كان متوقعاًً ان يبدأ مساء أمس الوفد الإسلامي وساطته بين الحكم السوداني والزعيم الإسلامي حسن الترابي، فيما تفاعلت قضية التظاهرة المسيحية التي شهدتها الخرطوم الأربعاء، احتجاجاً على منع احتفال ديني كان جنوبيّون يُعدّون له. وفي حين اعتبرت "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة العقيد جون قرنق ان أحداث الخرطوم "تُعرّض الوحدة الوطنية للخطر"، أفادت وكالة "فرانس برس" ان أكثر من خمسين من المتظاهرين حكموا بالجلد ونُفّذ فيهم الحكم فوراً. وأوضح وزير الداخلية السوداني اللواء عبدالرحيم محمد حسين في وقت سابق ان قوات الأمن فرّقت المسيحيين الذين كانوا يحتجّون على تغيير مكان احتفالهم بعيد الفصح، لأنهم تظاهروا من دون ترخيص و"تحسباً" لمواجهات بينهم وبين مجموعات إسلامية "متطرفة" كانت تُعدّ للإعتداء عليهم. ونقلت "فرانس برس" أمس عن مسؤول في "مجلس الكنائس في السودان" ان احكاماً بالجلد صدرت بحق اكثر من خمسين مسيحياً لمشاركتهم الاربعاء في تظاهرة امام كنيسة في العاصمة، مشيراً الى أن الحكم نفذ فوراً. وقال هذا المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه ان محكمة الجنايات في الخرطوم حكمت على 52 شاباً مسيحياً ب15 جلدة والسجن 20 يوماً، وحكمت على 6 آخرين بينهم 4 نساء ب15 جلدة. وتابع ان "المحاكمة كانت صورية جرت في غياب محامٍ" عن المتهمين، مضيفاً ان "جميع المدانين جُلدوا فوراً، وننوي استئناف الحكم غداً اليوم على رغم ان اجراءات الاستئناف قد تكون أطول من فترة السجن". وروى شهود ان الشرطة اطلقت الاربعاء الرصاص الحي على حشد تجمع أمام كنيسة في الخرطوم واوقفت حوالى مئة شخص بينهم رجال دين. وأفادوا ان آلافاً من الشبان المسيحيين المتحدرين من جنوب السودان تجمعوا أمام الكنيسة في قلب العاصمة وقذفوا الحجارة على السيارات والمارة تعبيراً عن احتجاجهم على الغاء قداس كان مقرراً الثلثاء في الساحة الخضراء. وفي أسمرا، قال الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان "ان ما جرى في الساحة الخضراء وكنيسة جميع القديسين في الخرطوم والتفسيرات المتضاربة التي قدّمها النظام لمنع الاحتفال المسيحي تقدّم برهاناً ساطعاً على طبيعة النظام الآحادية التي تضر بالإسلام والمسيحية، وتعرّض الوحدة الوطنية للخطر". واعتبر في بيان ان ما حصل "انتهاك لأهم حقوق الإنسان في حرية العبادة وإقامة الشعائر، ودليل على أن النظام قائم على الفتنة والتطرف، ومعاد لتقاليد السماحة الدينية السودانية". ودعت الحركة الى إطلاق المعتقلين على خلفية أحداث الخرطوم، وبينهم مراسل "هيئة الإذاعة البريطانية" بي. بي. سي الصحافي الفرد تعبان.