صعدت إسرائيل سياسياً وعسكرياً ضد الفلسطينيين، فقصفت مقاراً امنية وعسكرية في غزة بصواريخ "أرض - أرض"، وطاول القصف موقعاً كانت القيادة البحرية الفلسطينية تعقد اجتماعاً فيه. ودعا الرئيس الإسرائيلي موشيه كتساف إلى "ترتيب أوقات الصلاة لليهود والمسلمين في الحرم القدسي على غرار ما يحصل في الحرم الإبراهيمي" في مدينة الخليل، فيما أكد رئيس الوزراء ارييل شارون ان لدى حكومته "خطة واضحة لإعادة الأمن للإسرائيليين، خصوصاً في قطاع غزة". وأضاف خلال جولة في معسكر على الحدود بين قطاع غزة والدولة العبرية: "نعرف جيداً ماذا نفعل، نحتاج إلى قليل من الصبر والوعي لأن المعركة مع الفلسطينيين طويلة ومعقدة وصعبة، وعلى الشعب ان يتحمل". وحذر في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي كولن باول من أن إسرائيل مصممة على المضي قدماً ولن تكتفي ب"حلول وسط". وأطلق المسؤولون الإسرائيليون دعوات إلى الرد بعنف على الفلسطينيين، فيما اعتبرت السلطة الفلسطينية أن التصعيد الاسرائيلي "إعلان حرب"، وجددت مطالبتها المجتمع الدولي بتأمين حماية دولية للشعب الفلسطيني. إلى ذلك، قال كتساف إنه لا يؤيد دخول يهود إلى باحات المسجد الأقصى من دون موافقة الأوقاف الإسلامية. لكنه اضاف: "على الفلسطينيين ان يعلموا اننا لن نتنازل عن حقنا في الحرم"، داعياً إلى الاتفاق على ترتيبات تسمح ب"تقسيم" أوقات الصلاة لليهود والمسلمين في الحرم "تماماً كما يحدث في الحرم الإبراهيمي". وهاجم مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير السيد فيصل الحسيني بشدة تصريحات كتساف، وقال ل"الحياة" إنها تنطوي على "خطورة كبيرة جداً"، و"تهدد بمذبحة في القدس، على غرار المذبحة التي نفذت داخل الحرم الابراهيمي" عام 1994. وزاد: "هذه المرة نؤكد لكتساف انها لن تكون مثل الحرم الإبراهيمي، وسيدافع الفلسطينيون ضد أي محاولة من هذا النوع ولو نزفت دماؤهم". وحذر من "الخلط في مواقع الصلاة"، مشيراً إلى أنه بالاضافة الى حقوق المسلمين الواضحة في الحرم وقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد هذه الحقوق، فان تصريحات كتساف "تهدد الوضع القائم في المدينة المقدسة، الذي حدد لليهود الصلاة في ساحة البراق والمسلمين في المسجد الأقصى، كما للمسيحيين في كنيسة القيامة، إضافة إلى الكنس والكنائس والجوامع، وأي خلط في هذه المواقع يشير الى التوجهات العنصرية الاسرائيلية". وتابع الحسيني أن الدين اليهودي حظر على اليهود الصلاة في الحرم القدسي. المشروع الأوروبي في غضون ذلك، بدأ التفكير الجماعي داخل المجموعة العربية لدى الأممالمتحدة، في شكل العودة الى مجلس الأمن، وفحوى ما يمكن استصداره بعدما احبط "الفيتو" الاميركي قبل أسبوعين مشروع قرار يدعو الى تأمين الحماية للفلسطينيين. وأكد مندوب فلسطين الدكتور ناصر القدوة ان "ليس هناك أي حديث عن مشروع بيان رئاسي" يصدر عن المجلس و"لا توجد أي مبادرة في هذا الاتجاه"، فيما قالت مصادر اميركية ان الانهماك مجدداً في صياغات مشروع قرار لمجلس الأمن "ليس أمراً نتلهف اليه قريباً". واشارت الى ان واشنطن تعطي الأولوية ل"التعاون الأمني" بين اسرائيل والفلسطينيين. وكان متوقعاً امس عقد اجتماع للمجموعة العربية للبحث في ما هو متاح في اطار مجلس الأمن والجمعية العامة، بحسب ديبلوماسي عربي، أفاد ان المداولات ستتناول "درس آفاق العمل مع الأوروبيين والتعامل البناء مع الاميركيين". وبين الاحتمالات المطروحة امكان العودة الى مشروع قرار أوروبي طرحته رسمياً في مجلس الأمن فرنسا وبريطانيا والنروج وارلندا، ولم يجر التصويت عليه. وقالت المصادر الأوروبية: "لا نية لتقديم المشروع للتصويت لينال فيتو اميركياً يكون الثاني خلال شهر، وليس من الحكمة احراج الطرف المطلوب مساعدته". ورأت ان في امكان الطرف الفلسطيني أو العربي اذا شاء الدعوة الى التصويت على المشروع الأوروبي، ولفتت إلى الإفرازات السياسية لمثل هذه الاستراتيجية و"انعكاسها سلباً" على الاهداف الفلسطينية والعربية. ونبهت الى ان "أفضل سيناريو هو قبول الولاياتالمتحدة التفاوض على مشروع القرار الأوروبي الايجابي" وتطويره ليتضمن أموراً اخرى مثل عناصر المبادرة المصرية - الأردنية. وذكرت مصادر اميركية ان "الفرصة ضاعت" في الجولة الأخيرة، بسبب "الإصرار على مواعيد حاسمة مصطنعة حين فاوضنا وقدمنا تنازلات. فُرض علينا استخدام الفيتو، فيما القمة العربية منعقدة، وهناك ثمن لمثل هذه السياسات".