تصاعد التوتر العرقي في مقدونيا إثر قتل وجرح 11 عسكرياً شمال غربي البلاد. وعززت الحكومة المقدونية انتشار قواتها في مناطق التجمعات السكانية الألبانية، ما أثار المخاوف من تجدد المواجهات العنيفة. اتهمت الحكومة المقدونية مقاتلي "جيش التحرير الوطني" الألباني الذي بدأ نشاطه العسكري مطلع العام الجاري، بشن هجوم مسلح اسفر عن قتل 9 من عناصر الجيش والشرطة وجرح 3 آخرين، ليل اول من امس. ووصف الناطق باسم وزارة الداخلية المقدونية ستيفو بينداروفسكي الحادث امس، بأنه نتج من مكمن استخدم "الارهابيون" فيه بنادق رشاشة وقذائف صاروخية، في منطقة يفييتشي الألبانية التي تبعد خمسة كيلومترات عن الحدود مع كوسوفو والقريبة من مدينة "تيتوفو" شمال غربي البلاد. لكن الناطق اعتبر ما حصل "حادثاً معزولاً"، مشيراً الى ان الحال "استقرت بعد ذلك". وكانت المنطقة الجبلية حيث وقع الحادث، مسرحاً لمعارك عنيفة في النصف الثاني من آذار مارس الماضي، عندما شنت القوات الحكومية المقدونية هجوماً شاملاً تمكنت على اثره من اخراج المقاتلين الألباني من معاقلهم في المرتفعات المحيطة بمدينة تيتوفو. ولجأ هؤلاء الى المناطق الوعرة القريبة من كوسوفو وواصلوا انطلاقاً منها، زرع الألغام وتنفيذ عمليات متفرقة. ونظراً الى الحصيلة المرتفعة لضحاياه، اعتبر الهجوم الأعنف منذ تصاعد الاشتباكات في شمال غربي مقدونيا قبل شهرين، إثر مطالبة الألبان الذين يشكلون حوالى ربع سكان البلاد البالغ عددهم مليوني نسمة بمزيد من الحقوق القومية. وكانت المعارك بين القوات الحكومية والمقاتلين الألبان خفت حدتها، بما يشبه الهدنة، للافساح في المجال امام مساعي الوساطة الدولية، لحل الازمة. لكن المخاوف تزايدت من ان يؤدي الحادث الاخير الى عودة المواجهات الى ما كانت عليه، خصوصاً في منطقة تيتوفو حيث يشكل الألبان 80 في المئة من مجموع السكان. وواصلت الحكومة المقدونية نشر وحدات الجيش والشرطة في المنطقة، فيما اجمعت وسائل الاعلام المقدونية على التأكيد على ان انتهاء الهدنة وارد في اي وقت، مشيرة الى ان وحدات المقاتلين الألبان تتحرك بأسلحتها في المناطق الألبانية، كما شوهدت مجموعات منهم تدخل قرى ألبانية قريبة من العاصمة سكوبيا قبل ايام، ما ادى الى اجراءات وقائية واسعة في العاصمة وضواحيها. وجرت اتصالات بين الاحزاب الحكومية والمعارضة المقدونية لتشكيل حكومة وحدة وطنية "سلافية" تكون قادرة على مواجهة الوضع. وأخفقت الوساطات الدولية التي قادها منسق الشؤون الأمنية والخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، في ايجاد حل للأزمة المقدونية، على رغم تواصل زياراته الى سكوبيا وتيتوفو ولقاءاته مع المسؤولين المقدونيين والزعماء السياسيين الألبان. وجاء الهجوم الاخير في ظروف تتسم بالحساسية الشديدة، اذ وقع عشية محادثات مقررة بين الاطراف السياسية المقدونية والألبانية، وقبل يومين من موعد مغادرة الرئىس المقدوني بوريس ترايكوفسكي الى واشنطن للقاء الرئيس جورج بوش، بناء على دعوة رسمية حملها وزير الخارجية الأميركي كولن باول اليه اثناء زيارته الى مقدونيا قبل 17 يوماً. ادانة دولية وقوبل حادث قتل 8 جنود وجرح 3 آخرين بادانة دولية واسعة، واعتبره الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب ريكر، بأنه "عمل عنف جنوني". ودعا كل الاحزاب السياسية في مقدونيا الى "المشاركة في شجبه ومواصلة الحوار السياسي الذي التزموا به". وقدم الناطق تعازي واشنطن الى عائلات الضحايا. كما ان الأمين العام لحلف شمال الاطلسي جورج روبرتسون الحادث. وقال في تصريح في بروكسيل "ان مخططات المتشددين لن تنجح". وأشار الى انه "رُوع" ويشعر بغضب شديد لنبأ الكمين. وقال: "انني ادين اعمال المتطرفين التي تتسم بالجبن، ورسالتي واضحة وهي انه يجب وضع حد للعنف". وأضاف روبرتسون، ان قوة حفظ السلام كفور التي يقودها حلف شمال الاطلسي "تبذل كل ما في وسعها لضمان احكام السيطرة على الحدود مع كوسوفو". والى ذلك، افاد المسؤول في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، انه تحدث هاتفياً مع الزعماد المقدونيين، وأعرب لهم عن ادانته الشديدة للعملية الهجومية، ودعا كل الاطراف المقدونية والاقليمية الى شجب مثل هذه الاعمال الخطيرة التي تضر بجهود الاستقرار في البلقان.