لئن كان لبنان يدين بنشوئه وتطوره ودوره النهضوي في منطقته العربية لخط فكري فهو يدين اولاً للفكر الذي يربط الايمان بالعقلانية. وهذا الوطن عرف في تاريخه ويعرف مشكلات عصية واخطاراً تمس وجوده، ما نجح في مواجهتها الا برجال ومؤسسات ربطت الايمان بالعقلانية فكان ذلك سر فاعليتها في مجتمعاتها. من تأمله في الدور الرائد الذي قام به معهد الحكمة في العهدين العثماني والفرنسي وفي الدعوتين اللبنانية والعربية معاً ومما خبره في اوروبا من أدوار انقاذية ادتها لفرنسا وايطاليا والمانيا أثناء الحرب العالمية حركاتها السياسية الاجتماعية المؤمنة، وخصوصاً مما يعيشه وطنه من مفاعيل الميثاق الوطني اللبناني عام 1943 ونتائجه وردود الفعل عليه، تكون فكر الأب يوحنا مارون ونشأت طريقته في مقاربة الشأن اللبناني السياسي والاجتماعي والثقافي. وهو فكر متصل بالعمل، مؤسس على الإيمان والعقلانية. تلك الثنائىة التي اخذ بها جورج بوش بيعة الناخب الاميركي له في وجه منافس قوي ولامع عندما شدد على التزام الجمهور الحماسي لدور المؤسسات القائمة على الابحاث والعقلانية في حاضر الولاياتالمتحدة ومستقبلها. عاش الأب يوحنا مارون بحياته ومماته شاهداً يقظاً على خيارات وطنه وشعبه في عالم متسارع الخطى لا يرحم خطأ الصغير. ولبنان الحي، هم يوحنا مارون المقيم، يستمد القدرة على الصمود والخيال والفعل من عقلانيته وعزيمته والحرية المعنوية التي يعطيها لنفسه، وربما ايضاً من ايحاءات بيت ابي العلاء الخالد مخاطباً الفرد البشري وشخصه الضعيف-القوي معاً، كلبنان بين الاوطان: "وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر". الى جانب معاناته مهمة تطوير معهد الحكمة كان عليه أن يذوق، منذ بداية الاستقلال، الحلو والمر من شارع بيروت السياسي، فيعمل على أن يحفظ للحكمة وشبابها وما يمثلان مكاناً ودوراً في أي حركة تغيير مقبلة. وقد سمعت باسمه للمرة الاولى صباح العاشر من تشرين الثاني نوفمبر عام 1943 وأنا في جوار مدرسة الحكمة واحد من متظاهرين من القسم الاعدادي في الجامعة الاميركية جئنا ندعو تلامذتها للاضراب معنا احتجاجاً على اعتقال السلطة الفرنسية في الليل المنصرم الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح والوزراء كميل شمعون وعادل عسيران وسليم تقلا والنائب عبدالحميد كرامي. وقيل لنا يومها أن بعض من في الحكمة متردد ولكن المطران مبارك ورئيس المدرسة يوحنا مارون أيدا الاشتراك في التظاهرة. فبقي اسم يوحنا مارون محفوراً في ذهني لاقترانه باسم آخر ذائع الصيت في تلك الايام المطران أغناطيوس مبارك. منذ تلك الساعة انطبعت في ذهني صورة للأب يوحنا مارون لم تفعل الايام الا أن ترسخها هي صورة المؤمن العقلاني العامل على تأهيل الصرح التعليمي العريق في خدمة النهضة العربية وآدابها لمرافقة التطورات التي أخذ لبنان يعيشها. في لقاء معه في باريس حيث كنت طالباً وكان مسؤولاً عن البيت اللبناني أثرت أمامه في حضور بعض اصدقائه من الساسة الاستقلاليين وبينهم قريب لي، ذكرى تلك التظاهرة الطالبية الاستقلالية وموقفه المشرف منها فكان تعليقه: "نعم كنت متحمساً في ذلك اليوم للسماح بالتظاهرة ومن أجدر من ابناء الحكمة بالتظاهر للاستقلال الذي عمل من أجله أسلافهم. لقد كان عند الذين عارضوا التظاهر أسبابهم وقد أبدوها. ولم أقتنع بها لا انا ولا المطران مبارك الشديد الحماسة للتظاهرة". وسكت ثم قال مستدركاً: "أقول لك الآن انني حتى لو كنت وجدت تحفظاتهم في محلها، لما تغير موقفي. كان لا بد من الاشتراك في التظاهرة. كل شيء ولا العزلة" ولم تكن التجارب بعد قد عرفتني وعرفت غيري كل ما في هذه الكلمات من مخزون الحكمة والحب للبنان. لعله بهذا الاستدراك أراد أن يبلغني والحاضرين في شكل صريح ومباشر انه ينطلق في تفكيره من أن اللبنانيين شعب واحد وأن لا اعتبار عنده يعلو فوق هذا الاعتبار، أو حتى يساويه وما دام هدف التظاهرة هو الاستقلال فالحكمة واساتذتها وطلابها هم لها ما دامت هي للبنان. ان لكل فريق لبناني بالتأكيد ولكل فكر سياسي الحق في أن يطلب لنفسه ما يشاء من لبنان المستقل. ولكن ليس لأحد أن يجعل من هذا الحق شرطاً مسبقاً على لبنان أو على استقلاله او على الحرية فيه. هذه مسلمة أساسية في فكره واجه بها قبلاً دعاة الوحدة العربية من اللبنانيين المسلمين ولاحقاً المسيحيين من بني قومه المتخوفين على الكيان من الوحدة. لقد لخص الأب يوحنا جوهر تجربة التراث الوطني اللبناني بقوله: "أطلب لنفسك من وطنك ما تشاء، ولكن، اياك ان تعلق على ذلك ولاءك له أو عدم ولائك". انه كلام موجه لكل اللبنانيين ومن كل الاتجاهات. إنه بقدر ما كان يحلم ويفكر ويعمل لأن يكثر في وطنه لبنان الافراد والنخب المتفوقون المنفتحون على تقدم العالم كان يحلم ويفكر ويعمل ليكونوا منخرطين في مجتمعهم اللبناني فاعلين في محيطهم العربي فذلك هو خيار لبنان الصحيح. ليست حياة الأوطان متساوية في السهولة ولا ظروفها دائماً ميسرة. واللبنانية، خصوصاً، بين الوطنيات ليست من أيسرها وأبسطها. ومنذ سنوات مديدة وهذا الوطن يعيش مرحلة من عمره نطلق عليها اسم "زمن اللبنانية الصعبة". من المفارقات أن بعض اللبنانيين الاشد ادراكاً لطبيعة المرحلة التي يمر بها لبنان وتعقيداتها واستعصائها على الحلول والوصفات وكونها بالتعريف مرحلة اللبنانية الصعبة هم من دفعوا حياتهم ثمناً لغدرات ايامها. وكأن العناية الإلهية شاءت أن تجعل من موتهم شهادة لصحة فهمهم لزمنهم كزمن اللبنانية الصعبة التي يكاد لبنان لم يعرف مثلها من قبل. كان بالتأكيد أبعد الناس عن التسليم لأحد بحق اعدام التعدد اللبناني او الاساءة اليه باسم الصفاء الوطني أو غيره. فالمجتمع كل مجتمع ليس وحدة متجانسة من لون واحد، ولا هو غبار من ذرات هي أفراده. وانما هو وحدة متشكلة من عصبيات. والعصبية، كما قال ابن خلدون، القليل منها ضروري والكثير منها ضار، سواءً هي لقبيلة أو لطائفة أو لطبقة أو لفكر سياسي. من هنا والى أمد مكتوب فإن بعضهم اعتبر انشاء اتحاد المدارس الكاثوليكية بعد ذلك على يد الأب اغناطيوس مارون، من وجهة نظر الفكر المؤسساتي، أهم ما فعلته الحكمة على قاعدة انماء الذات الخاصة والعامة، من أجل تجويد الاداء التعليمي والثقافي في هذه المدارس وارساء التوازن الاجتماعي في الوطن واغناء التعدد اللبناني والعربي، وخصوصاً الحضور والحوار وممارسة حق اللاء والقلم وإجراء التسويات مع المدارس الأخرى ذات الفكر والتمثيل المختلف التي كانت تعودت أن تأخذ وحدها القرار بالإضرابات وبالمطالب النقابية والسياسية. لأن الأب يوحنا مفكر وسياسي أيضاً فهو أدرك مع سواه من زملائه أن القوة في السياسة هي كالجاذبية في الطبيعيات، أي كل شيء، ومن أقوى ما في لبنان تاريخياً شارع بيروت السياسي فلا يجوز مقاطعته أو التعامل معه بسلبية وهو الشارع الذي أسهم في الظواهر العربية كلها كدعوات الاستقلال العربية ومواجهة الصهيونية وكان خلال فترة طويلة ولا يزال حتى الآن مؤثراً في سياسة لبنان وفي المحاصصة الداخلية بالذات التي كانت ولا تزال شريعة الغابة السياسية اللبنانية وصمام أمانها في الوقت ذاته. وهناك علاقة وثيقة بين حصة أي فريق لبناني ووزن حضوره في شارع بيروت السياسي الذي لعبت المدارس منذ ما قبل الاستقلال وتلعب دوراً كبيراً في ضخه بالافكار والمشاعر والخيارات. وقد علمتنا سنوات العمل الطالبي أيام الشباب الاول انه كان يكفي أن تضرب الجامعة الاميركية والحكمة والمقاصد كي يقال أن الحكومة باتت في آخر أيامها. فمن أهم ما أمن تنظيم المدارس الكاثوليكية في مرحلة ما، الحضور والتأثير في شارع بيروت السياسي، رفيق مسار هذا السوق السياسي اللبناني الذي ظل يوزع الى حد كبير وخصوصاً في المراحل الديموقراطية من عمر الوطن الحصص والحظوظ على الطوائف والتيارات السياسية. كان مولد اتحاد المدارس بعد فترة من نهاية مرحلة الأب يوحنا وعلى يد الأب اغناطيوس مارون هو التجسيد المؤسساتي لا لنزعة التعاون والتفاعل بين المدارس الكاثوليكية فقط بل للتفاعل الايجابي ضمن حدود العقلانية مع كل المدارس الاخرى أيضاً ومن يدري فلعله لو ولد تجمع المدارس قبل مدة كافية من وقت ميلاده لكانت مآسي كثيرة لم تحصل، ولكان لبنان السياسي تمكن أن يعالج دائماً الصعوبات والضغوط بعقلية أسلم وأحفظ لديموقراطيته واستقلاله وللعلاقات اللبنانية - اللبنانية واللبنانية - العربية أيضاً. كانت الثقافة توأماً للسياسة والقضية الاجتماعية في ذهن الأب مارون وعمله ولطالما قال في وقت مبكر بحاجة لبنان الى معهد بوليتكنيك، بحسب التعبير الدارج في تلك الأيام، انطلاقاً من تطوير ما كان يعرف بمدرسة الصنائع والفنون. وقد كان يحلم من زمان بجامعة للبنان وكان يحث على السرعة في إيجادها كي لا تخيب الآمال عندما ستجيء بعد أوانها. كانت الثقافة أحد ميادين اهتمامه الكثيف بلا شك، وان كانت هي في رأي البعض ليست متعته الاساسية وميدان تألقه الوحيد. وقد لمست شخصياً أثناء وجودي في باريس بصورة خاصة اهتمامه بالحياة الثقافية ونشوته بأعراس المواهب التي تقدمها حفلات الموسيقى ومعارض الفن وقاعات المحاضرات والمؤتمرات ومنها المسرح على سبيل المثال. كان في فترة وجوده في البيت اللبناني شديد الاهتمام بأعمال المبدعين والمخرجين والممثلين اللبنانيين المعتبرين الفوج المؤسس للمسرح اللبناني الحديث والمشاركين في الابداع المسرحي في فرنسا بالذات والشيء نفسه ينطبق على الادباء والنحاتين والرسامين. كنت ألمس وراء اهتمامه بهم في البيت اللبناني وفي باريس ومساعدته لهم اعتقاداً عميقاً عنده كمرب سابق بأهمية المواهب. كان يعتبر أن هناك ترابطاً بين صغر لبنان وحاجته الى المواهب المميزة. موهبة واحدة تدخل في رأيه شيئاً جديداً في حياة لبنان ودوره وفي حياة بشر المنطقة حوله كأني به كمن يعطي المسرح الراقي في صورة خاصة قدرة تغييرية في ثقافة الناس ليست لغيره. لبنان مؤهل في رأيه لأن يثأر لنفسه من حجمه بالمواهب. وقد ذهبت معه للمرة الاولى مع مجموعة الى احدى قاعات الشعر الشعبي الانتقادي "شانسونيه" فلما خرجنا ونحن في نشوة ذلك الابداع الباريسي وجد بعضنا نفسه ينشد من شعر عمر الزعني الجميل "عالهوب الهوب والقاضي لابس روب يا أروبا تمدنا ما عاد في ظلم بنوب"، و"بدنا بحرية يا ريس بزنود قوية يا ريس، البحر جبال يا ريس، قطّع الحبال يا ريس" فعلق الأب يوحنا أن روح لبنان لن تنطفئ ولا خوف عليه ما دامت فيه "المواهب" وراح يعدد اصحاب المواهب من اللبنانيين الواعدين في باريس يوم ذاك. على ان السياسة والتكنولوجيا كانت بمفاعيلهما المدهشة الساحرين في الحقيقة الأشد استحواذاً لغريزة الاعجاب في نفسه. كان يحترم أصحاب المواقع الرسمية، إيجابياً في نظرته الى السلطة، يتوقع منها الخير اذا هي استطاعت. ما خيب أملي، كان يقول، أحد منهم وأنا أراجعه في عمل يكبر شأن لبنان الحضاري. وكان هؤلاء يبادلونه في الكثير من القضايا الحساسة الثقة، لا في إخلاصه وتوجهاته فحسب، بل في رأيه في بعض المواضيع التي ليست بالأصل من اختصاصه. كالدور الذي لعبه مع الكي دورسيه وزارة الخارجية الفرنسية في الاتفاق النقدي بين فرنساولبنان. وقد مكنته إقامته مدة غير قصيرة في باريس وصلاته بدوائر القرار سواء في الثقافة أو الاقتصاد أو السياسة من تحسس روح النقلة التي تعيشها المجتمعات المتقدمة. وقد استفاد المفاوضون اللبنانيون في مفاوضات الاتفاق النقدي مع فرنسا لا من علاقات الأب يوحنا فقط، بل من معرفته بالريح الجديدة التي تعصف في عالم الاقتصاد والمال والتي تجعله متأثراً أكثر فأكثر في ازدهاره وقوته بقيم الديموقراطية السياسية نفسها أي بالحرية. فالمجتمعات الحرة هي المزدهرة اقتصادياً ومالياً وهذا ما استلهمه لبنان عندما أقدم على عقد الاتفاق النقدي في فرنسا عام 1946. وأما علاقته بالاونيسكو فقد بدأت بدوره في ترتيب مجيء الدورة الثانية لهذه المنظمة الى بيروت في عهد بشارة الخوري ووزير التربية صديقه حميد فرنجية واستمرت من دون انقطاع بعد ذلك بانضمامه إلى لجنة الأونيسكو التنفيذية وترؤسه عدداً من لجانها. وقد حركه اقتناع بأن لبنان بحاجة بل لعله الاحوج الى المؤسسات العالمية والرؤى والتحولات الإنعطافية في الثقافة ووسائلها. وقد قال لي من ذهب في وفد واحد معه الى دورة الاونيسكو في الاوروغواي أنه كان كثير الحديث خلال الزيارة عن الفائدة التي جنتها دولة من أصغر دول أميركا اللاتينية حجماً وأرقاها في الوقت نفسه من المؤسسات الثقافية ذات الحجم العالمي. وقد كان يقول أن لبنان في منطقته بوسعه أن يكون على الاقل كالاوروغواي في أميركا اللاتينية. وكم هو أكبر حقاً في الواقع. لم يكن شهابياً، ففي الجلسات القليلة التي جرت بين الاثنين، الرئىس والمونسنيور بحضور أصدقاء. كان يميل هو، والله أعلم، إلى أن يطرح على نفسه وربما أكثر من اللزوم السؤال: لو كنت مكان هذا الجالس أمامي على الكرسي المهيب كم كان الطريق أقصر علي في تطبيق الافكار الكثيرة التي أحملها؟ أما الرئيس شهاب فلعله من جانبه كان يتصور نفسه هو الآخر مستحقاً أن يلبس بالجدارة نفسها الثوب الاسود الذي يرتديه جليسه. من المفارقات أن هذا اللا شهابي كان من أصحاب الفضل الرئيسي في اهداء الشهابية بواسطة صديق، واحدة من أبرز مفاخرها وهي نهج الأب لوبري. لقد تيسر لي في وقت مبكّر أن أسمع من فم الأب يوحنا مارون عن الأب لوبري وخدماته لقضية التنمية في أكثر من مكان في جلسة تسويق سياسي لمبادرته ضمت على غداء في فندق بريستول مع تقي الدين الصلح، كان لها ما بعدها بدعوة الرئيس شهاب الأب لوبري إلى لبنان وتكليفه بإعداد تقريره الشهير. ومما قيل في تلك الجلسة أن أحداث عام 1958 أثبتت أن إصلاحات يجب أن تحدث ولكن لما كانت البيئة المسيحية تعيش خوفاً من التغيير فإن ذلك يشكل عقبة لا يذللها الا مجيء الدراسات ووصفات الاصلاح على يد رجل دين كاثوليكي وفرنسي أيضاً سبق أن قام بمهمات مشابهة وناجحة في بلدان أخرى. كان الاب مارون يبحث يومذاك في تقي الدين عن شخص قادر على اقناع الرئيس شهاب بالفكرة. "لن يقبلها مني كان يقول أنا صديق حميد فرنجية منافسه بالأمس على الرئاسة وشقيق بشارة مارون المتعصب لكابوسه كميل شمعون"، داعياً جليسه للقيام بمهمة التروع للأب لوبريه عند شهاب. انه من الظلم بلا شك انكار ان أفضل الاعمال الشهابية أي الاتجاه التنموي جاء كنتيجة لمساعي هذا اللا شهابي اللبق الأب يوحنا مارون الذي أدار بنفسه في المتن في ما بعد مشروعاً للتنمية الشمولية تابعاً لمؤسسة ايرفيد. ولقد أنشئ مجلس التصميم الذي نترحم عليه اليوم بناءً على دراسات لمؤسسة ايرفيد. كما كان الأب مارون وراء المجلس الثقافي للمتن وله مشروع لمجلس ثقافي عام للبنان لم يتحول مع الاسف الى كيان من لحم ودم. لقد مثل الأب يوحنا مارون أحسن تمثيل الاتجاه القائل بالربط بين الايمان والعقلانية هذا الربط المرفوض تقليدياً من الجهات السياسية التي تعودت في السابق على طرح الموضوع من زاوية التخيير بين الايمان والعقلانية. أما في هذا الزمن فالجمع بينهما هو حجر الزاوية. ويتساءل الناس في لبنان دائماً كيف كان يمكن أن تكون الآن أوضاع الفئات اللبنانية لولا عدد من المؤسسات الجادة والعريقة من مختلف الطوائف والبيئات التي تعمل في مجالات التعليم والطب والرعاية على انواعها والتي تربط بين الايمان والعقلانية. * سياسي ومفكر لبناني. والمقال كلمة ألقيت أمس في احتفال معهد الحكمة بذكرى الأب يوحنا مارون.