لم يعرف اطفال الرقيق في بنين عندما صعدوا على متن باخرة الشحن التي كان يفترض ان تنقلهم الى حياة رغيدة لم يوفرها لهم اهلهم انهم مبحرون في لجة البحر نحو المجهول. ولم يدرك هؤلاء الاطفال الذين تراوح اعمارهم بين 7 و14 سنة ان تلك الرحلة ربما كانت نهاية حياتهم القصيرة. بدأت الرحلة، كما وصفتها مسؤولة مكتب "صندوق الاممالمتحدة لرعاية الطفولة" يونيسيف في بنين ايستير غولوما ومسؤولون محليون في اتصالات هاتفية اجرتها "الحياة" امس، عندما ابحرت سفينة شحن سراً تقل ما بين 180 و250 طفلاً من مرفأ كوتونو عاصمة بنين قبل نحو اسبوعين. غالبية هؤلاء الاطفال من بنين وبعضهم من دول اخرى في غرب افريقيا، وقد تخلت عنهم عائلاتهم في مقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 15 دولاراً لكل طفل مع وعد بتدريبهم على مهن وتلقيهم تعليماً جيداً قبل تشغيلهم لدى اُسر ثرية. علمت السلطات في بنين ومنظمات محلية تُعنى بشؤون الطفل أن الباخرة التي نقلت الاطفال هي "أم.في-ايتيرينو" المسجلة في نيجيريا وقبطانها لورنس اونومي المعروف بسجله السيء لدى الشرطة. وبدأ رصد الباخرة استناداً الى هذه المعلومات، فشوهدت قبالة سواحل الغابون ثم الكاميرون منتصف الاسبوع الماضي. وقال مسؤولون ان السلطات في كل من البلدين منعت الباخرة من الرسو بعدما اشتبه في انها تقل اطفالاً وطالبي عمل من دون وثائق دخول. وعادت الباخرة من حيث ابحرت فرست قبل يومين في كوتونو، ولم يكن على متنها الاطفال، بل مجموعة من المهاجرين الذين كانوا يسعون الى العمل خارج بلدهم يرافق بعضهم اطفالهم. وأكدت غولوما أن شرطة بنين اوقفت القبطان لورنس اونومي وطاقمه وباشرت التحقيق معهم، كما تستجوب ركاب الباخرة. اونومي نفى تهمة الاتجار بالاطفال، لكن هيئات محلية لم تستبعد ان يكون الاطفال القي بهم في عرض البحر بعد انكشاف خبر نقلهم على متن الباخرة الى خارج البلاد. وأبدت غولوما قلقاً شديداً إزاء هذا الغموض، وقالت ل "الحياة": "إذا لم يكن الاطفال على متن أم. في - ايتيرينو، فهم على متن باخرة اخرى. ونخشى ان يكون عدد كبير منهم توفي بسبب عدم وجود ماء او اغذية كافية على متن الباخرة التي نقلتهم، إذ غالباً ما يكون مثل هذه البواخر في وضع سيء جداً... انها قضية حياة أو موت". وأكدت: "نركز الآن، الى معرفة مصير هؤلاء الاطفال، على قضية الاتجار بالأطفال عموماً". مشيرة الى ان الاحصاءات التقريبية تؤكد ان "اكثر من 200 ألف طفل من غرب افريقيا ووسطها يتم بيعهم سنوياً في القارة، في حين يتم ترحيل الفتيات من بينهم الى دول اوروبية للعمل في اسواق الدعارة". هل رمى قبطان "أم. في - ايتيرينو" الأطفال في البحر، ام انه لم ينقلهم اساساً؟ وأين هم الآن: على متن باخرة أخرى لا تزال تبحر بهم، أم أنهم لم يغادروا البلد اساساً؟ أسئلة كثيرة لا تزال غامضة، ربما يلفظ اجوبتها البحر يوماً، او التحقيقات التي تجريها شرطة بنين. اياً كانت نتيجة تلك التحقيقات، فإن استرقاق الاطفال مستمر منذ فترة طويلة في بنين. إذ اكتشفت سلطات هذا البلد في تموز يوليو 1997 اكثر من 400 طفل على متن باخرة كانت ترسو في ميناء كوتونو المعروف تاريخياً بأنه سوق كبير للرق. وكانت تلك من اكبر عمليات رق الاطفال، وقالت الشرطة ان المسؤولين عن هذه العملية خمسة تجار من غرب افريقيا كانو يحاولون الابحار بالأطفال الى الغابون.