بدت المقابلة التي أجرتها شبكة "أي بي سي" الأميركية مع النجمة السابقة في السينما والايروبيك والميديا جين فوندا، كأنها انتهاك لقانون الصمت والسرية الذي نجحت في فرضه على حياتها الشخصية مع مؤسس شبكة التلفزة الشهيرة "سي أن أن" تيد تيرنر. أجريت المقابلة مطلع شباط فبراير الماضي، بعد عام على طلاق الزوجين الذي فاجأ الوسط الاعلامي العالمي. حينها، ظهر تناقض مذهل: كيف قدرت شخصيتان عالميتان تعيشان في قلب الاعلام، إخفاء حياتهما الخاصة عن كاميرات باتت وحوشاً نهمة اسطورية لا تكف لحظة عن نبش العالم وأنظمته ومشاهيره وعلمائه وعارضاته... الخ، وصولاً الى الوجوه "العادية" الأكثر بعداً من دائرة الاهتمام العام؟ كيف تمكن فوندا - تيرنر من هذا الخفاء، فيما الاعلام يلتهم ضحاياه تباعاً، من مأساة الليدي ديانا الى الحياة الشخصية للرئيس السابق بيل كلينتون الى الميول الجنسية للممثلة ديمي مور وغيرها. يصعب القول ان فوندا 63 سنة، بعيدة من الضوء، وهي حققت أفلاماً صائتة مثل "انهم يقتلون الجياد، أليس كذلك؟" و"بارباريللا" ونالت أوسكارين عن دوريها في "كلويت" 1971 و"العودة الى المنزل" 1978. ودخلت العمل السياسي الأميركي من باب مناهضة حرب فيتنام، ثم تأييد الغزو الاسرائيلي للبنان، والدفاع عن حق الاجهاض. وزادت أشرطة "الايروبيك" في شهرتها قبل ارتباطها بالعملاق الاعلامي تيرنر. وفي خفاء حيوات المشاهير، وتحت أضواء ساطعة، تحضر صورة اعلام ما بعد الحداثة الذي تنهال سيوله غزيرة لتضرب عين المشاهد وتبهرها على مدار الساعة، الى حد فقدان القدرة على التمييز والسيطرة، والقرب من العماء بفضل شاشات لا تكف صورها عن التدفق المدوّخ. كأنما ثمة أيد ساطية تدفع بتلك الأضواء والسيول اللامعة الى حيث "مطلوب" الانكشاف، ويقدر إبهار الصور واللمعان على منع ظهور أوجه وحيوات "معيّنة"، حتى لو أقامت في قلب لجة الضوء والإبهار.