حتى ساعة متقدمة من ليل أمس كان وزراء الخارجية العرب يحاولون التوصل الى صيغة في "الحالة بين العراقوالكويت" ترضي الطرفين المعنيين. وكانت كل المؤشرات تدل الى أن المساعي التوفيقية قد تستمر اليوم وربما تترك بعض العبارات التي سيتضمنها البيان الختامي للقادة العرب الذين بدأوا بالتوافد الى عمان أمس الأحد، استعداداً لمؤتمرهم غداً الثلثاء. راجع ص7 وأمضى وزراء خارجية مصر وسورية والجزائر والأردن واليمن والبحرين وفلسطين ساعات في اجتماعات ماراثونية لاقامة توازن بين ما يطالب به العراق، وما يقبله الخليجيون عموماً، والسعوديون والكويتيون خصوصاً. وعلمت "الحياة" ان الخليجيين، وبالتحديد الوفدين الكويتي والسعودي، وافقوا بلا تحفظ على المطالبة برفع العقوبات عن العراق، وبمعارضة الضربات العسكرية الأميركية والبريطانية، وبفتح المجالات الجوية أمام الطيران المدني العربي والعراقي فلا تظل هناك أبواب مقفلة. كما وافقوا على تضمين البيان الختامي معارضة أي اجراء خارج قرارات مجلس الأمن، في اشارة الى منطقتي حظر الطيران. لكن ديبلوماسياً كويتياً ذكر بأن منطقة الحظر في الجنوب تحكمها اعتبارات أولها اتفاق وقف النار الذي أبرم في صفوان وتضمن حماية الأقليات ومنع العراق من تعزيز قدراته جنوب خط العرض 32، فضلاً عن القرار 949، مما يعني ان الحظر في الجنوب يستند الى أسس. وأوضح ان الحظر الجوي في الجنوب يستهدف أولاً وأخيراً حماية الكويت والسعودية من التهديدات التي تطلقها بغداد بين حين وآخر. كذلك ان وجود القوات الأميركية وغيرها في المنطقة مرتبط بتوفير الأمن والاستقرار، حماية للمصالح الحيوية للغرب والدول الصناعية في منطقة الخليج. وتمنى وزير خليجي ان يتجاوب العراق مع هذه الخطوات المتقدمة التي تتخذها الدول العربية مجتمعة، من أجل إعادة الأمور الى نصابها، مؤكداً ان الكويت "من حقها ان تطالب القمة بضمانات تكفل عدم تكرار ما حصل صىف عام 1990". وذكر ان الكويت أبدت تساهلاً كبيراً عندما تنازلت في القمة الاسلامية في الدوحة عن تعبير "معالجة آثار العدوان العراقي" لمصلحة تعبير "الحالة بين العراقوالكويت" من أجل إعادة التضامن العربي والعمل العربي المشترك. لكن بغداد لم تتردد من يومها الى الآن في اطلاق تصريحات كثيرة من مثل عدم الاعتراف باستقلال الكويت أو بالعزم على تغيير الخريطة وما الى ذلك. مما عزز ويعزز مخاوف الكويتيين ويدفعهم الى التمسك باتفاقات دفاعية وأمنية مع دول غربية وشرقية... الى حين يتوافر الأمن العربي والضمان العربي لمنع تكرار ما حصل. وشرح المصدر ان من بين الضمانات صيغة أخرى للعقوبات تقتصر على عنوان واحد هو منع تصدير أي سلاح أو مواد تسمح للعراق ببناء أسلحة دمار شامل تهدد جيرانه. لذلك ارتضى الوزراء ان يتضمن البيان الختامي مطالبة العرب بتحويل الشرق الأوسط الى منطقة منزوعة من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية، لئلا يحرم العرب جميعهم من هذه الأسلحة فيما تظل اسرائيل وحدها ترسانة نووية. وكان يوم أمس طويلاً بدأته لجنة الوزراء السبعة قبل الظهر، باجتماع مع الوزراء الخليجيين. وكان واضحاً ان العقبة هي في الصيغة المتعلقة ب"الحالة بين العراقوالكويت". وأبلغ أحد الوزراء العرب "الحياة" ان الوفدين الكويتي والسعودي لا يعارضان الدعوة الى رفع العقوبات، لكنهما عبّرا عن عدم ثقة بالنظام العراقي، فهما يريدان مقابل السير في كل الاجراءات التي تريدها وفود عربية ويطالب بها العراق ضمانات بألا تتكرر تجربة الغزو وأن يتوقف العراق عن تهديد جيرانه. وقد لخص الأمير سعود الفيصل الموقف بقوله ان تطبيع العراق علاقاته مع جيرانه رهن ب"بعث الثقة والطمأنينة لدى دول الجوار"، مطالباً بغداد بتنفيذ قرارات مجلس الأمن. راجع مكاناً آخر في هذه الصفحة. وعقدت اللجنة مساء اجتماعاً مع الوفد العراقي وناقشته في الصيغة والمطالب التي يطرحها، والتي لخصها وزير الخارجية محمد سعيد الصحاف بعناوين ثلاثة هي: رفع الحصار عن العراق وليس عن الشعب العراقي، رفع منطقتي حظر الطيران غير الشرعيتين، ودعوة السلطات والجهات العربية المختصة الى تسهيل الرحلات الجوية المدنية من العراق واليه. وطالب بموقف "متوازن" في "الحالة بين العراقوالكويت". ثم اجتمعت اللجنة ليلاً للتوفيق بين الصيغتين الخليجية والعراقية والتوصل الى صيغة "متوازنة" ترضي الطرفين، فلا تتسبب هذه "الحالة" في احباط أول قمة دورية تعقد في عمان التي تشعر بقلق كبير حيال هذا الاحتمال. وسألت "الحياة" الوزير هل طلبت الولاياتالمتحدة مواقف محددة من القمة بخصوص القضيتين الفلسطينية والعراقية، فأجاب: "لا يمكن ان تطلب ذلك صراحة، لكن دولاً عربية كثيرة تعرف ماذا تريد واشنطن من دون أن يعني ذلك أن العرب سيلبون". وسألت "الحياة" وزير الخارجية المصري عمرو موسى هل تراعي القمة السقف الأميركي في صياغة موقفها من الملف العراقي، فقال: "السقف الذي نراعيه هو المشاكل التي يتعرض لها العراق والمشاكل التي تعبر عنها الكويت، ونحن نتعاطى مع النقاط التي طرحها كل من الطرفين، والمناقشة بناءة وفيها تشاور غاية في الجدية وحوار هادئ". وأشار الى أن "تقدماً واضحاً" قد تحقق، متابعاً: "نحن في صدد مؤتمرات قمة متتالية وما لم يتم ادراكه الآن يمكن ادراكه في المرة المقبلة". وسئل كيف ستحل القمة مسألة "الضمانات" التي طلبتها الكويت، فأجاب: "يجب أن نضمن ما سنقرّه". وبدا مساء ان صيغة البيان الختامي المتعلقة بالقضية الفلسطينية قد تم التوافق عليها. وهي تؤكد وقوف القادة العرب مع الشعب الفلسطيني ودعم انتفاضته وحقه المشروع في مقاومة الاحتلال حتى يحقق مطالبه في العودة الى دياره وتقرير مصيره وقيام دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس. ويدين القادة العقوبات الجماعية التي تمارسها اسرائيل وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية والاعتداء على المؤسسات والمرافق الوطنية و"تمثل هذه جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وخرقاً جسيماً لقواعد القانون الانساني الدولي الأمر الذي يستدعي احياء قرار الاممالمتحدة لعام 1975 الذي يعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية"، ويطالبون بمحاكمة مجرمي الحرب الاسرائيليين ويجددون مطالبتهم مجلس الأمن بتشكيل قوة دولية لحماية الشعب الفلسطيني. ويتوقع ان يعاد النظر في هذا البند قبل اعتماده نهائياً. ويؤكد مشروع البيان الختامي بدء ضخ ملايين الدولارات للسلطة الوطنية الفلسطينية من صندوقي الاقصى وانتفاضة القدس. ولم يعرف هل وافق جميع الوزراء على مطالبة مجلس الأمن بالمصادقة على مليار يورو كمساعدة للفلسطينيين خصصها العراق من مبيعاته النفطية المصدرة بموجب برنامج "النفط مقابل الغذاء". وينص مشروع البيان الختامي المعدّل على تمسك القادة العرب بقرارات مجلس الأمن الخاصة بمدينة القدس، وعلى تمسكهم بقرارات قمم سابقة بشأن "قطع جميع العلاقات مع الدول التي تنقل سفاراتها الى القدس أو تعترف بها عاصمة لاسرائيل"، وتأكيدهم ايضاً على "تلازم المسارات الفلسطيني والسوري واللبناني"، وتحميلهم اسرائيل "المسؤولية القانونية الكاملة عن وجود مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتهجيرهم". ويلفت القادة الى ان الالتزام بعملية السلام يتطلب قيام اسرائيل بتنفيذ الاتفاقات والاستحقاقات التي تم التوصل اليها، والبناء على ما تم انجازه واستئناف المفاوضات على كل المسارات "من حيث توقفت".