أول الكلام: للشاعر الأردني الكبير/ حيدر محمود: - في الأرض مُتَّسع وهذا الجرح يحملني الى دفء الحقيقهْ ويُعيد تكويني على مهلٍ يردُّ اليَّ لون النار، واللغة العتيقهْ وأكون خارطتي: من العينين يبدأ حزني الشرقي/ عبر دمي يمرُّ النهر دورياً... تمرّ الريح أغنية طليقهْ!!
أين هو العقل العربي اليوم؟!! هذا هو السؤال الذي يستوجب طرحه في هذه الأيام العصيبة من التمزق والتيه: هل يتطوح هذا العقل الآن بين عدة ايديولوجيات، وقد كادت تنحسر موجات تلك اللافتات التي رُفعت منذ نهاية الخمسينات... وهي ايديولوجيات لم تُضِف فكراً رائداً، ولا مجدداً، لا مبدعاً، ولكنها اتخذت صلاحيات الشرطي تارة، وادّعاء الثورية تارة أخرى... ثم ما لبثت ان دفعت بالإنسان/ صاحب العقل الى البحث عن جمجمته؟!! أم ان العقل العربي: يخُبُّ في هذا التخبط الذي يجذبه الى أعلى تارة... حيث: اللهاث نحو الحريات، والتحدث عن "سوسيولوجية ثورة" ضمن خطاب يلقيه: برجوازي صغير... وتارة أخرى يهوي به الى أسفل، حيث: فانتازيا الرعد، والأعذار، والأحلام الشارلمانية... ما بين: دعوات "أَسْلمة" الفكر أو العقل - وهناك من يعتبر الإسلام: منعاً وتحريماً لأكثر الدنيا - وبين محاولات الخروج بالعقل العربي من ذلك التدجين الذي حزمته بعض الأنظمة السياسية وجعلته كالوصايا العشر... وما بين مصادرة لحريات العقل، وفرض كيانات يتحكم فيها الإعلام السياسي أكثر مما يضيئها الفكر المنفتح على الحوار والثقافات!!
أسئلة أساسية - كمحور - لا بد ان يستتبعها سؤال يكمل أبعاد المشهد الثقافي في الوطن العربي... وينصبُّ على البحث عن: هوية العقل العربي اليوم؟!! هل هي هوية عربية محضة، منقَّاة من شوائب الغزو الفكري... أم انها هوية تعاني من "الإغماء"، وزاد الطين بلة: دعس الكثير من الفضائيات العربية على اللغة الأم؟!! هل هي هوية انتماء، بينما الخطر الحقيقي صار يكمن في هذه المناهج التعليمية التي أكل عليها الدهر وبال؟!! - يقول الذي نشر شهادته على حائط العصر، المفكر الفرنسي/ ريجيس دوبريه: "أسوار من الذهب من أجل هذه الكرة العجوز... من زمان والكتب المدرسية تقول: ان هذه الكرة تدور، أصبنا بالصداع وهي تدور، أصبنا بكل الزلازل الصغيرة وهي تدور... عندما تخالف الأرض كل القوانين: لا يوجد شرطي واحد يستخدم صلاحياته"!! ولكنَّ العالم كله - بعقوله! - مرهون بشرطي واحد هو: أميركا التي فرضت بدورها قانوناً واحداً يرتبط بمصالحها وبوجود الكيان الصهيوني، وتستخدم صلاحية العولمة!! وإذن... فإن العقل العربي محتجز بين أسوار هذه الكوميديا السوداء... يواجه عدة فيروسات قاتلة له، تستهدف: قمعه، وتسييسه، وان تظاهرت أقطار عربية بإقبالها على عصر المعلومات وتعاملها مع ما سموها: ثورة الاتصالات، ولكن... ما يحدث في واقع المثقفين العرب، وللثقافة العربية من تناقضات، وأحوال طوارئ: انما يدلّ على معاناة العقل العربي من هذا التيه، وفقدان هويته التي ينتمي اليها: لغة، وتراثاً، وقضية!!