قضت محكمة في الدار البيضاء على الصحافي أبو بكر الجامعي بالسجن ثلاثة أشهر وتعويض مالي مقداره مائتا ألف دولار لوزير الخارجية المغربي السيد محمد بن عيسى. كما أصدرت حكماً بالسجن شهرين ودفع غرامة مقدارها ألف دولار على علي عمار المدير العام للمؤسسة الاعلامية التي تصدر اسبوعيتي "لوجورنال" و"الصحيفة". واستندت في ذلك الى تهمة "السب والقذف" ضد بن عيسى، اثر نشر مقالات عن اقتناء مقر السفارة المغربية في واشنطن، ركزت على "شبهات" في الصفقة التي ابرمت العام 1996 عندما كان الوزير سفيراً لبلاده في واشنطن. وسبق لمحكمتين في الدار البيضاء وطنجة ان دانتا الصحافيين مصطفى العلوي وخالد شبال بتهم مماثلة، إلا أن العاهل المغربي الملك محمد السادس أصدر عفواً عنهما، مما يرجح امكان ان تسلك القضية الاتجاه نفسه. وقالت مصادر الدفاع عن الصحافيين الجامعي وعمار ان المحكمة رفضت الاستماع الى شهود في الملف، في مقدمهم المستشار اندري ازولاي ووزير المال والاقتصاد فتح الله ولعلو والمدير العام للمصرف المغربي للتجارة الخارجية عثمان بن جلون وشخصيات اخرى ترددت اسماؤها في تحويلات مالية. الا ان بن عيسى اكد ان الاتهامات بوقوع تجاوزات مالية في الصفقة التي تمت مع احدى الشركات الاميركية كاذبة وسبق لوزير المال المغربي ان اكد أمام البرلمان، ان اقتناء مقر سفارة المغرب في واشنطن تم في ظروف عادية. يذكر ان اسبوعية "لو جورنال" التي يديرها الجامعي تعرضت الى المنع، الى جانب اسبوعيتي "الصحيفة" و"دومان"، اثر نشر رسالة منسوبة الى المعارض محمد البصري تحدثت عن ضلوع رئيس الوزراء عبدالرحمن اليوسفي وشخصيات في المعارضة السابقة في مؤامرة الجنرال اوفقير ضد الملك الراحل الحسن الثاني صيف 1972. إلا أن المسؤولين عن هذه المطبوعات عاودوا اصدارها بأسماء جديدة، بعد جدل قانوني خاض خلاله الجامعي اضراباً عن الطعام أياماً. ورأت أوساط اعلامية ونشطاء في قضايا حقوق الانسان ان الاحكام القضائية على الجامعي وعمار كانت قاسية، في حين أعلن عن استئناف الحكم في أجل قانوني. ووجه المحامي عبدالرحيم الجامعي الذي يدافع عن الصحافيين امس رسالة مفتوحة الى اليوسفي قال فيها ان "العدالة تعيش لحظات مرضية مزمنة" واتهم الادعاء العام انه ساند وجهة نظر بن عيسى. كما عرض الى ما وصفه باستشراء "الوساطة والرشوة" واستخدام النفوذ في محاكمات عدة. وناشدت رويترز منظمة "صحافيون بلا حدود"، وهي منظمة لمراقبة حرية الاعلام مقرها باريس، عمر عزيمان وزير العدل المغربي ان يسقط الحكم على الصحافيين. وقال روبير مينار الأمين العام للمنظمة في بيان "انه لا ينبغي للسلطات ان تستخدم الغرامات بغرض منع ظهور أو نشر وسيلة اعلام". ولاحظ ديبلوماسي غربي ان هذه المحاكمة كانت الثانىة في المغرب هذا الاسبوع لصحافيين أو نشطاء حقوق الانسان. وقال ان المحاكمة "تثير مخاوف في شأن احترام حقوق الانسان وحرية التعبير في هذا البلد". وكان 36 ناشطاً في مجال حقوق الانسان مثلوا أمام المحكمة الاربعاء بتهمة تنظيم تظاهرات غير مشروعة.