يضم مهرجان "شمس" الثاني، هذه السنة، والذي تدور أحداثه المسرحية على خشبة مسرح بيروت - عين المريسة، أكثر من خمسين عرضاً فنياً مسرح - رقص - موسيقى - أفلام تعكس تطلعات الجيل الفني الجديد. جيل يبحث عن هويته وتجربته الابداعية الخاصة على رغم غياب الدعم المادي والمعنوي. وقد انطلق المهرجان في 27 شباط فبراير ويستمر لغاية 27 آذار مارس، قسم منه للأفلام والقسم الآخر لفنون عرض مسرحية ومشهدية، وتتخلله عروض أخرى متنوعة. وفي نهايته، سيُعلن عن أفضل عشرة أعمال حازت غالبية أصوات الجمهور، إضافة الى احتفالات خاصة تقام لمناسبة اليوم العالمي للمسرح. ويبدو أن نشاطات الجمعية التعاونية لشباب المسرح والسينما "شمس"، باتت أكثر بلورة واختراقاً لواقع الشباب الخلاّق. والدليل على ذلك تقاطر المتفرجين، كل ليلة، بأعداد كبيرة للمشاركة في العروض. وتعدّ "شمس" أيضاً لورش عمل ومحترفات متخصصة لتطوير أداء الممثلين، والعاملين في التقنيات المسرحية والمشهدية. وقد استقدمت بعض المحترفين في مجالات فنية مختلفة، من الخارج والداخل، لهذا الغرض. أما عروض المهرجان المسرحية فتفاوتت بين مسودات مشاريع وتفاصيل مكتملة المعالم، أشبه بتفاصيل في لوحات الرسم التي تُبرز لإعطائها قيمة فنية معينة. فعرض "1936" التمثيلي الذي أعده ومثله علي مطر مع الممثلة رانية ماجد اعتمد لعبة اخراجية ذكية استطاع بواسطتها مطر اثبات شرود المشاهدين عن نقاش فكري معقّد نحو لقطات مصوّرة جنسية إباحية، تخللت العرض. وفي المشهد، مخرج يُعدّ مسرحية مونولوجية تسرد قصة فتاة تزور منزل صديقيها الذي يقع في مقابل مبنى تقطنه فتيات الهوى. ويدور نقاش فكري ثقافي بين الصديقين حول أفكار "هايدغر". وتحاول أصواتهما التسلل الى فكر الفتاة المشغول بمراقبة النساء العاريات اللواتي يتنقلن داخل شقق المبنى المواجه. وقد تجسّد هذا الحدث مشهدياً عبر إسقاط صور امرأة عارية على شاشة، فيما دار الحديث بين المخرج والممثلة. فإذا بالمخرج يسألها عن عدد الذين سمعوا نقاشهما أو راقب أداءهما طوال فترة عرض الصور الإباحية. فانقلب الممثل على الخشبة متفرجاً. وجاءت مسرحية "عالدورة" لتُدخل المتفرج في عوالم سريالية ابتدعها المخرج "رامي رامو رابي" من الواقع السوداوي... دراما سلطت الأضواء على حياة روّاد الكورنيش كورنيش "الدورة". قصة رجل هجرته زوجته برفقة ولديهما، وصلت الى ذروتها عند التقاء الزوج المغدور والرجل الذي عاشرته الزوجة في ما مضى، ومن دون أن يدرك أحدهما هوية الآخر، أصبحا من أصدقاء الكورنيش. وفي هذا العرض تميّز اداء بعض الممثلين خصوصاً زياد صعيبي الزوج المغدور وتقلا شمعون الزوجة... أما السينوغرافيا المؤلفة من سلم يتوسط الخشبة الخلفية وصندوقين كبيرين فامتازت بالبساطة. أما عرض "حرد" الراقص الذي قدمه طلاب كلية التربية - الجامعة اللبنانية، اضافة الى رقص الباليه الذي شاركت فيه "داليا نعوس" فكانا أكثر جدية من العروض الراقصة - الايحائية المتبقية. فعرض "حرد" الراقص تمثل بعشرات المؤدين، بثياب سود قدّموا لوحات مشهدية - ايقاعية لافتة بواسطة تحركاتهم المتناغمة والأوعية الحديد "الطناجر" التي حملوها، وكان لها أكثر من وظيفة. أما "داليا نعوس" فتميزت في مشهدها الحركي الثنائي مع محمد بن هاني من خلال براعتها في رقص "الباليه الايمائي" وفي رقص "الباليه كلاسيك" مع زميلاتها على أنغام موسيقية مختلفة. من جهة أخرى تميّز ايماء "منذر بعلبكي" و"خلود ناصر" على رغم تباين نوعية أدائهما. فالأول اعتمد في مشهده، "جنون البقر"، التعبير الجسدي أكثر من الايماء وكان مشهده بعيداً عن تقليد شيء ما أو شخص ما بمقدار ما كان محاولة لإبراز اسلوب تعبيري مستقل. وكانت ايماءات خلود ناصر بعيدة من أي "اسقاط" إلا أن ذلك لم يؤثر في براعتها وقدرتها الايمائية المقتربة من البهلوانية الأدائية.