} انتهت صباح اليوم مدة الانذار "الأخير" الذي اعطته الحكومة المقدونية للمقاتلين الألبان لتسليم اسلحتهم أو الانسحاب من مواقعهم حول مدينة تيتوفو، وسط معلومات تفيد ان المقاتلين رفضوا الاذعان ل"الهزيمة"، في حين تواصلت المساعي المحلية والدولية لايجاد حل سلمي عاجل لهذه المشكلة التي تهدد خطورتها عموم منطقة البلقان. بدت الأوضاع هادئة نسبياً أمس في مدينة تيتوفو، غرب مقدونا، باستثناء أصوات رصاص متقطع، بعدما أعلنت القوات المقدونية توقفها "من جانب واحد" عن مهاجمة مواقع المقاتلين الألبان في المرتفعات المطلة على تيتوفو، ضمن مهلة 24 ساعة، انتهت صباح اليوم، وشكلت انذاراً "أخيراً" للمقاتلين بوجوب الاستسلام أو الانسحاب من مواقعهم خارج مقدونيا، والا فانهم "سيتعرضون لهجوم لا هوادة فيه". وقال الناطق باسم وزارة الدفاع المقدونية غورغي تريندافيلوف للصحافيين أمس "ان قوات الجيش والشرطة ستستخدم كل امكاناتها لطرد المتمردين الألبان من الأراضي المقدونية، اذا لم يغادروا بانتهاء المهلة التي اعطيت لهم". وأضاف ان القوات المسلحة "أخذت في الاعتبار تجنب الحاق أي أذى بالمدنيين". وكان اربن جعفيري وايمير اميري، زعيما أكبر حزبين سياسيين لألبان مقدونيا، أصدرا بياناً مشتركاً أول من أمس ناشدا فيه المقاتلين القاء السلاح، بناء على طلب من مسؤول الشؤون الأمنية والخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا خلال زيارته مقدونيا في مهمة سلمية. ويبدو ان الطرفين الحكومي والمقاتل الألباني استغلا هذه الهدنة لتحصين مواقعهما وتعزيز جبهاتهما القتالية استعداداً للمعركة الحاسمة - اذا وقعت. ونشرت القوات المقدونية اعداداً كبيرة من عناصرها حول مدينة تيتوفو، لمنع المقاتلين من اجراء اتصالات مباشرة بسكان المدينة أو التسلل الى داخلها، ورتبت مواقع المدفعية والدبابات في الجبهتين الشمالية والغربية. وذكرت وسائل الاعلام في سكوبيا ان مقدونيا تسلمت ثماني مروحيات عسكرية خاصة بالقتال الجبلي من اليونان وأوكرانيا اضافة الى أكثر من 100 طن ذخيرة من بلغاريا. وأفاد سوكول قائد "جيش التحرير الوطني" لألبان مقدونيا، ان مقاتليه "يرفضون اعلان هزيمتهم، وانهم سيخوضون المعارك حتى آخر فرد فيهم اذا لزم الأمر". ودعا الحكومة الى التفاوض مع قادة "جيش التحرير الوطني" بدلاً من "اللجوء الى خيار سفك الدماء وتدمير ممتلكات الألبان". وتوافرت معلومات ان المقاتلين الألبان نشروا نحو 1500 من مسلحيهم على خطوط المواجهة في المرتفعات المطلة على تيتوفو، التي من المتوقع ان تهاجمها القوات الحكومية، ووسعوا مناطق سيطرتهم، وشنوا هجوماً على مركز للشرطة المقدونية في منطقة الطريق الدولية قرب مدينة "كومانوفو" الشمالية القريبة من جنوب صربيا. وذكر تلفزيون سكوبيا أمس ان بريطانيا أرسلت عدداً من خبرائها العسكريين الى مقدونيا لتقديم المشورة في شأن العمليات القتالية التي يتوقع ان تخوضها القوات المقدونية. ووصل الى سكوبيا وفد عسكري يوناني للاطلاع على الامكانات القتالية للقوات المقدونية. وكان رئيسا الحكومتين البريطانية توني بلير واليونانية كوستاس سيميتش اجريا محادثات ثنائية في لندن تتعلق بالمشكلة المقدونية واستقرار منطقة البلقان. وشهدت الساحة المقدونية أمس تحركات مكثفة أبرزها الاتصالات التي اجراها وزير الخارجية الروسية ايغور ايفانوف مع اركان الحكومة المقدونية والزعماء السياسيين الألبان، ضمن جولة بلقانية بدأها في بلغراد فبريشتينا، ثم سكوبيا التي غادرها الى تيرانا. وأظهر ايفانوف موقف بلاده المتشدد ضد الحركات المسلحة الألبانية في منطقة البلقان، ودعا يوغوسلافيا الى ارسال قوات الى تيتوفو "لسحق المتمردين الألبان" وطلب اصدار قرار من مجلس الأمن يعتبر الألبان" مصدر عدم الاستقرار في البلقان". وكانت البانيا التي يزورها ايفانوف اليوم أعلنت على لسان وزير خارجيتها باسكال ميلو، أنها "تنأى بنفسها عما يحدث في مقدونيا". وقال ميلو "ان البانيا ترى ان مشكلات الماضي لا يمكن ان تحل بالسلاح وانما بالحوار البناء". ولا يزال حلف شمال الأطلسي يستبعد مشاركة جنوده مباشرة لمساعدة الحكومة المقدونية في جهودها الرامية الى القضاء على الحركة المسلحة الألبانية. لكن الحلف وافق على نشر 300 جندي مزودين مصفحات وطائرات عمودية من الوحدات البريطانية والنروجية الخاصة بقوات حفظ السلام كفور في أراضي حدودية بين كوسوفو ومقدونيا وتمتد نحو 45 كيلومتراً. ويرى المراقبون ان الطرفين المقدوني والألباني سيحتكمان على الأرجح الى السلاح في صراعهما الذي تفيد كل المؤشرات انه سيكون دامياً وصعباً وطويلاً.