} الإعلان السوري عن موافقة الرئىس بشار الأسد على لقاء الرئيس ياسر عرفات يوحي بأن اللقاء سيتم مع رئيس الحكومة الإسرائيلية وليس مع رئيس السلطة الفلسطينية. فهو بدأ في شكل إشاعات وأخبار غير أكيدة، ثم أعلن رسمياً، ولكن على طريقة الفرمانات العثمانية، وبعدما تأكد اللقاء قيل انه سيسبق القمة العربية او يُعقد خلالها، وقبل أن يُتفق على أنه سيتم على "هامش" قمة عمان، أُضيف "شرط" خامس للمبادئ الأربعة التي تسميها دمشق "مبادئ ناظمة للتنسيق"، من دون شرح لمعنى ناظمة. المبادئ الناظمة التي اشترطتها دمشق للقبول بلقاء عرفات هي "التمسك بقراري مجلس الأمن 242 و338 كمرجعية لمفاوضات السلام، إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، عودة اللاجئين بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، استمرار الانتفاضة وتصعيدها، وحدة المسارات الثلاثة السوري واللبناني والفلسطيني". هذه الشروط فضلاً عن أنها مزايدة على الفلسطينيين، وفيها تشكيك بوطنية عرفات والسلطة الفلسطينية، تتجاهل حقيقة مهمة هي أنه لولا تمسك أبو عمار بهذه الشروط لما كان بحاجة إلى تقديم التماسات كي يقابل رئيس دولة عربية، يفترض فيه أن يثمّن نضال الرئيس عرفات، ويقدر "شيباته" ويذهب إليه بدلاً من أن يضع شروطاً لمقابلته كأنه متهم بسرقة إبل الزكاة. من حق سورية أن تشترط على من تشاء ساعة تريد، لكن موافقة عرفات على هذه الشروط اعتذار مذل عن خطأ لم يحدث، واعترافه بأن الذهاب إلى أوسلو من دون علم دمشق خطأ يلزمه بالاعتذار لكل الدول العربية بالطريقة ذاتها. أما إن كان لا يرى في قبول الشروط السورية الغريبة اعتذاراً، فعليه أن يخبر الشعب الفلسطيني عن الثمن الذي ستدفعه سورية للسلطة الفلسطينية، من أجل مراعاة خاطرها بهذا الشكل الباهظ الثمن. لا شك أن عرفات يعلم أنه لم يعد ضعيفاً إلى هذا الحد، ويدرك أن هدف المبادئ السورية "الناظمة" هو الشرط الخامس الذي سيضمن لسورية الاحتماء بالفلسطينيين لاسترداد الجولان وإبقاء المسار اللبناني في يدها. ويعلم أن سخط سورية أو رضاها ومعها كل العرب لن يغير في واقعه شيئاً، لأنهم لم يصنعوا شيئاً وهم يناضلون فكيف وهم يسالمون. لكن السؤال المحيّر هو لماذا يفعل الرئيس عرفات كل هذا، ماذا يريد أبو عمار من وراء كل هذا الحلم الذي تنوء بحمله الجبال الراسيات؟ أعان الله عرفات على العرب، أما اليهود فالانتفاضة كفيلة بهم.