سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزير الأمن الجديد لنداو دعا إلى اعتماد "سياسة الهجوم وليس الدفاع فقط" في مواجهة الانتفاضة . شارون يكرر اثناء تقديم حكومته الى الكنيست أن المفاوضات لن تستأنف "إذا لم يتوقف العنف"
} واصل البرلمان الإسرائيلي الكنيست حتى ساعة متقدمة من ليلة أمس مداولاته قبل أن يمنح الثقة بغالبية نوابه، كما هو متوقع، للحكومة الجديدة بزعامة ارييل شارون التي تضم 26 وزيراً وسط توقعات بأن يرتفع العدد في الأيام القريبة بانضمام ممثلين عن حزبي المتدينين "مفدال" والمركز، ووسط تساؤلات عن سياسة هذه الحكومة التي حرص رئيسها على أن تكون خطوطها العريضة عامة ومبهمة. في أجواء احتفالية وفي حضور عائلات الوزراء ونواب الوزراء الجدد، عرض شارون، عصر أمس، حكومته على الكنيست لنيل الثقة بعدما ألقى خطاباً قال فيه إن يد إسرائيل ممدودة للسلام. ودعا زعماء الدول العربية المجاورة إلى الدخول في مفاوضات سلمية من دون شروط مسبقة، مكرراً أنه لن يستأنف المفاوضات مع الفلسطينيين "إذا لم تتوقف أعمال العنف". ولكن شارون أبلغ أعضاء كتلة ليكود البرلمانية، في أول اجتماع يحضره منذ انتخابه رئيساً للحكومة، ان حكومة الوحدة الوطنية هي الوسيلة الوحيدة لإعادة الأمن للمواطنين ولرأب الصدع القائم داخل المجتمع الإسرائيلي. وزاد أن تشكيل حكومة كهذه كان ضرورياً "لنقف صفاً واحداً أمام الخطر الأكبر الذي يواجهنا، الوضع الأمني المتدهور". وقال إن جل هم حكومته سينصب على إعادة الأمن للمواطنين والبدء في تحركات سلمية لكن هذه التحركات لن تتم إلا بعد أن يستتب الهدوء في البلاد". وفي ظل غياب حمائم حزب "العمل" عن الحكومة الجديدة وانضمام صقور هذا الحزب إليها، نجح شارون في تشكيل حكومة يمينية واسعة يجلس فيها، إضافة إلى شارون نفسه وغلاة المتطرفين في حزبه، نواب عنصريون. وتنذر هذه الحكومة الجديدة بتدمير العملية السلمية تماماً وينادي أبرز أقطابها بإحكام القبضة الحديد على الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة ومناطق السلطة على نحو يهدد باندلاع حرب اقليمية جديدة. وباستثناء شمعون بيريز، الذي يؤمن بأن الحكومة الجديدة ستتجه نحو المفاوضات السلمية، يحيط بشارون وزراء ليسوا أقل تطرفاً منه، في مقدمهم وزير الدفاع بنيامين فؤاد بن اليعيزر، أبرز صقور حزب "العمل" الذي طالما انتقد حكومة ايهود باراك لمفاوضتها الفلسطينيين والمواجهات معهم مستمرة. ويعمل الوزير الجديد افرايم سنيه، الذي شغل منصب نائب وزير الدفاع في حكومة باراك، أفكاراً مماثلة. وضم شارون إلى حكومته أبرز صقور حزبه، وفي مقدمهم عوزي لنداو الذي عينه وزيراً للأمن الداخلي. ولنداو هذا يعتبر من أبرز المعارضين للمفاوضات السلمية مع الفلسطينيين، وسبق أن دعا الشهر الماضي إلى ضرب الشرطة الفلسطينية لوضع حد للهجمات الفلسطينية، كما قال: "لأنها في الواقع جيش حقيقي يشن الحرب علينا" ودعا لنداو صباح أمس في أول تصريح له بعد أن أبلغه شارون بالمنصب الذي سيعهد له، إلى اعتماد سياسة الهجوم وليس الدفاع فقط في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية. وقال في حديث للتلفزيون الإسرائيلي الرسمي: "لا يكفي أن نبني جدراناً للحماية، إنما يجب أن ندخل معسكر الخصم... الحكومة المنصرمة لم تتصد في الواقع للارهاب ولذا حان الوقت لاتخاذ ما يجب من اجراءات"، من دون أن يوضحها. وهدد لنداو الرئيس الفلسطيني بالقول ان "عليه أن يفهم أن للعنف ثمناً يجب أن يدفعه". وعهد شارون إلى زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" افيغدور ليبرمان بحقيبة وزارية اقتصادية مهمة هي "البنى التحتية". ويعرف ليبرمان، القادم من مولدوفا، بتطرفه وعنجهية تصريحاته. فهو لا يؤمن بإمكان تحقيق السلام مع أي طرف عربي ويعارض المفاوضات مع الفلسطينيين، وكان عشية الانتخابات الأخيرة هدد بضرب سد أسوان وقصف طهران بالطائرات واحراق بيروت إذا ما استمرت المقاومة اللبنانية للاحتلال الإسرائيلي! وكان ليبرمان 43 عاماً شكل وحزبه ائتلافاً مع حزب متطرف آخر هو "الاتحاد القومي" الذي يتزعمه النائب العنصري رحبعام زئيفي المعروف ب"غاندي" 57 عاماً الذي يدعو إلى ترحيل العرب من "أرض إسرائيل" وإلى منع المواطنين العرب في إسرائيل من المشاركة في التصويت في مسائل "تحدد مصير الدولة". وانضم زئيفي إلى حكومة شارون بعد أن تلقى وزميله ليبرمان تعهداً خطياً من شارون بأنه لن يتنازل عن "القدس الموحدة والعاصمة الأبدية لإسرائيل"، واشترط عليه أن يقول في خطابه أمام الكنيست إنه لن يتنازل عن الجولان السوري المحتل. وإضافة إلى هؤلاء، منحت حركة شاس، الدينية الشرقية المتشددة، خمس حقائب وزارية مهمة. ويأتمر وزراء هذه الحركة بتعليمات مجلس الحاخامات بزعامة الحاخام عوفاديا يوسيف الذي اطلق أخيراً تصريحات عنصرية ضد العرب ويتبنى مواقف سياسية مماثلة لمواقف ليكود. ويتبنى الوزير نتان شيرانسكي الذي يشغل منصب وزير الإسكان والبناء في الحكومة الجديدة، هو الآخر أفكاراً متصلبة في شأن المفاوضات السلمية، وكان استقال من حكومة باراك عشية سفر الأخير إلى قمة كامب ديفيد في الصيف الماضي. ويرأس شيرانسكي حزباً آخر يمثل القادمين الروس إسرائيل بعليا ويتمثل بأربعة نواب في الكنيست. وللمرة الأولى في تاريخ حكومة إسرائيل يشارك في الحكومة الجديدة وزير عربي، يحرص شارون على تقديمه بصفته "وزير غير يهودي"، هو صالح طريف الذي انتخبه حزب "العمل" واحداً من ممثليه الثمانية في الحكومة. ولا يزال انتخاب طريف يثير جدلاً في أوساط المواطنين العرب الذين ترى غالبيتهم في الوزير الجديد "ورقة تين" لستر عورة الحكومة الجديدة وتبييض صفحة شارون. وبحذر شديد استقبلت الصحف العبرية أمس الحكومة الجديدة، وكتب ايتان هابر في افتتاحية "يديعوت أحرونوت" يقول إن المشكلة الأساس التي تواجهها إسرائيل الآن تكمن في الحال المزاجية السيئة التي يعيشها مواطنوها "مما يغري الأعداء لضربنا أكثر وأكثر على خلفية التمزق في المجتمع الإسرائيلي والفساد المستشري في الساحة الحزبية واللامبالاة وغياب التكتل القومي"، ويتابع: "علمتنا تجربة الماضي أن حكومة وحدة هي وصفة للشلل والخصام ولكن، على الأقل في بداية طريقها، فإن مجرد تشكيلها يعتبر استجابة لرغبة الشعب في إسرائيل، وعليه فقد تكون مساهمتها الأساسية، والوحيدة ربما، في تحسين المزاج القومي، وهو عنصر مهم في تحقيق الأمن القومي". ورأت الصحافية سيما كدمون "يديعوت أحرونوت" أن الحكومة الجديدة ليست حكومة وحدة بقدر ما هي حكومة ضمان البقاء والاستمرارية، القاسم المشترك بين أعضائها مصلحتهم الشخصية، فليس لديها خطوط سياسية متفق عليها أو أهداف مشتركة "انها حكومة وحدة من دون وحدة الهدف". وأضافت ان شارون يحتاج إلى كثير من الحظ لتعيش حكومته طويلاً "ففي غياب خط واضح واتفاق وسياسة يبقى أمامه الحظ فقط". وكتب حيمي شليف "معاريف" "ان شارون أحاط نفسه بحزام عدم التواضع، من اليمين المتطرف حتى المركز المعتدل، في حين أن اليسار، باستثناء بيريز، بقي خارج الصورة. ومع هذه الجوقة غير المعتدلة يجب عليه أن يواجه وضعاً سياسياً وأمنياً، من الأصعب في تاريخ الدولة". وتحت عنوان "ليلة جديدة تبزغ" كتب دورون روزنبلوم في "هآرتس" يقول إن الجديد المثير الوحيد الذي تأتي به هذه الحكومة "يتمثل في أنها لم تعد بشيء ولا تبشر بشيء سوى إعادة الأمن، ولكن السؤال هل هناك - وهل كان في الماضي البعيد - أمن للعودة إليه؟".