} بدأت قمة الأميركتين اعمالها العادية امس على وقع احتجاجات لمناهضي العولمة، طغت على احتفالات الافتتاح أول من أمس، وأسفرت عن حوالى مئة معتقل كانوا ضمن آلاف خرق بعضهم سياجاً أمنياً فرضته السلطات الكندية حول مقر انعقادها. وظهر تباين بين دول الشمال والجنوب الأميركيين حول اهميته لتحرير التجارة وربطها بتنمية الدول الفقيرة. كيبيك أ ب، رويترز، أ ف ب افتتحت في مدينة كيبيك أول من أمس قمة الاميركتين بمشاركة 34 دولة لبحث إقامة سوق حرة تضم 800 مليون شخص ولتعزيز قيم الديموقراطية في الجزء الغربي من الكرة الأرضية. وخطف الرئيس الأميركي جورج بوش في أول ظهور له في قمة دولية الأضواء بتصريحات اعتبرت شديدة الحماسة لمبادئ التجارة الحرة وازاها نجاح المتظاهرين في ارغام منظمي القمة على تأخير افتتاحها 90 دقيقة، وخرقوا السياج الذي امتد على طول ستة كيلومترات حول مكان انعقادها، وبارتفاع ثلاثة امتار، ما أرغم قوات مكافحة الشغب على التدخل ونشر قوات كبيرة لتعزيز الأمن. وتبادلت الشرطة والمتظاهرون التراشق بالقنابل المسيلة للدموع والضرب بالعصي على بعد مئات الأمتار من مركز المؤتمرات. ورمى المتظاهرون حجارة ودمى ولفائف حمام مشتعلة وكرات غولف وزجاجات فارغة، وحطموا واجهات بعض المتاجر ومحطة وقود تابعة لشركة "شل". وردت الشرطة بالرصاص المطاط وانقسموا الى مجموعتين: مسالمون يرفضون اي مواجهة، ومناصرون لأعمال أشد عنفاً بينهم فوضويون ارتدوا اقنعة على رؤوسهم وغطوا وجوههم بمناديل سود. وليلاً، هاجم المتظاهرون السياج مرة ثانية وتمكنوا من فتح ثغرتين جديدتين لكن الشرطة منعتهم من الدخول، وفي مكان غير بعيد، دارت مواجهات بين حوالى الفي متظاهر ومئات من رجال الشرطة. وأقفلت السلطات الكندية بسبب أعمال العنف مركز المؤتمرات الذي يوجد فيه المركز الصحافي، ومُنع الصحافيون من الخروج والدخول. وقال الناطق باسم الشرطة الكندية دانيال لاميراند ان حصيلة تظاهرة الاحتجاج طوال أول من أمس هي اصابة خمسة من الشرطة بجروح، واعتقال حوالى مئة متظاهر، وتعرضت مجموعة من الملثمين لشرطي ضربوه بقضيب حديد. وأعرب أحد المتظاهرين المسالمين عن اسفه لهذه المواجهات التي بررت بحسب قوله نشر أكثر من ستة آلاف شرطي في كيبيك. وندد رئيس الحكومة الكندية جان كريتيان خلال كلمته في افتتاح القمة، بالحوادث العنيفة التي وقعت وقال: "ان العنف والتحريض غير مقبولين في الديموقراطية". وأضاف: "أهلاً وسهلاً بأولئك الذين جاؤوا الى كيبيك للاعراب عن رأيهم حول أفضل الوسائل الكفيلة بتقدم مجتمعاتنا على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي... لكن هذا النوع من التصرف من قبل فئات صغيرة متطرفة يتعارض مع جميع مبادئ الديموقراطية... هذه المبادئ الغالية كثيراً علينا". وأوضح ان الجهود "ترتكز من اجل تقريب الدول الأميركية على الواقع الذي لا يقبل النقاش والقائم على ان غالبية كبيرة من المواطنين في قارتنا ترغب بأن تكون محكومة بواسطة مؤسسات ديموقراطية". وانتقد الرئيس جورج بوش المتظاهرين، وقال للصحافيين: "بحسب ما فهمت هناك أناس لا يحبون التجارة. أنا اختلف معهم كلياً... لأن التجارة لا تساعد على نشر الازدهار وحسب انما تساعد أيضاً على بسط الحرية". وكان بوش ألغى عدداً من اجتماعاته الثنائية مع بعض المشاركين في القمة بسبب أعمال الاحتجاج التي حالت دون وصولهم الى مقر إقامته. وأجرى بوش يرافقه وزير خارجيته كولن باول محادثات مع كريتيان استغرقت نصف ساعة ولم يتسرب اي شيء عن مضمونها. ويذكر ان خلافات عدة قائمة بين كندا والولايات المتحدة، معظمها تجاري. وقبيل توجهه الى كيبيك، اشار بوش الى غياب كوبا عن أعمال القمة وعزاه الى غياب الديموقراطية عنها. وقال: "ان تقدم الديموقراطية في الجزء الخاص بنا من العالم ليس كاملاً لكنه ملحوظ". ورحّب بإدانة لجنة الأممالمتحدة لحقوق الانسان، لهافانا. وقال بوش: "أعمال اميركية كثيرة تفتح أسواقاً وفرصاً جديدة في الاميركتين ما يساهم في إيجاد فرص عمل ويزيد فرص النمو الاقتصادي في الخارج وستعم الفائدة جميع الاميركيين عندما يتمتع جيراننا الأقربون بالسلام والاستقرار وينعمون باقتصاد اكثر قوة". وقال ان الزعماء سيركزون خلال القمة على بحث اجراءات عملية لتدعيم الديموقراطية التي يمكن ان يشكل الفقر والأمية وتجارة المخدرات تهديداً لها. وأضاف: "ان التجارة الحرة من العوامل المساعدة ايضاً على إحلال الديموقراطية"، مشيراً الى "الفوائد الناجمة عن اتفاق التجارة الحرة بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك". وأوضح ان "اتفاقية التجارة الحرة في أميركا الشمالية أوجدت فرص عمل جيدة في الدول الثلاث وعلينا الآن ان نمد تلك الفرص الى الجميع من خلال اتفاق للتجارة الحرة في نصف الكرة الغربي بأكمله". ولم يشارك بعض الزعماء في القمة بوش وكريتيان في تنديدهما بالمحتجين وحماسهما لتحرير الأسواق، وبالتفاؤل الذي عبرا عنه لتطور القارتين الاميركتين. وقال الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز ان عدداً قليلاً جداً من الأهداف التي حددت في القمة السابقة في ميامي عام 1994 قد تحقق. وأضاف: "نحن لم نتقدم فحسب، بل تراجعنا الى الوراء... وارتفعت معدلات الفقر عما كانت عليه في السابق وازداد ايضاً عدد الأولاد المشردين". واعتبر الرئيس البرازيلي فرناندو هنريك كاردوزو ان سبب التظاهرات هو "الخوف من اتفاقات التجارة الحرة والعولمة التي لا وجه انسانياً لها". وأكد ان البرازيل ستشدد على ان يتوازى تحرير التجارة وفتح الحدود مع خفض معدلات الفقر في الاميركتين. وقال ان "منطقة السوق الحرة المزمع انشاؤها لن تتحقق الا اذا سمحت للدول الفقيرة بالدخول الى اسواق الدول الغنية" وحذر من "ان تستقوي الدول الغنية على أسواق الدول الأفقر".