كتب مؤلف كتاب "رجل الإعلام" كين أوليتا وصفا رائعا لتيد تيرنر في مقال نشر عام 2001 في مجلة نيويوركر، فاز بالجائزة القومية لأفضل وصف شخصية. ولكنه في هذه المرة يلقي نظرة موسعة على هذه الشخصية المتشابكة المعقدة. إذ يصف بالتفصيل كيف حول تيرنر محطة تلفزيونية صغيرة بأتلانتا إلى قناة تلفزيونية قومية ذات سطوة كبيرة. كما يغطي أيضا تحركات تيرنر الأخرى المتعلقة بأعماله، مثل بدء بث وإرسال محطة سي.إن.إن، وبيع شركته إلى شركة تايم وارنر. ثم يوضح أوليتا لحظات مؤلمة أخرى مرت بتيرنر، حيث يصف طفولته الصعبة، وشخصية أبيه مدمن الخمور المسيطر، ثم طلاقه من نجمة السينما جين فوندا، الذي واكب طرده من شركة تايم وارنر التي كان شريكا فيها. كان عمره عندئذ 62 عاما، وشعر أنه رغم إنجازاته الضخمة، إنسان فاشل على المستويين الشخصي والعملي. ويعترف تيرنر بأنه فكر عندئذ في الانتحار. لكنه لم يقم بتلك الخطوة، بل بدلا من ذلك نقل نشاطه للأعمال الخيرية. وحتى هنا كان متميزا. فقد تبرع مثلا بمليار دولار للأمم المتحدة لبدء برنامج لنزع الألغام، وتقديم الدواء للأطفال المحتاجين حول العالم، ومساعدة اللاجئين. وقد ساهم تيد تيرنر نفسه في هذا الكتاب حوالي 20 ساعة من الأحاديث واللقاءات مع المؤلف، حكى فيها عن طفولته ولحظات شخصية أخرى لم يطلع عليها أحدا من قبل. ولا يسير المؤلف في هذا الكتاب حسب الترتيب الزمني، وإنما يتوقف عند المحطات الرئيسية في حياة تيرنر. يصف مثلا حياة تيرنر الجامعية في جامعة براون بكل تفاصيلها الدقيقة، حيث طرد لتعاطيه الكحول في سنته الجامعية الثالثة. ويقول تيرنر عن تلك الفترة:" نعم، كنت متمردا. لكنه لم يكن تمردا على تقاليد الجامعة وقوانينها، بقدر ما كانت أول فرصة لي لأتمرد على أبي وسطوته علي". ثم ينتقل إلى حياته العملية التي تمثل الشق الأكبر من الكتاب. وصحيح أنه يكشف عن كثير من أسرار صفقاته وشركاته، لكن الأهم من ذلك أنه يكشف جانبا من شخصية تيرنر الحقيقية، التي تقف وراء تحقيق هذا النجاح. من بين إنجازات تيرنر الكثيرة التي يعددها الكتاب طرحه لأول قناة تلفزيونية إخبارية تبث إرسالها لمدة 24 ساعة متصلة، ثم تحويله مكتبة أفلام شركة MGM إلى شبكة قنوات كابل، وغيرها من الإنجازات الضخمة في عالم الإعلام. فقد كان من أوائل من تعرفوا على الفرصة الذهبية الكامنة في شبكات الكابل التلفزيونية، ومن أوائل من توسعوا في استخدامها. وهو مثلا رغم بيعه شركته لشركة تايم وارنر، ثم خروجه منها كشريك، مازال له نفوذ كبير في عالم الإعلام، ويؤخذ برأيه في الكثير من القرارات فيه. وهكذا يرسم أوليتا صورة لرجل أعمال وإعلام جسور ومتميز، لم يحقق نجاحا على مستوى شخصي فقط، بل كان رائدا من رواد هذه الصناعة التي ساهم في تأسيسها بمساهمات ومجهودات قيمة للغاية. من أشهر الألقاب التي حاز عليها تيرنر لقب "الفم الكبير". فقد عرف عنه كثرة سقطاته الكلامية، التي يسميها هو "صراحة": ويسميها الآخرون "انعداما تاما للياقة". فقد اضطر مرات عديدة إلى الاعتذار للأمريكيين من أصول هندية وبولندية وإيطالية وغيرها بسبب وصفه لهم وصفا غير لائق. لكنه مستمر في الهجوم والاعتذار، ولا يتوقف عن كليهما. والجدير بالذكر أن أوليتا صحفي بجريدة نيويوركر، كما قام بتأليف تسعة كتب سابقة، منها: الجشع والمجد في وول ستريت، ثلاثة فئران عمياء، رجل الطريق السريع، الحرب العالمية 3.0، والقصة الخلفية. Media Man: Ted Turnerشs Improbable Empire ( Enterprise) By: Ken Auletta 160 pp. - W.W. Norton & Co.