أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    مركز التنمية الاجتماعية في جازان ينفذ ورشة عمل عن السلامة والصحة المهنية    بمشاركة أكثر من 46 متسابقاً ومتسابقة .. ختام بطولة المملكة للتجديف الساحلي الشاطئي السريع    وزير الخارجية يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير خارجية الأردن    بيئة عسير تنظم مسابقة صفر كربون ضمن فعاليات أسبوع البيئة    رؤى مصطفى تسرد تجربتها الصحفية المميزة في حوار الشريك الأدبي    فيصل بن مشعل يرعى مؤتمر "اللغة العربية وتعزيز الهوية الوطنية السعودية"    رسمياً نادي نيوم بطلًا لدوري يلو    وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل وزير خارجية البيرو    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية مدير عام السجون بالمملكة    تدشين الهوية الجديدة لعيادة الأطفال لذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال التوحد    بعد تأهله للنهائي الآسيوي.. إشادة عالمية بفوز الأهلي على الهلال    محافظ الطائف يستقبل مدير فرع هيئة الهلال الأحمر بمنطقة مكة المكرمة    انطلاقة المعرض الهندسي الثالث للشراكة والتنمية في جامعة حائل    "مبادرة طريق مكة" تنطلق رحلتها الأولى من كراتشي    نائب أمير حائل يزور فعالية "أساريد" في قصر القشلة التاريخي    أمانة القصيم تحقق التميز في كفاءة الطاقة لثلاثة أعوام متتالية    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    العمليات العقلية    6 مطارات لخدمة الحجاج    "فلكية جدة": رصد هلال شهر ذي القعدة في سماء الوطن العربي بعد غروب شمس اليوم    انخفاض أسعار الذهب بنحو واحد بالمئة    قفزات استثنائية للرؤية السعودية (1 4)    هيكل ودليل تنظيمي محدّث لوزارة الاستثمار.. مجلس الوزراء: الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    "الشورى" يطالب "التلفزيون" بتطوير المحتوى    المرور: تجاوز المركبات أبرز أسباب الحوادث المرورية    11.3 مليار ريال استهلاك.. والأطعمة تتصدر    تطوير التعاون الصناعي والتعديني مع الكويت    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. إنتر المتراجع ضيفًا على برشلونة المتوهج    خلال لقائه مع أعضاء مجلس اللوردات.. الربيعة: السعودية قدمت 134 مليار دولار مساعدات ل 172 دولة حول العالم    حوار في ممرات الجامعة    هند الخطابي ورؤى الريمي.. إنجاز علمي لافت    ترامب وهارفارد والحرية الأكاديمية    هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع    سوريا.. ملاحقة المتورطين في أحداث جرمانا    الاحمدي يكتب.. الهلال سيعود ليُعانق البطولات    العلاقات السعودية الأميركية.. الفرص والتحديات    إسبانيا: الحكومة والقضاء يحققان في أسباب انقطاع الكهرباء    محمد بن ناصر يزف 8705 خريجين في جامعة جازان    أمير الشرقية يستقبل السفير البريطاني    أمانة الرياض توقع استضافة "مؤتمر التخطيط"    "هيئة العناية بالحرمين": (243) بابًا للمسجد الحرام منها (5) أبواب رئيسة    مسؤولو الجامعة الإسلامية بالمالديف: المملكة قدمت نموذجاً راسخاً في دعم التعليم والدعوة    بدء المسح الصحي العالمي 2025    "الداخلية" تحتفي باليوم العالمي للصحة المهنية    مستشفى الملك خالد بالخرج يدشن عيادة جراحة السمنة    فريق فعاليات المجتمع التطوعي ينظم فعالية بعنوان"المسؤولية الإجتماعية للأسرة في تعزيز الحماية الفكرية للأبناء"    الاتحاد السعودي للهجن يؤكد التزامه التام بتطبيق أعلى معايير العدالة وفق اللوائح والأنظمة    سان جيرمان يقترب من التأهل لنهائي "أبطال أوروبا" بفوز في معقل أرسنال    إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    أسباب الشعور بالرمل في العين    اختبار للعين يكشف انفصام الشخصية    قصف مستمر على غزة لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    للعام السابع.. استمرار تنفيذ مبادرة طريق مكة في 7 دول    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات السورية - الفلسطينية ... بين الضرورات والمعوقات
نشر في الحياة يوم 22 - 04 - 2001

بدهي هذا الترحيب باللقاء السوري - الفلسطيني والحديث عن استعداد الطرفين لفتح صفحة جديدة من العلاقات. ففي ذلك مصلحة للطرفين وللحال العربية، فضلاً عن أن مثل هذا اللقاء يبدو أمراً ملحاً في ظل حكومة متطرفة في اسرائيل، يقودها شارون وتضم في صفوفها أكثر الصقور نجومية.
غير ان الترحيب والتصفيق لا يحولان دون التفكير في الحدود التي يمكن هذا اللقاء ان يرسمها، وفي السقف الذي يمكن أن يعقد تحته. فتاريخ العلاقة بين دمشق وتيار ياسر عرفات في منظمة التحرير كله أشواك ولا بد من أن نفترض صعوبة في أن يتجاوز الطرفان هذه المعوقات "بضربة قلم" في ظل تباعد في الرؤى السياسية وفي التكتيكات.
ولا يكفي القول ان الطرفين معنيان بالعملية التفاوضية، وأن الضرورات القومية العامة والمحلية الخاصة بكل منهما تفترض خلق اطار من التنسيق بينهما يقطع على الجانب الاسرائيلي طريق التلاعب على حبال المسارين السوري والفلسطيني.
كما لا يكفي القول ان التجربة اللبنانية - السورية تشكل نموذجاً لما يمكن أن تكون عليه التجربة الفلسطينية - السورية. ونعتقد ان في مثل هذا الكلام من العاطفة والرغبة والارادوية أكثر مما فيه من الواقعية السياسية المنطلقة من معرفة مباشرة بتاريخ العلاقات بين عرفات ودمشق، وبسياسة كل منهما، ونظرته الى العملية التفاوضية برمتها.
صحيح ان الطرفين استجابا لدعوة اميركية الى مؤتمر مدريد، باعتبارها تشكل الحل الممكن في ظل الحال العربية وتطورات الحال الدولية آنذاك، لكن الصحيح ايضاً ان كلاً من دمشق وعرفات لبّى الدعوة من منظار يختلف عن الآخر.
فدمشق لبت الدعوة انطلاقاً من معرفتها بالتحولات الاقليمية والدولية التي باتت تفترض سياسة جديدة تأخذ في الاعتبار الضرورات المستجدة. وهي، وان اختارت التفاوض وسيلة للوصول الى تسوية محتملة مع اسرائيل، لكنها لم تسقط من حساباتها ما يمكن الاستعانه به من وسائل اخرى لإسناد موقعها التفاوضي. كدعم المقاومة في جنوب لبنان على سبيل المثال وتلازم المسارين اللبناني والسوري.
أضف الى ذلك ان دمشق لم تحرق مراكبها على أمل الانخراط في الترتيبات الأميركية الخاصة في المنطقة، ولم تندفع نحو البحث لنفسها عن موقع في هذه الترتيبات، بل بقيت متمسكة برؤيتها القومية للحل، وبضرورة صون هذه الرؤية والدفاع عنها حتى اللحظة الأخيرة. من هنا على سبيل المثال، قاطعت المفاوضات المتعددة الأطراف واشترطت لمشاركتها إحراز تقدم ملموس في المسار الثنائي، لما يحمله المسار المتعدد من آفاق لتطبيع العلاقات مع الجانب الاسرائيلي، حتى قبل أن يدفع الاسرائيليون استحقاقات هذا التطبيع.
من جانبه لبّى عرفات الدعوة الى المفاوضات على انها تحفظ له مكانه في قطار الحل والتسوية بعدما كان مهدداً بالشطب ومنعه من ركوب هذا القطار، عقاباً له على دعمه العراق في حرب الخليج الثانية، ولكونه، في الوقت نفسه، يمتهن "الارهاب" المقاومة وسيلة من الوسائل للوصول الى أهدافه. وكما كشفت معلومات ساقها قادة فلسطينيون نايف حواتمه في كتابيه "أبعد من أوسلو - فلسطين الى أين" و"أوسلو والسلام الآخر المتوازن" وصحافيون كبار هيكل في أكثر من كتاب ومقالة، فإن التحاق عرفات بقطار التسوية كان نزولاً عند قناعة بأن أوراق الحل في المنطقة هي في يد الولايات المتحدة وحدها، وأن لا مشاركة من دون دعوة منها. وبالتالي وافق عرفات على الحل التفاوضي باعتباره الوسيلة الوحيدة للتسوية. وقد حمل اتفاق 9/9/1993 توقيعه الصريح على ذلك. ويحرص عرفات على أن يكون تحت سقف الترتيبات الأميركية في المنطقة، أو كما يقول بعض الساسة الفلسطينيين، يحرص على أن يكون جزءاً من المشروع الاميركي في المنطقة، لا خارجه، لقناعة لديه ان البقاء خارج المشروع يعني الشطب السياسي.
هاتان النظرتان المتباينتان للدور الاميركي في المنطقة، وللحل فيها، ما زالتا حتى الآن تحكمان الحركة السياسية لكل من دمشق وعرفات.
فدمشق تدخل المفاوضات عندما ترى ذلك ضرورة سورية. وتنسحب منها عندما ترى في ذلك مصلحة وضرورة. هذا ما لمسناه في مفاوضات شبرزدتاون عندما أعطى الرئيس الراحل حافظ الأسد أمراً بوقف المفاوضات حين لاحظ ان اسرائيل سهلت تفعيل لجان المياه والاجراءات الأمنية والتطبيع وهنا يمكن أن يقدم الجانب السوري "تنازلات" تفاوضية. في المقابل عطلت لجنة الحدود وهنا يفترض ان تقدم اسرائيل تنازلها التاريخي بالعودة الى حدود 1967. وبقي الرئيس الراحل على موقفه مع ان ذلك قاد الى توتر مع الولايات المتحدة آنذاك، ومع رئيسها بيل كلينتون. وما زالت دمشق، في ظل قائدها الشاب بشار الأسد، تتمسك بالموقف ذاته من العملية التفاوضية.
في المقابل نلاحظ ان عرفات يعتبر المفاوضات المبرر الرئيس لوجود سلطته في الضفة وفي القطاع، وانه من دون هذه المفاوضات من المحتمل أن تضعف "المشروعية السياسية" لهذه السلطة، خصوصاً أن "مشروع" عرفات يقوم على الانخراط في العملية التفاوضية والتقدم فيها وعدم تعطيلها. ولعل عرفات يدرك أن تعطل المفاوضات يمكن أن يعطي معارضيه وخصومه السياسيين في الساحتين الفلسطينية والاقليمية ورقة يلعبونها ضده، إذ يدعون إما الى صيغة تفاوضية جديدة هي في حقيقتها انقلاب على المشروع الأميركي وإعادة صوغ للحال الفلسطينية المقررة، وإما الى رفض المفاوضات، كمبدأ، والعودة الى مقاومة لا سقف سياسياً لها سوى الحديث العام عن التحرير.
وعلى رغم ما شهدته المنطقة من تطورات، أبرزها انفجار الانتفاضة وذهاب حكومة باراك، ومجيء حكومة شارون بدلاً منها الى سدة الحكم في اسرائيل، إلا أننا نلاحظ التباعد في الخطاب السياسي لكل من دمشق وعرفات وفي نظرة كل منهما الى الوقائع والى كيفية التعاطي معها.
ففي خطابه في قمة عمان أكد الرئيس بشار الأسد في نقاطه الخمس توفير الدعم للانتفاضة، وانسحاب اسرائيل حتى حدود 1967، وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الى ديارهم مشدداً على ضرورة تلازم المسارات التفاوضية والتنسيق في ما بينها.
من جانبه ألقى رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات خطاباً جاء تحت سقف ورقة مصرية - اردنية كشف عنها لاحقاً وصدر نصها في الصحف العبرية في 1/4/2001. وتضمن خطاب عرفات ثلاث نقاط رئيسية هي: الإعلان عن الاستعداد الفوري لاستئناف المفاوضات وفق الاتفاقات الموقعة في شرم الشيخ 5/9/1999 ووقف كل أشكال العنف الانتفاضة وفقاً لتفاهمات قمة شرم الشيخ 17/10/2000 والمطالبة بدعم الانتفاضة. وتجاهلت كلمته نداءات الانتفاضة لعزل حكومة شارون والمطالبة بمقاطعة اسرائيل على الصعد كافة.
شهدت أروقة التحضير للقمة أكثر من واقعة ذات دلالة: ففي مسودة البيان الختامي وردت عبارة عن "تلازم المسارين الفلسطيني والسوري"، ما دفع نبيل شعث الى الطلب من ممثل فلسطين في مجلس وزراء الخارجية فاروق القدومي العمل على تعديل العبارة "لأن عرفات لا يوافق عليها" على حد تعبيره. ونشب، بسبب ذلك، جدال وتلاسن بين القدومي والشرع انتهيا بالاتفاق على عبارة بديلة تتحدث عن "تلازم المسارين اللبناني والسوري وترابطهما مع المسار الفلسطيني تحقيقاً للأهداف العربية في تفعيل كل المسارات".
بدوره تجاهل البيان الختامي وإعلان عمان أي ذكر لمنظمة التحرير الفلسطينية ولموقعها التمثيلي، واكتفى بذكر السلطة الفلسطينية، وهو ما فسرته أطراف فلسطينية بأن القمة عالجت الشأن الفلسطيني تحت سقف أوسلو واتفاقاته، وخارج السياق العام لمواقف الانتفاضة ونداءاتها. علماً أن القدومي، أبلغ مقربيه ان عبارة منظمة التحرير وردت مرتين في مسودة البيان الختامي لكنها شطبت في النص النهائي والرسمي للبيان، بما لذلك من دلالات.
كما شهدت الأعمال التحضيرية مناقشات ساخنة حول مسألة مقاطعة اسرائيل. ففي وقت طالب الوفد السوري بنص صريح وواضح عن المقاطعة وإعادة الحياة الى مكتب المقاطعة العربية لاسرائيل، جاء القرار في البيان الختامي ليقضي "بتفعيل مكتب المقاطعة".
وكما تسرب فلسطينياً عن لقاء الوفدين السوري والفلسطيني في القمة، فقد أكد الرئيس الأسد ان يد سورية ممدودة لعلاقات تقوم على "الصدق والجدية وعدم المفاجآت في الموقف" وان سورية "لن تخطو خطوة واحدة قبل الاطمئنان الى حقوق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة حتى حدود حزيران يونيو 1967 وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الى ديارهم. كما لن تسمح لاسرائيل باللعب على المسارات".
بينما بقي عرفات في معظم الاجتماع صامتاً الا من بعض عبارات المجاملة، رغبة منه - كما فسر موقفه - بعدم تقييد الموقف الفلسطيني بأي التزامات نحو سورية. ففي ختام الاجتماع قدم عضو الوفد الفلسطيني المفاوض صائب عريقات، نسخة عن الورقة المصرية - الاردنية، التي شكلت سقفاً لكلمة عرفات، لوزير خارجية سورية فاروق الشرع وقال له انها "ورقة فلسطينية - مصرية - اردنية نقدمها لكم حتى لا تفاجأوا في وقت لاحق".
على صعيد آخر يلاحظ ان التحضيرات لقمة دمشق، اقتصرت فلسطينياً على تيار سياسي معين، واستثنيت اطراف فلسطينية فاعلة، ما قد يعني ان تياراً واحداً سيتفرد في القرار الفلسطيني، في صفوفه رموز لا يستهان بها لا تخفي معارضتها لفتح صفحة جديدة مع سورية، متذرعة بالماضي المملوء بالجراح بين الطرفين، وبأن مثل هذه الصفحة، ان هي فتحت، ستبعد السلطة من واشنطن والقاهرة وعمان، وتقيدها باشتراطات تحد من قدرتها على "المناورة" مع اسرائيل، مما سينعكس سلباً على الدور التفاوضي الفلسطيني، بحسب رأيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.