أدى الحرص الأردني والعربي على عدم اتاحة المجال أمام انفجار الخلاف على الموضوع العراقي الى تأجيل جلسة مسائية ثانية كان مقرراً ان يعقدها وزراء الخارجية العرب في عمان امس، في اطار اجتماعاتهم التحضيرية للقمة العربية التي ستبدأ في العاصمة الأردنية بعد غد. وانشغل الوزراء بعد الظهر بلقاءات جانبية بهدف التوصل الى صيغة توفيقية في شأن اسلوب طرح الموضوع العراقي على جدول أعمال أول قمة عربية دورية راجع ص5. وقادت المشاورات الجانبية لجنة ثلاثية ضمت وزير الخارجية الأردني عبدالإله الخطيب بصفته رئيس الاجتماع الوزاري، ووزير خارجية مصر عمرو موسى الرئيس السابق، والدكتور عصمت عبدالمجيد الأمين العام للجامعة العربية. وشهد الجناح المخصص للخطيب في فندق "ماريوت"، حيث يقيم الوزراء، العديد من اللقاءات الرباعية والخماسية والسداسية، كان أهمها لقاء جمع اللجنة الثلاثية مع الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد السالم الصباح وزير الدولة الكويتي للشؤون الخارجية، والشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وزير خارجية قطر الذي ترأس بلاده دورة منظمة المؤتمر الاسلامي. كما عقدت لقاءات مماثلة مع وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف، شارك فيها العديد من الوزراء. وبدا من أجواء اللقاءات الجانبية والجلسة المغلقة الصباحية التي عقدها الوزراء في قصر الثقافة الملكي في عمان، ان هناك ما يشبه التوافق على كل المواضيع التي ستطرح على جدول اعمال القمة، بخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وسبل دعم الانتفاضة وكيفية التعامل مع التحديات ومستجدات الصراع العربي - الاسرائيلي، وعملية السلام بسبب سياسة حكومة ارييل شارون، وان كان هناك بعض وجهات النظر التي تتعلق بأسلوب مواجهة التحديات الاسرائيلية واسلوب تفعيل قرارات قمة القاهرة. وكان وزراء الخارجية العرب بدأوا اجتماعاتهم صباح امس بجلسة علنية تحدث فيها موسى والخطيب والأمين العام للجامعة، ثم عقدت جلسة مغلقة طلب في بدايتها وزير الخارجية الاردني، رئيس المؤتمر، ألا يجري الحديث فيها عن موضوع "الحالة بين العراق والكويت" لأن هناك مشاورات ولقاءات جانبية ستخصص لهذا الموضوع قبل طرحه. وعلق الصحاف على كلام الوزير الأردني مؤكداً ان الوفد العراقي يريد طرح موضوعين يتعلقان بالمسألة العراقية، هما الحظر الجوي والعقوبات "الظالمة". وتلافى وزير الخارجية الأردني بتأييد من نظيره المصري ان يتحول كلام الوزير العراقي الى جدل، داعياً الى عدم الخوض في الموضوع قبل استكمال المشاورات الجانبية. وخصصت الجلسة للحديث عن جدول اعمال القمة، والمواضيع التي سيتضمنها، وفي مقدمها الموضوع الفلسطيني، وهنا طلب الوزير الأردني ان يبدأ الحديث رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير فاروق القدومي، الذي ألقى كلمة تحدث فيها عن مطالب الفلسطينيين من القمة العربية. واعترض الوفد العراقي على عنوان جاء في مشروع البيان الختامي للقمة سمي "النزاع العربي - الاسرائيلي"، مطالباً بأن يكون العنوان "الصراع العربي - الاسرائيلي". وتم احتواء هذا الاعتراض بالإشارة الى ان مشروع البيان هو مسودة ستدرسها لجنة الصياغة، فطالب بعض وزراء الخارجية العرب بأن تناقش المسودة في جلساتهم ومن ثم إحالة الصيغ التي يتفق عليها الى اللجنة. وقال وزير الخارجية اليمني الدكتور عبدالقادر باجمال، أحد المطالبين بالمناقشة، ان مسودة مشروع البيان اعدت من قبل مكتب الأمين العام للجامعة والأردن، ولكن اتفق على ان تبحثها لجنة الصياغة كي يتم التوصل الى توافق على الأسس العامة، ويبحث الوزراء ما يظهر حوله خلاف. وعلى رغم ان "الوضع العراقي" بدا كأنه العقبة الرئيسية أمام نجاح الاجتماعات التحضيرية للقمة، أبدى وزير الخارجية الأردني في تصريح الى "الحياة" تفاؤلاً بالتوصل الى صيغة توفيقية ترضي الجميع، وقال: "نعمل ووفود عربية اخرى لها وزنها على هذه الصيغة، ولا نستطيع التحدث عنها قبل تبلورها في شكل شبه نهائي". ونفى ان تكون لهذه الصيغة علاقة بما قيل عن اقتراحات اميركية وبريطانية في شأن العقوبات المفروضة على العراق. وبدا ان الوفد الفلسطيني مصر على ان تصدر القمة قراراً بتبني مسألة استصدار قرار قوي وواضح من مجلس الأمن بإرسال قوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني من الاعتداءات الاسرائيلية، ولو استخدمت الولاياتالمتحدة حق النقض الفيتو. الحضور السعودي الى ذلك أكد الأمير سعود الفيصل ل"الحياة" في عمان امس ان غياب ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز عن ترؤس وفد السعودية الى القمة العربية يعود الى "أسباب خاصة"، موضحاً انه تم اطلاع الملك عبدالله عليها خلال زيارته المملكة الاربعاء الماضي. ونفى الأمير سعود الفيصل ما قيل عن ان بحث الموضوع العراقي هو السبب وراء غياب الأمير عبدالله، مؤكداً ان ترؤس النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبدالعزيز وفد المملكة لا يعني التقليل من أهمية القمة، بل بالعكس، فإن الأمير سلطان يأتي "نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وهو خير من ينوب عنه ويمثل المملكة، فبالإضافة الى دوره المهم والكبير، سبق ان مثل الملك فهد في الكثير من المؤتمرات العربية والدولية المهمة". ورفض وزير الخارجية السعودي "التفسيرات والتحليلات" التي نسبت الى مصادر ديبلوماسية واعلامية في شأن غياب ولي العهد السعودي عن القمة، مبدياً استغرابه ومؤكداً ان المملكة في مقدم الدول التي تدعم لقاءات القمة العربية ثنائية كانت أم جماعية.