منظمة الأغذية والزراعة العالمية الفاو، وبرنامج الأغذية العالمي، أعلنا وللمرة الثالثة، ان هناك مجاعة حقيقية على الأبواب في السودان. وتتركز المجاعة في ولايات الجنوب ودارفور وكردفان، وكان رد الحكومة السودانية على هذا التحذير سلبياً، ويرفض تسمية ما يحدث بمجاعة. ويزعم الرد أنها "فجوة غذائية". ويبدو ان التاريخ يعيد نفسه. فدارفور، تلك الولاية التي كانت يوماً ما إحدى الممالك الإسلامية الكبرى في أواسط افريقيا، تعرضت للمجاعة في عامي 1984 - 1985 في أواخر عهد النميري. ووقتها كان النميري يرفض ان يعترف بأن هناك مجاعة في دارفور. ففي الوقت الذي كان فيه اهلنا ينقّبون في بيوت النمل بحثاً عن القوت، وحين تساقطت جثثهم في صحارى دارفور، كان النميري يفرض تعتيماً إعلامياً قاتلاً على ما يجري هناك، ولم يعترف بحدوث مجاعة حقيقية تستدعي تدخل المنظمات الإنسانية العالمية إلا بعد ضغوط خارجية. وبعدها تدفقت المعونة الأميركية والأوروبية، وأمكن بذلك انقاذ حياة آلاف كانوا عرضة للموت جوعاً. والآن الحكومة الحالية تعيد نفس تلك المبررات على لسان كل من علي عثمان محمد طه، النائب الأول لرئيس الجمهورية، والدكتور مجذوب الخليفة وزير الزراعة. وأياً كانت الأسماء فالواضح أن حياة مئات الألوف من مواطني دارفور وكردفان معرضة لمخاطر الموت جوعاً. والتجاهل واللامبالاة تجاه هذا الأمر الجلل، كأنهما عقاب لأهالي دارفور على ثوراتهم وتمردهم على الحكومة السودانية. والأمر جريمة ضد الإنسانية تمارسها الحكومة السودانية. والمؤسف أنه في الوقت الذي تقف فيه دارفور على أعتاب مجاعة حقيقية تصرف الحكومة الملايين من الجنيهات على احتفالاتها الباذخة، باسم الدين. ولعل صرختنا من هذا المنبر، تجد صدى لدى المنظمات الإنسانية الإسلامية والعربية للتحرك العاجل وإنقاذ ارواح مئات الألوف من الناس المعرضين لخطر الموت جوعاً في دارفور وكردفان. محمدين محمد اسحق - كاتب صحافي وسكرتير مجلس شورى دارفور بالمهجر