} شهد المؤتمر السادس للاتحاد الاشتراكي المغربي جدلاً حاداً في شأن موقفه من التعاطي مع التيارات الإسلامية، واضطر مجدداً إلى ارجاء اختتام أعماله ساعات عدة. وفي حين فُسر هذا الارجاء بأنه للاتساع أمام انتخاب القيادة الجديدة، قال بعض المصادر إن السبب الحقيقي هو محاولات "رأب الصدع" بين تيارات الحزب. ارجأ المؤتمر السادس للاتحاد الاشتراكي اختتام أعماله التي كانت مقررة صباح أمس ساعات عدة للإعلان عن انتخاب أعضاء اللجنة الإدارية والقيادة الجديدة للحزب. وعزا السيد خالد عليوة الناطق باسم المؤتمر وزير العمل السابق الارجاء إلى حصر قوائم المتنافسين. لكن مصادر مستقلة لمحت إلى ان الارجاء كان يتعلق بالافساح في المجال أمام محاولات رأب الصدع بين المشاركين في المؤتمر والمنسحبين منه الذين يطالبون بتعليق المؤتمر والاكتفاء بانتخاب السيد عبدالرحمن اليوسفي رئيساً للحزب أو الاتفاق على موعد مؤتمر طارئ لحل الخلافات القائمة. وصرح نوبير الأموي، زعيم الكونفيديرالية الديموقراطية للعمل أمس في الدار البيضاء، بأنه "جرت محاولات لإقحام المؤتمر في نزاعات تهدد الأمن". واتهم بيان صادر عن المنسحبين الذين يقولون إن عددهم يزيد على 500 من بين حوالى 1300 شخص يشاركون في المؤتمر، جهات أمنية في محاولات التدخل على أساس الايحاء بأن "المؤتمر مهدد أمنياً". لكنه جده التأكيد أنه ملتزم وحدة الحزب، وان لا مجال لتشكيل حزب سياسي منشق عن الاتحاد الاشتراكي. وأضاف: "أي نزعة انفعالية داخل حزب القوات الشعبية من أي جهة كانت تعتبر ترجمة عملية لاستراتيجية ترمي إلى الدفع بالبلاد نحو المجهول". ورأى النائب البرلماني سهيل المعطي من الكتلة الاشتراكية ان المؤتمر السادس للحزب "غير شرعي"، في حين أكد النائب إبراهيم الراشدي من التيار نفسه ان القيادة التي ستنبثق عن المؤتمر "ليس لها سند قانوني أو شرعي"، واتهم السيد محمد اليازغي، وزير الإسكان النائب الأول في زعامة الحزب، بأنه كان يقف ضد محاولات بذلها السيد عبدالرحمن اليوسفي رئيس الوزراء لتطويق الخلافات الداخلية في المؤتمر. وردد قياديون شاركوا في المؤتمر بأنه "أبقى على الباب مفتوحاً في وجه الراغبين في المشاركة". وقالوا إن المؤتمر واصل أعماله بصورة طبيعية. وتجنب كلا الطرفين الحديث عن المآل الذي وصلت إليه وساطات قد تكون قامت بها جهات عدة للحؤول دون انفجار الوضع الداخلي في الحزب. وتفيد تحليلات أن التأييد الذي يحظى به اليوسفي داخل تيار المنسحبين يرمي إلى قطع الطريق عن التيار الغالب في المؤتمر الذي يتردد أنه يدعم اليازغي. لكن الأخير اكتفى بالصمت خلال أعمال المؤتمر. وظهرت خلال أيام انعقاد المؤتمر صراعات حول مواقف عدة، في حين لوحظ أن تيار الحبيب الفرقاني، العضو القيادي في الاتحاد الاشتراكي، والمعارض الفقيه محمد البصري وقيادات تاريخية للحزب امتنع عن الدخول في الجدل حول وقائع المؤتمر، كونه اختار مقاطعة أعماله قبل بدئها، في حين أن نوبير الأموي ومنتسبين إلى تنظيمات الشباب واللجنة التحضيرية انسحبوا في اليوم الأول للمؤتمر، احتجاجاً على ما وصفوه ب"طبخ قوائم المؤتمرين". "العدل والإحسان" وكان مؤتمر الاتحاد الاشتراكي شهد جدلاً حاداً في شأن التعاطي مع التيارات الإسلامية ومسألة الامازيغية والإطار التنظيمي للحزب. وطالب منتسبون إلى الحزب بتوضيح موقف الاتحاد من دعوات صدرت عن بعض الأوساط في خصوص التعاطي مع جماعة "العدل والإحسان" التي يتزعمها الشيخ عبدالسلام ياسين. وعرض السيد محمد الحبابي، العضو القيادي في الحزب، إلى اطروحة في هذا النطاق، منطلقها أن "العدل والإحسان" لم تتورط في اغتيال الراحل عمر بن جلون، القيادي التاريخي للحزب، وكذلك لأن لها وجود في الساحة السياسية في البلاد. وعرض تقارير واستطلاعات للرأي تفيد بأن حوالى 40 في المئة من المغاربة الذين شملهم الاستطلاع لا يرون خطراً إسلامياً يهدد البلاد، في حين أكد 37 في المئة أن المغاربة كافة مسلمون. لكن اقتراح الحبابي رفض بقوة. واستغرق الموقف من مسألة الأمازيغية جانباً من نقاش المؤتمرين الذين أثار بعضهم إلى ضرورة الإشارة إلى الموضوع في نطاق الاشكاليات الثقافية والتأكيد على مفهوم الوحدة الوطنية. وركزت مداخلات عدة على الهوية الاشتراكية للحزب وعلى آفاق التحالفات المستقبلية وتحديد العلاقة بين النقابي والسياسي في اطروحات الحزب، إضافة إلى معاودة تنظيم هياكل الاتحاد الاشتراكي. وكان السيد عبدالرحمن اليوسفي رئيس الوزراء المغربي، أكد أمام المؤتمرين ضرورة أن ينعقد المؤتمر المقبل للاتحاد الاشتراكي في أقل من عامين، تعمل خلالها فروع الحزب على إقرار جدول زمني لمؤتمرات الفروع. ونبه إلى غياب الشباب عن الحزب، وقال: "ادهشني أن حزبنا ليس حزب الشباب كما كنا نتوقع". لكنه تعهد العمل من أجل الافساح في المجال أمام الشباب.