عثر سعيد يقطين على سيرة سيف التيجان في بداية التسعينات عندما كان يبحث في السيرة الشعبية العربية. وأثار انتباهه ان هذه السيرة مترجمة الى الفرنسية في أواخر القرن التاسع عشر، ولكنها غير معروفة لدى المشتغلين بالسير العربية. ومصادفة وجد نسخة مطبوعة منها في تونس، ولكنها مبتورة في الثلاثينات. وبعد البحث تمكن من العثور على ثلاث مخطوطات، أقدمها تعود على القرن السابع عشر. وما أثار انتباهه عند الاشتغال بهذا النص، أن كل نسخة منه نص بذاته. وفرض عليه هذا الأمر وضع العلاقة بين الراوي والناسخ على المحك، ودفعه على التساؤل عن إمكان تحقيق النصر الشعبي. وعن هاتين القضيتين تولدت لديه قناعة بضرورة إعادة التفكير في "الراوي" في الثقافة العربية، ومن خلاله خصوصية السرد في الإبداع العربي. توقف مرات وهو يشتغل في التحقيق، وفي كل مرة كان يطغى عنصر خارجي يحول أنظاره عن متابعة العمل به وإخراجه الى الوجود. وفي الآونة الأخيرة بدأ العمل فيه باطراد، ولم يبق له إلا وقت وجيز لإنجازه في صيغته النهائية. وبحسب تقديراته الأولية، سيكون النص في حوالى 300 صفحة من القطع الكبير، وسيصدّره بمقدمة تتناول اشكالية تحقيق النص السردي الشعبي. وسيصدر الكتاب عن المركز الثقافي العربي، واختار له غلافاً صورة من فن التصوير الشعبي، تمثل فارساً في معركة. ينتمي نص سيرة سيف التيجان الى السيرة الشعبية العربية، وله خصوصية في هذا المضمار، لأن كل نصوص السير تمتح بصورة أو بأخرى من المادة التاريخية. غير أن سيرة سيف التيجان، تنقلنا على غرار سيف بن ذي يزن الى ما قبل الاسلام، لكنها، وهي تتفاعل مع سيرة سيف، تقدم صوراً أخرى للشخصيات والعوالم العجيبة التي تتحرك في فضاءاتها. يبدو من خلال النسخ المعتمدة أن مؤلفها من المغرب العربي، والدليل ان كل النسخ التي عثر سعيد يقطين عليها مكتوبة بخط مغربي، على رغم أن كل واحدة منها تقريباً جاءت في قرن. وهذا معنى نشرها في تونس، وعدم معرفة المشارقة بها، هم الذين سبقونا الى الاهتمام بالأدبي الشعبي عموماً، والسيرة الشعبية على نحو خاص. ويتوقع أن يكون للنص دور كبير في إعادة التفكير في الراوي العربي، وفي تجسيد قدرته على التخييل، وإضاءة جوانب مهمة تتعلق بالسرد العربي عموماً.