بالنسبة لمحكمة الجنايات التي نظرت قضية الكُشح الثانية". وينتظر أن تبحث محكمة النقض في غضون أيام في أمر الطعن وفي حال رفضه ستصبح أحكام قضية الكُشح نهائية، أما إذا قبلته فسيتم تشكيل هيئة قضائية جديدة تابعة لمحكمة الجنايات ليمثل المتهمون مجدداً أمامها.