لا يشبه أسبوع الموضة في لندن سواه، بل يتفرد في كون مصمميه يعمدون الى التصاميم المتسمة بالفرادة والغرابة و... الجنون أحياناً. والتنوع في أسبوع هذا العام ضاهى ما نراه في عاصمة الموضة العالمية باريس، وحتى في ميلانو ونيويورك. لكن هذا التنوع حمل طابعاً سلبياً احياناً بسبب الازياء التجارية وغير المألوفة التي يصعب ارتداؤها دوماً، وحمل صبغة إيجابية في نواح عدة ومفاجآت وابتكاراً. لنبدأ بالأفضل. بعد عرض باهت في العام الفائت تمكن ألكسندر مكوين أن يتبوأ مركز الصدارة هذه السنة في العاصمة البريطانية. أقمشة طائرة وقصات خطرة بجرأتها شكلت قنبلة حقيقية. كان مكوين متفجراً هذه المرة. إذ استعمل الإكسسوارات الخاصة بالمسرح. والمزاج العام لأزيائه كان عسكرياً، معاطف طويلة وعجيبة مطرزة وواسعة. واستوحى مكوين الزي العسكري الهنغاري الأسترالي العائد الى القرن التاسع عشر، وطعمه بلمسات من زي الطيارين البريطانيين في أوائل القرن العشرين. وأقام عيداً حقيقياً بأزيائه التي جمعت الحرير في السراويل والريش في القمصان، مما شكل منعطفاً حقيقياً له تحت جناح مؤسسة "غوتشي". يأتي في المرتبة الثانية بعد مكوين، أنطوني سيموندس، الذي استوحى بدوره روح العسكر واعتمد كثيراً على الجلد. وما أعطى أزياءه بعداً عالمياً قصاته غير الرائجة في لندن، والحياكة الأنيقة في قمصانه. واعتمد سيموندس الخطوط العمودية والأفقية والمنحرفة بكثرة. وتظهر مجموعة كليمانتس روبيرو مهارات جديدة مع اعتماد مسرف على اللون الأسود والفرو الناعم وأثواب الجيرسيه. وانبعثت الطاقة والقوة من أزياء جوليان ماكدونالد المألوفة ربما لكن غير المملة. وتتناسب أزياؤه مع جميع الناس وليس فقط نجوم الاستعراضات، على رغم مبالغته باعتماد اللون الذهبي. باختصار قدم ماكدونالد هذه السنة أزياء هي مزيج من السحر والشغف. وأعادنا إيليه كيشيموتو الى أجواء الريف البريطاني بين الثلاثينات والخمسينات من القرن الفائت مع أزياء كالظلال تزينها رسوم مطبوعة. هذا الطابع الريفي نجده أيضاً لدى مارجان بيجوسكي الذي وضع الطيور عنواناً لمجموعته واستفاض في استعمال ريش النعام وسواه. لكن ليست المجموعات كلها ذات مستوى جيد، فهذا رولان موريه الذي كان واعداً في الأعوام السابقة وقد بالغ جداً في استعمال أقمشة الساتان من دون أدنى ابداع أو خيال يذكر، ومثله فعل ماركوس لوبفر، وروبرت كاري ويليامز الذي قدم مجموعة لا نبالغ إن وصفناها بالبشعة وربما من الأفضل عدم الحديث عنها إطلاقاً. الواقع أن التردي في التصاميم كان طاغياً لدى كثير من المصممين الذين ابتعدوا من الاحترافية والابداع وهما العمود الفقري للمصمم الناجح، وأغرقوا في الروح التجارية. وبالتالي تقلص مستوى أسبوع الموضة في لندن هذه السنة في شكل كبير. وثمة رياح باردة تهب وبراعم كثيرة واعدة تموت تحت وطأة التهالك على الربح. ووحده التغيير الجذري في ذهنية المصممين يبقي أسبوع الموضة في لندن على الروزنامة المزدحمة للموضة العالمية.