} التمويل هو الموضوع الرئيسي في كل اجتماعات الدول الأعضاء في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر. فهل تبقى مكافحة التصحر بلا آلية جدية للتمويل لأنها مشكلة محصورة في الدول الفقيرة؟ وهل يبقى ضخ الأموال وقفاً على مواضيع تعتبرها الدول الصناعية أولويات لها، مثل تغير المناخ واستنزاف الأوزون وخسارة التنوع البيولوجي، بينما يهدد الجوع والموت بفعل الجفاف والتصحر مئات ملايين البشر في افريقيا وآسيا؟ هل يعيد مشروع مكافحة التصحر صفة الاخضرار الى لبنان؟ فهذا البلد الذي كانت الغابات تغطي أراضيه بات عارياً الا من بضعة أحراج متناثرة في جبال لم تمتد اليها يد "الحضارة". وتشير المدونات الى أن الغابات في العام 2500 قبل الميلاد كانت تغطي جبال لبنان بالكامل، فباتت في مطلع القرن العشرين تحتل نحو 15 في المئة من مساحته. أما اليوم فهي تشكل أقل من8 في المئة. ولئن لم يكن لبنان بلداً "جافا" كما هي طبيعة البلدان العربية اجمالاً، فقد تكفلت الممارسات البشرية بتصحيره قطعاً ورعياً وحرقاً وامتداداً عشوائياً للعمران، في غياب الأحكام الرادعة والتخطيط المتكامل لوجهة استعمال الأراضي. وقع لبنان اتفاقية مكافحة التصحر في أيلول سبتمبر 1995، وصدقها في كانون الأول ديسمبر من السنة ذاتها. وتم تشكيل لجنة وطنية لمكافحة التصحر تضم مندوبين عن وزارات ومنظمات غير حكومية وخبراء. وأسندت أعمال التنسيق الوطنية الى وزارة الزراعة. وتم اعداد مشروع شامل لمكافحة التصحر في لبنان بمساعدة برنامج الأممالمتحدة الانمائي ومنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة الفاو. وتمول الحكومة الألمانية المشروع بمساهمة عينية من لبنان. أما الأطراف الرئيسية المشاركة فهي الوكالة الالمانية للتعاون الفني GTZ والمركز العربي لدراسة المناطق القاحلة والأراضي الجافة أكساد والمركز الوطني للاستشعار عن بعد ووزارة الزراعة في لبنان. وقد أطلق المشروع في تشرين الثاني نوفمبر 1999 وبدأ العمل به في حزيران يونيو 2000. وتقضي الاجراءات المتبعة لدى GTZ بأنه، عندما يبدأ أي مشروع عمله، يجب اعداد خطة عمل تفصيلية تبنى على أساس الصيغة التخطيطية الأولية للمشروع. ولتحقيق هذه الغاية، أقيمت ورشة عمل لمدة خمسة أيام شاركت فيها الجهات المعنية. ونوقشت خلالها الأسباب الرئيسية للتصحر في لبنان، والعوامل المؤثرة في عملية التصحر، ومضمون خطة العمل الوطنية، والهيكلية اللازمة لاعداد خطة مشتركة ومتكاملة. يهدف مشروع مكافحة التصحر في لبنان CoDel الى اعداد برنامج عمل وطني بالاشتراك مع المؤسسات الوطنية والسلطات المحلية ومجموعات من السكان على أساس تعاوني. وبدعم من المركز الوطني للاستشعار عن بعد في لبنان والمركز العربي لدراسة المناطق القاحلة والأراضي الجافة، تمكنت وزارة الزراعة اللبنانية من تحديد وتحليل وتوثيق حجم وأسباب التصحر وعمليات التعرية. ويتم اعداد خرائط لتكون بمثابة أساس تخطيطي يظهر المناطق ذات الأولوية لمكافحة التصحر والتعرية. وبمشاركة السكان المحليين، تتخذ الاجراءات اللازمة لمكافحة التصحر أو اعادة تأهيل الأراضي التي تمت تعريتها في منطقة نموذجية. ومن العناصر الرئيسية في المشروع رفع الوعي حول مخاطر التصحر والسبل الناجحة في مكافحته. وقال مدير مشروع GTZ في لبنان برتهولد هانسمن ان العمل سيركز على اشراك الجميع في مكافحة التصحر، من السياسيين والمسؤولين الحكوميين الى الجمعيات الأهلية والبلديات والمدارس والمزارعين وسكان المناطق المتصحرة والمهددة. منذ منتصف ثمانينات القرن العشرين، قدمت GTZ التابعة للحكومة الألمانية دعماً كبيراً لمشاريع مكافحة التصحر حول العالم، رصدت لها أموالاً ضخمة بلغت نحو 8،2 بليون مارك ألماني 4،1 بليون دولار. ويجري تنفيذ نحو 60 في المئة من مشاريع مكافحة التصحر التي تدعمها GTZ في أفريقيا، و15 في المئة في أميركا اللاتينية راجع مشروع اعادة تأهيل بحر آرال الجاف في الصفحة 36، و25 في المئة في آسيا. وقد بدأت أولى مشاريع GTZ لمكافحة التصحر في منطقة الساحل المجاورة للصحراء الافريقية الكبرى منذ نحو 20 سنة. وتشمل الطرق الناجحة المتبعة في هذه المشاريع اجراءات ميكانيكية للحماية من الانجراف، مثل تثبيت الكثبان واقامة المدرجات الجلالي وبناء صفوف من الحجار وحفر مستديرة للغرس أو حفر هلالية الشكل تمكن من استخدام مياه المطر بفعالية أكثر، واجراءات بيولوجية وزراعية وحرجية للحماية من الانجراف، مثل اقامة أسيجة خشبية وغرس أشجار وشجيرات على امتداد صفوف من الحجار. وتم بنجاح ادخال أنشطة مكافحة التصحر في تخطيط استخدام الأراضي واجراءات التنمية الريفية الاقليمية.